مجتمع

جولة لـ”أحوال” في مناطق الدمار: أين ذهبت أموال الجمعيات؟

بعد 6 أشهر على انفجار المرفأ... الترميم بطيء والسكان يستنجدون

تمشي في شوارع الجميزة ومار مخايل فتلاحظ أنّ الدمار ما زال مخيّمًا على الكثير من البنايات، وأنّ هناك بنايات قيد الترميم، لكنّ العمل فيها ما يزال بطيئًا كما صرّح أكثر من شخص في هذه المنطقة.

روجيه حداد الذي يمتلك بناية من 9 شقق في الجميزة تدمّرت بالكامل، يقول إنه “منذ خمسة أشهر أتت عدّة جمعيات وأخذت معلومات تفصيلية عن كلّ شقة في هذه البناية، لكن لم يساعدني أحد في إعادة إعمارها لأنّها مُكلفة جدًا، وهي تتخطّى الـ 500 ألف دولار، لذلك لم تعرض أي جمعية دفع هذه المبالغ الكبيرة… أمّا سكان الشقق فما زالوا مهجّرين، وحالهم مثل معظم سكان البنايات في هذا الحَي، فبعد ستة أشهر لم تعد إليه سوى نسبة 20 في المئة من السكان”…

أمّا غسان زيتون، وهو صاحب محل خرضوات في الجميزة، فيصرّح بأنّه “ما زال ينقصه ترميم سقف المحل والفو بلافون، وهناك تصليحات داخلية لم تتمّ بعد لأنّها تحتاج الى أموال، والوضع المادي الآن “مش وَلا بُد” بسبب غلاء الأسعار وانتشار كورونا”…

وبالنسبة الى محل دكاش ليكور ستور، حيث يُباع مختلف أنواع المشروبات الروحية والعصائر، فتقول مالكته مريم دكاش: “بقينا 3 أشهر نرمّم في هذا المحل، وننزع الحجارة والرمل والوحل عن أرضه ومحتوياته… وهناك جمعية واحدة تبرّعت بإصلاح زجاجه وفتريناته والتمديدات الكهربائية”، وتضيف بأنه “إلى الآن لم تصلنا أيّ تعويضات من الدولة، حتى مبلغ الـ 400 ألف ليرة لم نحصل عليه بعد”.

دافيد سابيلا، صاحب مطعم “سبايسي نامبر 7” في الجميزة يقول: “بعد أن تدمّر مطعمي بالكامل، عدت واشتريت الكثير من موجوداته كالزجاج والألومنيوم والبلاط… ودفعت من جيبي حتى الآن 150 مليون ليرة على سعر دولار يتراوح بين 8000 و9000 ليرة… علمًا أنّني لم أقبض شيئًا من المساعدات التي كانت مخصصة للمحلات”…

وإذا انتقلنا الى شارع فرعون مار مخايل فإننا نلاحظ أنّ الكثير من البنايات فيه قد رمّمت من الخارج، وتقول مصادر موثوقة: “إنّ قسمًا كبيرًا من بنايات هذا الشارع أُصلح من الخارج، لكنّ الاقفال بسبب وباء كورونا أعاق السرعة في إنجاز الأعمال، وبعدما سمحت الدولة للورَش أن تعود للبناء، عادت الى الاهتمام بالشارع وهي تأمل ألّا يقفل البلد مرة أخرى”.

لكنّ جورج مسلّم، وهو صاحب صالون حلاقة مقابل كنيسة مار مخايل النهر يقول: “أتت عدة جمعيات “كَتّرت حَكي، وفَلِّت”… ولم تساعدني في ترميم أي شيء في محلّي… فقمت بإصلاح كل شيء مع أنني واجهتُ صعوبات مادية كبيرة من ناحية التلاعب بأسعار الدولار، وإنّ كل ما ادّخرته لتعليم أولادي أنفقته على إصلاح محلي”.

وفي شارع الربّاط، وهو أكثر شارع تضرّر من انفجار المرفأ لأنه مواجِه له، نلاحظ أنّ ترميم البنايات واضح للعيان، لكنّ المشكلة تكمن في تأهيل شقق هذه البنايات من الداخل، فنهاد عبدو، وهي امرأة تملك شقة في هذا الشارع، صرّحت “بأنّ الشقق من الداخل ما زالت بمعظمها غير صالحة للسكن، حتى الدولة لم تعطنا تعويضات الى الآن، مع أنّها أجرت مسحًا شاملا في هذا الحي… وإنني أوجّه صرخة الى مؤسسات الدولة كي تساعدنا، لأنّ شقق البنايات لا تزال بحاجة الى ترميم من الداخل إضافة الى تجهيزها بالمحتويات المطلوبة لكي تصبح صالحة للسكن”.

وبعد استمزاج مختلف آراء سكان الجميزة ومار مخايل، الذين ما زالوا موجودين هناك، إتّضح أنه لا يزال هناك الكثير من العمل كي يتم ترميم البنايات خارجيًا وداخليًا كي تصبح صالحة للسكن، إضافة الى المؤسسات الصغيرة والكبيرة، وأنّ نسبة 20 أو 30 في المئة من السكان قد عادت الى هاتين المنطقتين، كما اتّضح أنّ هناك عدة جمعيات ومؤسسات خاصة دفعت أموالا في سبيل الترميم، وجمعيات أخرى وَعدت ولم تفِ بشيء من وعودها، متحجّجة بتفشي وباء كورونا، فأين ذهبت الأموال التي أخذتها؟ هل أصبحت في عوالم المجهول؟ وهل سيظلّ السكان مُشتّتين في أماكن كثيرة من البلد وحياتهم على كف عفريت، وكم سيمرّ من الوقت ليعودوا الى شققهم ويبدأوا حياتهم الطبيعية؟ هذه الأسئلة نضعها برسم المسؤولين لعلهم يجيبون عنها من دون أن يخلقوا حججًا وأعذارًا وتخيّلات…

 

طوني طراد

طوني طراد

كاتب وصحافي لبناني. حائز على ماجستير في اللغة العربية من الجامعة اللبنانية. صدر له عدة دراسات سياسية وأدبية ابرزها كتاب "صورة المرأة في شعر ميشال طراد".

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى