في الخامس عشر من أيار ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان بخبر وفاة “حارس تاريخ بيروت” الدكتور حسان الحلاق عن عمر يناهز الـ 78 سنة، حيث شكل رحيله مادة الحدث على الساحة المحلية، فنعاه أهل الوسط السياسي والاجتماعي والديني والتربوي والثقافي، مستذكرين مآثره ومواقفه ومدوناته التاريخية.
فهو ذلك الرجل الذي أعطى لتاريخ مديتنه وأهلها كل الاهتمام البحثي والثقافي تاركاً إرثاً كبيراً من الأبحاث والمنشورات التي توثق حقباتها.
كتب تاريخ المدينة الحديث والمعاصر بشغف واتخذ من تراثها هوية شخصية، اقترن اسمه دوماً بـ”بيروت المحروسة” فدوّن تاريخها بحبر صبره ومتابعاتها الحثيثة.
المؤرخ والكاتب الاكاديمي الذي نشر التاريخ البيروتي والثقافة البيروتية في كتب ومقالات لبنانيًا وعربيًا، ولد في بيروت في منطقة الطريق الجديدة، متزوج وله ولدان (مازن وخلدون) وثلاث بنات (نوار، رشا وسارة).
حاصل على دبلوم في الدراسات الإسلامية ثم ماجستير في التاريخ عام 1977، ودكتوراه من جامعة الإسكندرية عام 1981.
غاص بعمق في ملفات التاريخ فصوّب جوانب مهمة من التاريخ العثماني وتاريخ بيروت ولبنان وفلسطين. وهو أول من استخرج وحقق ونشر سجلات المحكمة الشرعية في بيروت، وأصدر كتباً ودراسات عديدة معتمدة على هذه السجلات. وتضم مجموعته الوثائقية حوالى 100 ألف وثيقة غير منشورة. وبواسطة هذه الوثائق والمؤلفات تمت إعادة كتابة التاريخ العثماني واللبناني.
وهو أيضاً أول من استخرج وحقق ونشر سجلات ووثائق بلدية بيروت المحروسة. واضعاً مشروع وثيقة بيروت في “مؤتمر وثيقة بيروت”.
لم يقف عند تمجيد تاريخ “بيروت المحروسة” بل عمد إلى تكريم أهلها، عبر وضع موسوعة حديثة عن العائلات البيروتية تتحدث عن “أصلها وفصلها”.
له مؤلفات عدة ترجم الكثير منها إلى الألمانية والإنكليزية. وهو عضو في اتحاد الكتاب اللبنانيين. وحائز على جائزة جامعة الإسكندرية التقديرية عام 2007.
ألّف الحلاق أكثر من خمسين مؤلفاً في مواضيع تاريخية وإسلامية، ومن أشهرها:
– دور اليهود والقوى الدولية في خلع السلطان عبد الحميد الثاني عن العرش 1908 – 1909.
– تعريب النقود والدواوين في العصر الأموي.
– دراسات في تاريخ لبنان المعاصر 1913 – 1952.
– بيروت المحروسة في العهد العثماني.
– تاريخ الشعوب الإسلامية.
– موقف الدولة العثمانية من الحركة الصهيونية، 1978 م.
– المعجم الجامع في المصطلحات الأيوبية والمملوكية والعثمانية ذات الأصول العربية والفارسية والتركية، بالتعاون مع عباس صباغ، صدر عن دار العلم للملايين في بيروت سنة 1999م.
وكان الدكتور الحلاق أستاذ للتاريخ في الجامعة اللبنانية وجامعة بيروت العربية، وعضو في اتحاد المؤرخين العرب، عضو اللجنة الوطنية اللبنانية لليونيسكو في العام 2003، عضو لجنة البحث العلمي في جامعة بيروت العربية في العام 2012، نائب رئيس جمعية البر والاحسان، نائب رئيس مجلس امناء جامعة الامام الأوزاعي الإسلامية.
عمي الحبيب بأمان الله،
ستبقى الحاضر الدائم في ذاكرة اللبنانيين.
ناديا الحلاق
