صحة

Sapiosexuality: الميل الجنسي للأذكياء برأي علم النفس

هل سمعت من قبل عن ظاهرة الـ Sapiosexuality؟ إنّه الانجذاب جنسيّاً للأذكياء، بغضّ النّظر عن وسامتهم وشكلهم الخارجيّ. وتأتي هذه التسمية من كلمة Sapiens والتي تعني لبيباً أو حكيماً أو ذكياً.

الأشخاص الـ Sapiosexual يولون أهمّية كبيرة للعقل والفكر، عندما يتعلّق الأمر بغريزتهم الجنسيّة؛ حيث يقعون في الحبّ مع العقل قبل القلب، فيفضّلون في علاقاتهم الأشخاص الذين يتمتعون بالذّكاء والعبقرية.

هذا، ويشير باحثون نفسيون أنّ ظاهرة الـ Sapiosexuality قد تتحوّل إلى مرض وانحراف، عندما تتعدّى غريزة الأشخاص حدود المنطق، وتصل إلى حدّ التّحكم بحياة الشّخص الآخر اجتماعياً وعاطفياً.

وعلى الرّغم مما يبدو عليه المصطلح، فإنّ الانجذاب الجنسيّ نحو الذّكاء “sapiosexuality” لا يُعتبر توجهاً جنسياً مثل المثليّة وازدواجية الميول الجنسيّ، بل هو سلوك تفضيليّ يحدث عند اختيار الشّريك.

أمناء المكاتب، المعلّمون، الأساتذة الجامعيون، وكل من له علاقة بالتّعليم يُعتبرون من أكثر الأشخاص الذين يرغب بهم الـ Sapiosexual.

الوقوع بحب العقل أولاً

وللتّعرف على تفاصيل هذه الظاهرة الغريبة نوعاً ما عن مجتمعاتنا العربيّة، توضح المعالجة النّفسية الدكتورة رندا البرّاج لـ “أحوال”  أنّ ظاهرة الـ  Sapiosexuality ظهرت خلال العام 2012، وتطال الأشخاص الذين يعتبرون أنّ العقل والفكر هما المحفّزين الجنسيّين الأهم، حيث لا يولون أهمية للمظهر الخارجي في خياراتهم لشركائهم، بقدر ما يركّزون على فكر وعقل الطّرف الآخر؛ باختصار هم من يقعون بحب العقل أولاً.

ويتميّز الـ  Sapiosexual بأنّه محبٌّ للاستطلاع والتّعمّق، كما يتميّز بثقافة عالية، وغالباً ما يميل فكره إلى الفلسفة والسياسة وعلم النفس.

وتتابع، هؤلاء الأشخاص الذين يثيرهم الذّكاء جنسياً  يشعرون بالتّعري والنّشوة، عند سماعهم الحوارات الذّكيّة والمصطلحات الجديدة أكثر من تعرّي جسدهم  والتصاقه بجسد الآخر.

وتعلّل المعالجة النفسية سبب اكتساب هذه الظاهرة الى نشأة وطفولة الشخص، باعتبار أنّ الميول الجنسيّة، لها جذور في طفولتنا؛ فما يحدث لنا أثناء الطّفولة يكون الأساس لما سنكون عليه عندما نكبر، خصوصاً في علاقتنا مع آبائنا من الجنس الآخر (الأب إذا كنتِ أنثى والأمّ إذا كنت ذكراً). التي تترجم بعقدة أوديب وعقدة ألكترا.

 البحث عن النّقص

وتعتبر المعالجة النفسية أنّ ما يريده الـ Sapiosexual في شريكه ربما يفتقده في نفسه؛ فقد تتولّد داخل الشّخص الذي يتعرّض للتّنمر ويُنعت بالغبيّ في طفولته، نزعة قويّة للبحث عن شخص ذكيّ يملأ نقصه عندما يكبر.

وقد تكون هذه الميول سبباً للمثليّة الجنسيّة، حيث هناك بعض الرّجال الـ Sapiosexual الذين ينجذبون لأشخاص من نفس جنسهم باعتبارهم وبحسبب اقتناعم، بأنّ نسبة ذكاء الرجل تفوق نسبة ذكاء المرأة، ما يدفعهم إلى الوقوع بغرامهم.

وعن مدى انتشار هذه الظاهرة في مجتمعاتنا العربية، تقول: أن يلفت فكر أحد ما شخصاً آخر ويثيره جنسيّاً أمر غريب بعض الشيء، ولكن هناك الكثير من الأشخاص الـ Sapiosexual في مجتمعاتنا العربية، ويجب دائماً البحث عن المكنونات في البنية النّفسيّة.

البحث عن الدّيمومة

وفي سؤال عمّا لو كان الانجذاب للذّكاء الجنسي تطوّراً جديداً، تقول المعالجة النفسية: “عندما نحاول التّركيز على جدّية العلاقة واستمراريتها، نركّز على الصّفات الدائمة أو التي تنقصنا بما فيها الذّكاء.”

وتختم، إنّ الانجذاب إلى الذكاء ليس منبوذاً ولا سلوكاً شاذاً، ولكن إذا تخطّى حدود الطبيعة يصبح الشّخص مصاباً بالـ Sapiosexuality، ويحتاج لعلاج نفسيّ.

تطبيق مواعدة سابيو

بالعودة إلى صندوق “sapiosexual، تم إطلاق تطبيق Sapio – Intelligent Dating هذا الخريف من خلال الدعوة إلى الاجتماعات التي يتم فيها وضع عوامل الجذب الجنسيّة والفكرية على نفس المستوى، لجمع الأشخاص الذين سئموا من تطبيقات المواعدة السطحية.

غريب إلى حد ما، لأنّه عند تصفّح موقع المواعدة، يقوم المستخدمون أولاً بالتركيز على الصّور؛ فكيف يمكن، في هذه العملية، أن يشعرون بجاذبية حقيقية على المستوى الفكريّ؟ بالنسبة للمعالجة البراج، فإنّ هؤلاء المستخدمين سيعتمدون بسرعة على مستوى المفردات  التي سيستخدمها المحاور؛ حيث سيكون الخطأ الإملائي معوّقًا حينئذٍ. مثلاً ستشير كلمة  “ينكصني” بدل “ينقصني” بسرعة إلى نهاية التّعارف.

كيف أعرف أنّني Sapiosexual؟ 

هل تُفضّل النّقاشات السّاخنة على ممارسة الجنس مع الشّريك؟ هل ترغب لو كان موعدك الغراميّ في مكتبة ضخمة؟ هل تفضّل أن تناقش مع الطرف الآخر الكتب التي قرأتها؟ هل تفضّل مشاهدة فيلم وثائقي مع الشريك بدلاً من مشاهدة فيلم رومانسي؟ هل ترفض اختيار شريك غير متعلّم ومثقّف، وتحاول فتح نقاشات تاريخيّة وعلمية معه؟ إذاً أنت Sapiosexual.

دراسات حول الذّكاء والجاذبيّة

أجرى الباحثون جيغناك وداربيشاير وأواي عام 2018 دراسة، سألوا فيها المشتركين في البحث أن يُقيّموا قابليتهم لأن ينخرطوا جنسيًا في علاقة قصيرة أو طويلة المدى بشركاء تختلف مستويات ذكائهم.

صمّم الفريق البحثيّ استمارة تقيس درجة إحساس المشتركين بأن الذّكاء مغرٍ جنسياً (Sapiosexuality)، واستخدموا استمارة تقيس ذكاء المشتركين أنفسهم بهدف استبعاد إحتمالية أن يكون الأذكياء بطبيعتهم ميّالين جنسياً إلى الأذكياء أيضاً.

تبعًا لتحليل النّتائج، وجد الباحثان أنّ المشتركين يجدون الشّريك المحتمل أكثر جاذبية كلّما ارتفع معدّل ذكائه، ويستمر الأمر على هذا المنوال إلى أن يصبح الشّريك المحتمل ضمن الفئات التي تفوق ذكاءً 90% من المجتمع أي عندIQ 120) )، عندها يصبح الذّكاء العالي جداً أقل جاذبية بقليل على الصّعيد الجنسي والعلاقات طويلة الأمد.

وفقًا لتحليل الباحثين، يحصل هذا الإنخفاض نتيجةً للعلاقة العكسيّة بين مستوى الذّكاء وبعض الصفات المرغوبة الأخرى.

ضعف في التّركيز

فكلّما ارتفع الذّكاء، ضعف أداء الشّريك المحتمل في وظائف تتعلّق بالمهارات الإجتماعية والعلاقات الشّخصية؛ فالنّجاح الباهر في مجال محدّد يؤدّي إلى ضعف في التّركيز في مجالات أخرى.

ومع ذلك، أظهرت بعض نتائج الدراسة فئةً من الناس تجد الأشخاص شديدي الذّكاء جذّابين، وتحديدًا على صعيد الشّراكة الجنسيّة.

تم تقييم 8.1% من المشاركين في الدراسة بأنّهم يمتلكون مستويات عالية من الانجذاب الجنسيّ إلى الذّكاء. هذا النّوع من المشتركين كان أكثر ميلاً إلى الموافقة على جمل مثل: “إن مستوىً عالياً جدًا من الذّكاء يكفيني لأنجذب جنسياً لشخص ما”، و”الاستماع إلى شخص ما يتكلّم بذكاء يثيرني جنسيّاً”، و”إنّ وجود درجة عالية جداً من الذّكاء عند الشّريك المحتمل أمر مهمّ جداً لي كي أشعر بانجذاب جنسيّ نحوه”.

نستنتج أنّه في حين تفقد مستويات الذّكاء المرتفعة شيئاً من الجاذبيّة عند أغلب النّاس، فإنّ بعض النّاس يجدون مستويات مرتفعة كهذه مهمة وضروريّة ولا تُقاوم في الشّريك.

ما يثير الفضول هنا هو غياب العلاقة بين الانجذاب الجنسيّ إلى الذّكاء ومستوى الذّكاء الشّخصي؛ أي إن كنت ممن ينجذبون جداً إلى ذوي الذّكاء العالي، فهذا لا يعني أنّك شديد الذّكاء، والعكس بالعكس.

ناديا الحلاق

 

 

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى