سياسة

هل سيتمكن لبنان من استثمار ثروته النفطية في ظل “نظام الفساد”؟

أبو زيد لـ"أحوال": "الترسيم" حقق ثلاثة أهداف.. "نوفاتك" لم تُسّحب!

رغم انجاز ملف ترسيم الحدود والمنطقة الاقتصادية وتقاسم الثروة النفطية وترقب توقيع الرسائل بين لبنان والعدو الإسرائيلي كل على حدة مع الولايات المتحدة الأميركية أواخر الشهر الجاري، إلا أن حملة التشكيك بأهمية انهاء هذا الملف لم تتوقف، تارة بأن الكميات الواعدة في حقل قانا ليس بكثيرة وليس بمردود مالي وافر، وطوراً بأن استخراج الغاز والنفط يتطلب اجتياز مراحل عدة تقنية وقانونية قد يطول لسبع سنوات وقد تتهاوى أسعار النفط حينها.

وبعيداً عن المشككين تطرح تساؤلات عدة حول مدى إمكانية الاستفادة من الثروة النفطية بظل منظومة كاملة من الفساد تعم البلاد، وعدم وجود إصلاحات وتشريعات وقوانين لحماية العائدات النفطية من السرقة والفساد.

وهل يمكن أن يكون الصندوق السيادي هو السلاح الناجع لدرء الفساد؟

يرى مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية النائب السابق أمل أبو زيد أن “عهد الرئيس ميشال عون حقق جملة إنجازات كان أهمها ترسيم الحدود البحرية والاقتصادية مع العدو الاسرائيلي، ووضع لبنان على الخارطة النفطية والغازية بالشرق الأوسط، وبالتالي سيلعب دوراً في المستقبل القريب خلال 5 سنوات من تاريخ بداية الاستكشاف والتنقيب الفعلي، والكثير من القوى السياسية لم يتمنوا حصول هذا الإنجاز في ولاية عون بسبب النكد السياسي”.

ويشير أبو زيد لـ”أحوال” الى أن “انجاز ملف ترسيم الحدود يحقق للبنان ثلاث أهداف أساسية:

-عودة الشركات الأجنبية الى لبنان لا سيما شركتي “توتال” و “ايني” بعدما تم إيقافهما عن العمل بقرار خارجي فور صدور التقرير الذي يؤكد وجود نفط وغاز في الحقول اللبنانية وذلك لأسباب سياسية.

-التنقيب سيساهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة بإعادة تكوين الاقتصاد اللبناني والنهضة، وهنا أهمية إقرار قانون الصندوق السيادي.

-كسر الحصار الخارجي والأميركي خصوصاً على لبنان بعد اتصال الرئيس جو بايدن بالرئيس عون، وبالتالي سيصار الى تفعيل خط الغاز العربي مع تسهيلات مالية من البنك الدولي وخرود تدريجي من العقوبات.

ويعتبر أن كل ما حصل في لبنان من انهيار وحصار وضغوط كان يعبر عن موقف سياسي كبير ومرسوم يتعلق بملف النفط والغاز ووجود المقاومة، لمنع لبنان من استثمار ثروته لكي يتمكن العدو من استثمار الحقول داخل فلسطين المحتلة، ولذلك كان استهداف الرئيس عون نظراً لدوره في حماية المقاومة، لا سيما وأن وزارة الطاقة أسست البنية القانونية والتشريعية للملف النفطي عندما كان النائب جبران باسيل وزيراً للطاقة.

ويشدد أبو زيد على أن “المعادلة التي وضعها النائب باسيل قانا مقابل كاريش، وأعقبها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بمعادلة ما بعد بعد كاريش أعطت زخماً كبيراً للمفاوض اللبناني لتحصيل الحقوق السيادية”.

ويرى أن “كل ما كان يحصل منذ 17 تشرين 2019 مدفوع ومخطط لفرض شروط سياسية واقتصادية ونفطية على لبنان لكن لا يلغي ذلك وجود أسباب جوهرية للازمة مالية واقتصادية ونقدية في ظل منظومة الفساد التي حكمت طيلة العقود السابقة”.

ويضيف: “حاجة أوروبا للغاز وقرار الأميركيين بالحد من اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، دفع بالأميركيين للبحث عن البدائل من الشرق الأوسط، وبالتالي يجب توفير الاستقرار في الشرق الأوسط لنقل النفط الى أوروبا كون لبنان لم يعقد اتفاق تطبيع وسلام مع إسرائيل، فكان التوجه لتوقيع ترسيم الحدود”.

ويلفت أبو زيد الى أن “لبنان دولة غنية نفطياً وغازياً لكن المشكلة بالتشريعات الضريبية، هناك مشاريع قوانين أقرت بموضوع النفط والغاز والطاقة الهوائية والكهربائية وهناك دور لمجلس النواب باستكمالها، حتماً لبنان وضع قدمه في المنظومة النفطية والغازية للأجيال المقبلة”.

ويشير الى أن “للدول مصلحة بالاستثمار في لبنان في قطاع الطاقة، إذ لا تأتي شركة بلا قرار من الدولة التي تنتمي اليها، إضافة الى القرار الدولي الذي يسمح للشركة بالذهاب بوجود استقرار في المنطقة التي تريد التنقيب فيها”.

ويوضح أبو زيد أن “التباين بين الولايات المتحدة والسعودية بسبب الموقف الذي اتخذته المملكة مع روسيا ودول أخرى بخفض الإنتاج النفطي، لا يعني قطيعة بين الولايات المتحدة الأميركية والسعودية التي لديها هامش حركة وتطلق قراراتها لا سيما الاقتصادية وفق مصالحها”.

ويستبعد أن ينعكس الخلاف الأميركي- السعودي على الساحة اللبنانية، ويعتبر أن “السعودية دولة أساسية بالخليج ولا يمكن اختزال الدور السعودي في ملف النفط والغاز حتى لو دخلت شركة قطرية الى كونسورتيوم الغاز والنفط اللبناني”.

ويؤكد بأن “الدور القطري مسهل لترسيم الحدود وهناك اتفاق بين قطر وروسيا على أن تحل شركة قطرية مكان شركة نوفاتك الروسية من الاستثمار في لبنان”، مكرراً التأكيد بأن لا قرار روسي بسحب نوفاتك أو أي شركة من لبنان، والدليل وجود شركة روسية تعمل بمنشآت النفط بطرابلس”.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى