جوزف طوق ضحية الرصاصات الأربع لعامل سوري والعقلاء يمتصّون غضب الشارع
أربع رصاصات كانت كافية لإطفاء شمعة الشاب جوزف طوق على يد عامل سوري على طريق الأرز – بشري. رحل جوزف كبير العائلة وهو في النصف الثاني من العشرين تاركاً والدين وشقيق وشقيقة ورفاق وأحباء مفجوعين وأحلاماً ومستقبلاً لن يـأتي في دولة تدفن شبابها وهم أحياء، إذ إنه من الشباب الذين نجحوا في دورة الجمارك منذ سنوات وينتظر “الفرج” السياسي كي ينال حقه بالدخول إلى السلك بعدما تخصص في هندسة الميكانيك.
غضب عفوي ساد بشري على جريمة فردية وإعتداءات على بعض السوريين المقيمين فيها نجح العقلاء بوضع حد فوري لها. فيما سارعت النائب ستريدا جعجع لحظة سماعها بالفاجعة، إلى الاتصال بقائد الجيش العماد جوزاف عون، وتمنت عليه توقيف القاتل فوراً والعمل على ضبط الأمن في المدينة، وعدم السماح لأي كان باستغلال هذه الحادثة من أجل إخلال الأمن فيها. غير أن ما يوازي خطر السلاح المتفلت الذي سرق حياة جوزف هو سلاح “الشائعات” التي راحت تؤجج الغليان حيث جرى التداول عن الانتقام بالقتل من ثلاثة سوريين وعن أن مشهد قتل العامل المصري الذي قتل أربعة أبرياء من أسرة وأحد في بلدة كترمايا في 28 نيسان 2010 والتنكيل بجثّته ثم تعليقه على عمود في ساحة البلدة سيتكرر في ساحة مار سابا في بشري. إلا أن الحكمة طغت على التهور ونجت بشري من “ثأر همجي” حيث ردات الفعل لم تكن لتكون أقل لو أن الجريمة إرتكبها أحد أبناء المدينة.
جريمة مقتل طوق تعيدنا بالذاكرة الى جريمة مقتل الشابة ريا الشدياق في منزلها في مزيارة في 22/9/ 2017 على يد ناطور منزلها السوري بعدما حاول سرقتها وإغتصابها. وكذلك الى جريمة قتل الشابة ميريام الاشقر في 21/11/2011 خلال زيارته دير سيدة البشارة المجاور لمنزلها في ساحل علما لأداء الصلاة، حيث عمد ناطور الدير الى وسرقتها ومحاولة اغتصابها ومن ثم قتلها. لكن الخطورة في جريمة الأمس أن الجاني إستعمل سلاحاً نارياً لا سكيناً.
هذا الأمر، يفتح الباب مجدداً على السلاح المتفلت في لبنان والذي لم يعد حكراً على اللبنانيين وعلى مدى إنتشاره خصوصاً بين السوريين من عمال ولاجئين لأن أعدادهم كبيرة حيث لبنان هو البلد الاول في العالم من حيث عدد اللاجئين على عدد الموطنين إذ يقارب ثلث عدد السكان.
صحيح أن الجرائم التي ترتكب فردية ومرتكبيها في معظم الأحيان عمال لا نازحون وأن لبنان تاريخياً يعتمد على اليد العاملة السورية من قبل حرب سوريا عام 2011 لا بل من قبل حرب لبنان 1975 ، ولكن هكذا يزيد الإحتقان في مجتمع يشعر فيه اللبناني أن اللاجئ يأخذ من أمامه فرص العمل ويحصل على مساعدات لا ينال لبنان كمجتمع مضيف إلا الشيء الزهيد منها رغم حجم تداعيات اللجوء على البنى التحتية والقطاعات التربوية والاستشفائية عندنا.
فيما دعا رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع أهل بلدته الى التعقّل والاحتكام للقانون والاعتماد على القوى الامنية، وفيما دعا المجلس البلدي لبشري الى إبعاد كل السوريين غير الشرعيين عن المدينة وتفتيش السوريين الشرعيين للتأكد من عدم تسلحهم وحض الاهالي على الاعتماد على يد عاملة لبنانية، إرتفعت أصوات بعض الفاعليات من دارة النائب السابق جبران طوق تدعو الى ترحيل جميع السوريين ولاحقا تنظيم عودتهم. يبدو ان لغة العقل تغطت عند من هم في موقع المسؤولية في بشري بعيداً عن أي عنصرية ولكن تدارك هكذا حوادث اليمة قد تشهدها أي بلدة لبنانية بخطوات وقائية من قبل القوى الامنية والعسكرية عبر التشدد بمكافحة السلاح المتفلت وخصوصاً بين العمال الاجانب، لأنه “مش كل مرة بتسلم الجرة”.
جورج العاقوري