كورونا تقطع أنفاس الرياضيين في لبنان
تلقى الرياضة إهتمام ومتابعة الشباب بغالبيّتهم. إلّا أنّ وزارة الرياضة في لبنان، والتي يُفترض بها أن تكون أكثر الوزارات ديناميكيةً، لم تعمل حتّى على تحديث موقعها الإلكتروني منذ العام ٢٠١٩. هذا الإهمال لا يختلف عن إهمال الدولة للقطاعات الإنتاجية الأخرى، القادرة على تحقيق النمو الاقتصادي الوطني. فالقطاع الرياضي يلعب دورًا اقتصاديًّا مهمًّا، نظرًا لإرتباطه بقطاعات عديدة، كقطاع الفنادق والسياحة والإعلام والخدمات الإعلانية وغيرها.
كما في كلّ مرّة تتخلّى فيها الدولة عن واجباتها، لم تفوّت الأحزاب السياسية وقادتها في لبنان الفرصة للبروز ولشدّ العصب. فشكّلوا مصدرًا لتمويل ولريع المباريات والمنتخبات والفرق اللبنانية، طيلة السنوات الماضية. ولكن منذ أن تأزّمت الأوضاع الإقتصادية في البلد، وبعد أن حجزت المصارف على أموال المودعين، تراجعت إيرادات القطاع الرياضي بشكل كبير. وهذه الضائقة المالية، هي كسيف ذو حدّين على الرياضة؛ إذ أنّها فرملت التمويل من جهة، وخفّفت من حماس المشجعين من جهة أخرى، حيث استقطبت لقمة العيش إهتمام المواطن من دون أي منافس.
سلوك الدولة اللامبالي
بعد أن تربّص هذا الواقع الصعب بالروح الرياضية في لبنان، قضت جائحة الكورونا على آخر أنفاس اللبنانيين، الذين علّقوا آمالهم بأن تتمكّن الرياضة من إيصال الصورة الجميلة عن وطنهم إلى المجالس العالمية.
على الرغم من كل الصعوبات التي يواجهها القطاع الرياضي، استمرّت الدولة بسلوكها اللامبالي. وانحصر الأمر لدى وزيرة الشباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال فارتينيه أوهانيان، بإعلانها عن حرصها تأمين اللقاح المضاد لفيروس كورونا وفحوص الـ PCR للاعبين والرياضيين؛ علمًا أنّ اللقاح حق يجب توفيره لكل مواطن يطلبه من دون منّة من أحد. هل تكتفي الرياضة بهذه اللفتة لتخطّي مشاكلها؟
اللاعب اللبناني يغادر لبنان
في حديث لموقع “أحوال” مع المحامي تميم سليمان رئيس نادي العهد، اعتبر أنّ لبنان بلد ضعيف أساسًا بمنشآته وإمكانيّاته الرياضية، وازداد الحال سوءًا مع كورونا. يلفت سليمان، إلى أنّ إنتشار الوباء قد حرم كرة القدم من الحضور الجماهيري، وبالتالي حرم لاعبي كرة القدم من حافزهم الأساسي، وحرم المباريات من الريع أيضًا.
وفي الشق المادّي، بات من المستحيل تسديد الأجور بالعملة الصعبة؛ وبعد أن عمل لبنان على استقطاب اللاعبين اللبنانيين من الخارج، والطلب منهم الإنضمام إلى المنتخبات الوطنية، يسعى اللاعب اللبناني اليوم إلى مغادرة لبنان، بسبب تدنّي قيمة الليرة اللبنانية. هذا فضلًا عن فقدان كرة القدم لمصدر دخلها الأساسي، أي السياسيين والأحزاب، وأصبحت تعتمد على مبادرات بعض رجال الأعمال الفرديّة، والتي تُعتبر غير كافية في ظلّ الوضع المصرفي القائم.
عن كأس الإتّحاد الآسيوي، أكّد رئيس نادي العهد، بأنّ لبنان سيشارك من أجل ضمانة البقاء والاستمرارية في المحافل الدولية؛ ولكنّه توقّع تراجع مستوى الأداء عالميًّا ومحلّيًا.
قطع الفيروس أوصال السباقات
من جهته أشار الإعلامي الرياضي طوني حايك لموقع “أحوال”، إلى أنّ جائحة كورونا قد صدمت العالم بأثرها السلبي على الرياضة الميكانيكية بشكل عام وفي لبنان بشكل خاص. لقد قطع الفيروس أوصال السباقات، بينما في أوروبا والخليج لا زالت الراليات قائمة؛ فالبارحة رالي قطر وقبله الرالي العريق داكار، الذي جرى في السعودية ضمن إجراءات وقائيّة عالية.
ويرى حايك، أنّنا خسرنا السنة الماضية جولة من بطولة الشرق الأوسط، هو رالي لبنان الدولي. أمّا السبب فهو غياب المسؤولين وأصحاب الإختصاص، والعجز عن إدارة السباق في ظلّ تفشّي الوباء.
وبالنسبة لأبطال الراليات، فوباء كورونا هو عدوهم اللدود؛ لكونه يضرب الجهاز التنفسّي، وهو قادر أن يحرمهم من لياقتهم البدنية ومن المشاركة. وهناك أبطال أصيبوا بالعدوى في العالم، ومن بينهم سائق الفورمولا واحد البريطاني لويس هاميلتون.
كذلك توقّف حايك، عند الجار العزيز لكورونا في لبنان، وهو الوضع الاقتصادي المتأزّم.
ورأى أنّ الإنهيار الحاصل قد ساهم وسيساهم في قتل الرياضة الميكانيكية، وبخاصة للسائقين المتوسطي الحال، وهم يشكّلون الأكثرية في السباقات. فقطع الغيار تُسعّر بالدولار الأميركي، وأموال هؤلاء محجوزة في المصارف مثلهم مثل جميع المموّلين، فلا راليات من دون مشاركين ومن دون تمويل ولا حضارة من دون رياضة.
ناريمان شلالا