
في سياق متصاعد من تحويل المساعدات الإنسانية إلى قنوات مصرفية خارجية، تشير تقارير من مصادر مالية مقرّبة إلى أن جميع الأموال المجموعة عبر الحملات الشعبية والدولية لدعم المناطق المتضررة في سوريا، يتم إيداعها بالكامل في البنك المركزي التركي، دون أن يصل أي منها إلى الخزينة السورية الرسمية.
ووفقاً للمصادر ذاتها، يُبرر ما يُعرف بـ”الفريق الاقتصادي” التابع لتيار “الجولاني” هذا التوجه باستمرار العقوبات الدولية على سوريا، والتي تمنع – بحسب زعمهم – تحويل الأموال عبر القنوات الرسمية.
إلا أن مراقبين يشككون في هذا التبرير ويشيرون إلى أن هذه الآلية تحوّل المساعدات إلى أداة لتمويل جهات محددة وتعزز الاعتماد الاقتصادي على تركيا على حساب الاقتصاد السوري، ما يطرح تساؤلا حول الهدف الحقيقي من هذه الخطوة!
يُذكر أن مصطلح “الفريق الاقتصادي” يستحضر في الذاكرة نموذجاً سابقاً مع “الفريق الاقتصادي البعثي”، الذي استخدم البنوك اللبنانية في السابق كقناة رئيسية لاستقطاب الأموال السورية، تحت حجة مشابهة هي “الحصار الاقتصادي” ، لينتهي الأمر باختفاء ما يقارب أربعين مليار دولار من مدخرات السوريين.
اليوم ، يرى محللون أن التاريخ يعيد نفسه ، وإن كان بوجه جديد ومسار مختلف.
فبينما كانت الوجهة اللبنانية سابقاً ، أصبحت الوجهة حالياً تركية ، تحت ما يُسمى حملات #أبشري_تركيا بشكل غير مباشر ، مما يثير تساؤلات حادة حول الهدف الحقيقي من وراء تحويل مسار التبرعات وحرمان الاقتصاد السوري الداخلي من أي سيولة مالية منقذة.
خلاصة القول بين مطرقة الحاجة الإنسانية وسندان الاستغلال السياسي والمالي، تتحول قضية التبرعات إلى ملف معقد، لا يقل خطورة عن الوضع العسكري على الأرض، حيث تتحكم حسابات القوى النافذة في تدفق الأموال، وتستثمر في معاناة السوريين لتحقيق مكاسب إستراتيجية ومالية حيث ان تركيا هي المستفيد الاقتصادي الأول!