مجتمع

“أحوال” يلتقي الأستاذ الذي هزّت صورته المجتمع اللبناني

سليم سعد: صورتي تجسيد لمعاناة التعليم عن بعد

لا يختلف اثنان في لبنان على صعوبات تطبيق التعليم عن بعد التي تترافق مع صرخات الاهالي والاساتذة اليومية بسب المشاكل التي يواجهونها ، منذ اعتماد هذه الطريقة التي فرضتها جائحة كورونا.

في الساعات الأخيرة ، انتشرت صورة على مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع ، ووصلت الى تراند اليوم، وهي تعود لمدرّس يجلس أمام مقهى مقفل لتزويده بالانترنت، بعد انقطاع التيار الكهربائي في منزله.
“أحوال” تواصل مع صاحب الصورة، ويدعى سليم سعد، وهو مدرّس لمادة علم الاجتماع لطلاب الثانوية العامة، في مدرستين ثانويتين داخل مدينة صيدا.

لم يتوقع سعد أن تنتشر صورته بهذه السرعة ، بعد مبادرة يصفها ب”ردة فعل طبيعية” لكل أستاذ يواجه صعوبات التعليم عن بعد.
يعمل سعد في مجال التعليم منذ خمس سنوات، وهو يحبّ مهنته ، وكانت الصورة دليل على ذلك. هو يقوم بواجبته تجاه طلابه، بغض النظر عن موقفه من التعليم عن بعد.

ويروي سعد ما حصل معه بعد شعوره باليأس من ضعف الانترنت في منزله، فقرّر أن ينتقل الى صديقه الذي يملك مقهى مجاور من المنزل، للاستعانة بخدمة الأنترنت. عادة”، يلاقي طلابه يومياً عن بعد عند الثامنة صباحاً ، وكي لا يجعلهم ينتظرونه لتقديم صف مادة “علم الاجتماع” ومدته ٤٠ دقيقة، قرّر الاستعانة بانترنت المقهى والجلوس على قارعة الطريق ، مع العلم أن المقهى لا يفتح أبوابه خلال فترة الحجر الصحي.

اختار الوضعية المناسبة أمام المقهى ، وفتح حاسوبه ليبدأ التعليم كالعادة. في هذه الأثناء قام أحد الأصدقاء الذي تواجد صدفةً في المكان بتصويره وارسال الصور إلى مجموعات الأصدقاء، حيث رحّب سعد بالفكرة ” كي يعلم الجميع معاناة الأساتذة مع التعليم عن بعد”، بحسب تعبيره.

يؤكد سعد أنها ” ليست معاناة الأساتذة فقط، بل الأهالي والطلاب أيضا”، واصفاً الصورة التي انتشرت له ب” صورة المعاناة”، لافتاً الى وجود “قسوة في التعليم عن بعد الذي يتمتع بقواعده الخاصة وهي مفقودة في لبنان”.

يتوقف سعد أمام فكرة عدم توفير الكهرباء بشكل نظامي، يتبعها مشكلة الانترنت، ليجزم أن المسألة ” ليست شخصية بل تشمل لبنان بأكمله، وهي نتيجة لقرارات وسياسات خاطئة”. ويتساءل كيف” هناك مدارس تعتمد تقنية التعليم عن بعد، في حين أن أخرى فضّلت التخلي عنها”.

رغم ذلك، لم يتخل عن واجباته المهنية في الظروف الصعبة، ويؤكد أنّه كأستاذ وجد نفسه أمام عدة خيارات للتعليم في ظلّ جائحة كورونا، إمّا التواصل مع الطلاب عبر تطبيق” الواتس أب”، أو إرسال الوظائف والشرح من خلال البريد الالكتروني، أو التعليم عن بعد، ليقع خياره على الوسيلة الأخيرة ، وذلك بسبب رغبته في النقاش مع طلابه الشباب “كي تتثبت الأفكار في عقولهم”، بحسب تعبيره.

وعن ردة فعل طلابه تجاه صورته التي انتشرت، يؤكد سعد أنّ “الأكثرية تفاعلت مع الموضوع بشكل إيجابي وقامت بنشر الصورة على صفحات التواصل الاجتماعي”.

يبدي سعد امتنانه لهؤلاء الطلاب ، ليتوقف عند تعامله الخاص معهم ويقول ” أنا لست مع فكرة التعليم التقليدي وأتعامل مع طلابي من منطلق الصداقة والأخوة”.

في الوقت نفسه، يعبّر عن انزعاجه من بعض الاشخاص الذين” قرأوا الصورة بطريقة مغايرة”، ووصفوه بأنه يظهر في صورة ” الشخص الفقير الذي يتوسّل للمال”.

يجرم سعد أن ” الغاية من الصورة كانت نقل المعاناة حصراً”، مع العلم أنها ” لن تحرّك ساكناً الجهات المعنية” ، والدليل على كلامه هو ” رفضه لتحويلها الى بروباغندا اعلامية”. ويلفت الى أنّه بعد انتشار الصورة تواصلت معه عدد من القنوات للظهور الاعلامي ورفض، كما رفض مبادرة تدعوه الى زيارة وزير التربية د. طارق مجذوب لنقاش هذه المسألة، ليؤكد ” مكاني المناسب هو في المدرسة وليس أمام عدسات الكاميرات لكسب أضواء الشهرة”.

أما “المضحك المبكي ” بالنسبة له، فهو الاتصال الذي تلقاه من شركة “أوجيرو” للاتصالات” بعد انتشار الصورة، ومضمونه عرض من أحد موظفي الشركة باستبدال مكنة الانترنت بأخرى تكون أكثر سرعة”، الا أن سعد رفض ليؤكد من جديد أن ” المشكلة تقع في النظام بكامله وليس في تغيير مكنة”.

زينة برجاوي

صحافية لبنانية تعمل في مجال الصحافة المكتوبة وإعداد البرامج. تحمل الإجازة في الإعلام من الجامعة اللبنانية الأميركية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى