مجتمع

بالأرقام: العام 2020 الأسوأ في ضحايا حوادث السير… والآتي أسوأ

قد يكون لبنان من أكثر البلدان التي تشهد عدد ضحايا كبيراً بسبب حوادث السير. وقياس هذه النسبة يقوم على اعتبار أن لبنان بلد صغير من حيث المساحة وعدد السكان ونسبة السيارات التي تشغل طرقاته، في مقابل دول كبرى كروسيا مثلاً.
وتبين إحصاءات صادرة عن منظمة “يازا” المعنية بشؤون السير، أرقاماً مخيفة حول نسبة حوادث السير وعدد الضحايا.
إذ بلغ العدد في الفترة الممتدة من العام 2017 وصولاً إلى تشرين الأول 2020 ما يربو على ألف قتيل فضلاً عن الجرحى وأولئك الذين باتوا يعانون من إعاقات مختلفة.
لكن الإحصاءات نفسها تشير إلى أن أشهر شباط وآذار ونيسان، شهدت انخفاضاً في عدد حوادث السير قياساً بنسب الأعوام الثلاثة السابقة، ومردّ ذلك ببساطة إلى الحجر الصحي الذي فرض على اللبنانيين توقياً من فيروس “كورونا”، ليبدأ بعدها العدد في الإرتفاع بمجرد أن عادت الحياة إلى طبيعتها.
وتقول أرقام العام 2020 مقارنة مع العام 2019 التالي: 21 قتيلاً (كانون الثاني) مقابل 37 قتيلاً في نفس الشهر من العام 2019، وكذلك في (شباط) حيث بلغ 26 قتيلاً مقابل 41 قتيلاً في العام 2019، ثم 21 قتيلاً في (آذار) مقابل 25 قتيلاً في العام 2019.
انخفاض نسبة الضحايا في شهري آذار ونيسان من العام 2020 تبدد ما إن أعيد فتح البلاد، فقفز العدد من 16 قتيلاً في شهر آذار إلى 35 قتيلاً في شهر أيار، وصولاً إلى 33 في حزيران ثم 37 في تموز و31 في آب و40 قتيلاً في أيلول وصولاً إلى شهر تشرين الأول حيث بلغ العدد 54 قتيلاً.
يشير مؤسس منظمة “يازا” زياد عقل في حديث لــ “أحوال”، إلى جملة من العوامل المسؤولة بشكل مباشر عن تضاعف أعداد ضحايا الطرقات في الأشهر الأخيرة من السنة. إذ يظهر وفق متابعة من “يازا” إلى أن الأزمة الإقتصادية فاقمت من تقصير الدولة في توفير إجراءات السلامة العامة.
ويشرح عقل متناولاً عناصر الأزمة بالقول إن الدولة اللبنانية “مقصرة كتير”، مضيفاً أن “تقصير الدولة تضاعف نتيجة الوضع الحالي الذي نعرفه جميعنا. الدولة لم يعد لديها الإمكانية المادية لتشغيل الإضاءة على الطرقات السريعة ولا أن تقوم بصيانة المصابيح الكهربائية عند تعطلها”.
ولذلك فإن معظم طرقاتنا معتمة، وهي مسببات رئيسية لوقوع الحوادث، فضلاً عن الحفر وأوضاع بعض الطرقات المزرية التي تحتاج إلى صيانة دورية.
لا يتوقع مؤسس “يازا” أوضاعاً أفضل إذا استمرت الظروف الحالية. وفيما لا يمكن أن نلقي باللوم دائماً على “الدولة” كما اعتاد معظمنا، فإن نصف المشكلة تقع على عاتق اللبنانيين أنفسهم.
إذ بينما تتعاطى القوى الأمنية بإستنسابية في التعامل مع المخالفين لقوانين السير، فإن حجم المخالفات اليوم يفوق ما كان عليه في السنوات السابقة، وهو “مؤشر خطير عن الإنحدار الذي أصاب كل شيء”، وفق تصريحات عقل.
ويضيف أن “يازا” التي تمارس نشاطاً متواصلاً يتضمن حملات التوعية عبر مركزين يقدمان خدمات عبر الفضاء الإفتراضي، لكنه يشدد على أن الحلول ليست سحرية. إذ يتوجب أن تتضافر الجهود الرسمية والشعبية للوصول إلى الحدّ المقبول لجهة نسب حوادث السير وعدد الضحايا.
ويقول عقل: “نحن في حاجة إلى جهد كبير من قبل الدولة والمواطن والبلديات، خاصة أننا بلد لا يمكن مقارنته بدول مساحتها أكبر ولديها طرقات سريعة أطول وكذلك عدد السكان والسيارات، في حين أن نسبة الضحايا أقل بكثير من لبنان”.
ويؤكد أن “السبب هو نحن، حيث الطرقات سيئة وغير مضاءة ومخططة وبدون لافتات وإشارات، والوزارات المعنية والبلديات مستهترة، والمواطنون يقودون سيارات من دون صيانة الإطارات والفرامل”، إضافة إلى وجود “سائقين متهورين يقودون بسرعة رغم التعب والنعس والإسراف بالشرب وعكس السير، وبعضهم تحت السن القانونية وبدون رخصة”.
فضلاً عن أولئك الذي لا يلتزمون بالسلامة فلا يستخدمون حزام الأمان ولا الخوذة. أما عناصر السير والدوريات فغير مبالية وخاضعة وقليلة العدد قياساً بنسبة الذين يتم إفرازهم لحماية الشخصيات.
أما قانون السير فيطبق بجزئية قليلة، و”القضاء يتدخل ويلغي العقوبات وهي أحد الروادع للمخالفات”، على حد قول مؤسس “يازا” الذي يضيف أن “المشاة يتحملون مسؤولية مضاعفة لعدم اكتراثهم بالإشارات وعدم استخدامهم لجسور المشاة”.
وإلى حين التعامل بوعي ومسؤولية من قبل الدولة واللبنانيين فإن مئات الأسر تعيش وجعاً يومياً.

نانسي رزوق

صحافية منتجة ومعدة برامج تلفزيونية وأفلام وثائقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى