مجتمع

زراعة السمك في الهرمل… كنز مدفون بالإهمال

تعدّ مزارع الأسماك من أهم مقوّمات الإنتاج في منطقة الهرمل وتحديدًا في القرى المجاورة لنهر العاصي، إذ تنتج المزارع المنتشرة على ضفاف النهر ما يقرب أربعة آلاف طن سنويًا، يخصّص قسم منها للسوق المحلّي أمّا القسم الآخر فيعدّ للتصدير إلى الخارج، ممّا يوفر مدخولًا جيّدًا للعائلات التي تعنى بهذه الزراعة.

يعاني هذا القطاع الواعد اليوم كما العديد من القطاعات الإنتاجية في لبنان، من أزمات تعيق تطوّره، إذ شكّلت أزمة الدولار ضربة جديدة منعت استيراد كميات كافية من الأعلاف، كما يؤكد عبد النبي مرضة وهو مربّي أسماك، لافتًا إلى أنّ الوزارة دعمت الأعلاف، إلّا أنّ الكميّة لا تكفي لتلبية حاجة جميع المزارع، ما سيؤدي إلى أزمة في الأيام القادمة.

وأكّد مرضة أنّ مزارع السمك تقوم بتفقيس البيوض وانتاج السمك الصغير إذ يُعمل على تربيته بعناية حتى يبلغ الوزن المطلوب، لافتًا إلى أنّ الأسماك المُنتجة تعدّ من أجود الأنواع  وتخضع للرقابة والمختبرات للتأكّد من جودتها وسلامتها، ولهذا لاقت إقبالًا كبيرًا في الخارج، إذ تُصدّر إلى أفريقيا وساحل العاج والكويت والإمارات والسعودية والأردن والعديد من الدول.

رئيس الجمعية التعاونية لتربية الأسماك في نهر العاصي مشهور مرضة أكّد لـ “أحوال” أنّ هناك 153 مسمكة تنتج ما يقرب 4000 طن سمك بين ترويت وسومو وأنواع أخرى، لافتًا إلى أهميّة هذا القطاع بالنسبة للمزراع وبالنسبة للدولة، إذ يعدّ ثروة اقتصادية كبيرة، مشيرًا إلى عدّة مشاكل تواجه هذه الزراعة بدءًا من حال المزراع الذي لا يملك ضمانًا صحيًّا، إلى أسعار البيوض والأعلاف فجميعها يُستورد من الخارج وبحاجة إلى دولار أميريكي، لافتًا إلى أنّ المشكلة اليوم هي في مصرف لبنان بتأمين الدولار المدعوم للمزارعين.

ولفت مرضة إلى أنّ المزارع اليوم عاجز عن تدعيم مزارعه خوفًا من السيول التي تجرف الرمول وتؤدي إلى موت الأسماك كون الدولة تمنع ذلك بحجّة الحاجة إلى رُخَص، كما لفت إلى أنّ المزارع يمنع من الدخول إلى سوق السمك في بيروت بحجة الرخصة أيضًا، وأنّ القيّمين على السوق لا يسمحوا لهم بذلك.

“أحوال” نقل هذه الصرخة لوزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى الذي لفت إلى أنّ مشكلة الأعلاف تكمن في التجار الذين يستوردونها من الخارج، إذ لا يُدخلوا كميات كبيرة في الوقت الحالي كونهم يركزون على الأعلاف الحيوانية، وأنّ الوزارة توافق على طلبات من يرغب بإدخال هذه الأعلاف، وأنّ هناك شحنة ستصل قريبًا إلى لبنان.

مرتضى لفت إلى أنّ الوزارة تقدّمت بمشروع قانون استزراع السمك إلى مجلس الوزراء، من أجل تنظيم هذا القطاع المهم والحيوي، فالقطاع كان مهملًا ويجب تنظيمه ورعايته، مؤكدًا أن جميع المَزارع أصبح لها بياناتها الخاصة في الوزارة، وأنّ الوزارة ستلحظ دعم هذه المزارع بالأعلاف والبيوض وغيرها عبر المنظمات الدولية التي ستقدّم الدعم لهذه المزارع في الأشهر القليلة المقبلة، لافتًا إلى أنّ شأن مزارعي الأسماك كشأن باقي المزاعين في لبنان، فالوزارة أعدّت مشروع قانون لإنشاء صندوق المزارع  لكافة القطاعات الزراعية، للتعويض عن الأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية، وحدّدت آليه تمويله وكيفية الإشتراك به،  وقد تسلّمته لجنة الزراعة النيابية لمناقشته، كما أنّ الوزارة تعدّ مشروع قانون لإنشاء صندوق ضمان لكلّ المزاعين في لبنان.

وحول حفر المسامك وتدعيمها لفت مرتضى إلى أنّ هذا الموضوع مرتبط بوزراة الطاقة والمياه، كونها المسؤولة عن نهر العاصي، والتي تحدّد الآليات اللّازمة من أجل تنظيم  هذه الأعمال بالأطر القانونية، دون المساس بالأملاك النهرية أو الاعتداء على البيئة.

لا شك أنّ زراعة السّمك في الهرمل تشكّل عنصرًا من عناصر بقاء الأهالي في أرضهم، وتؤمّن لهم ما يكفي قوت يومهم، وحسب ما يشير المزارعون فأنّ هذه الزراعة تستطيع أن تقوم بنهضة في المنطقة على كافة الصّعد، إذا لاقت الدعم اللّازم من الدولة الغائبة منذ زمن بعيد عن المنطقة وأهلها.

 

منير قبلان

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى