منوعات

لبنان يرفع الصوت من دمشق ومشرفية لـ”أحوال””: لم نعد نحتمل

على وقع تفاقم الاعباء المادية الناتجة عن وجود اعداد كبيرة من النازحين السوريين في لبنان، خصوصا بعد حصول الانهيار المالي والاقتصادي، التأم في دمشق المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين برعاية ومشاركة روسية، وحضور دول عدة من بينها لبنان والصين والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان وايران وباكستان، وغياب تركيا التي لم توجه اليها الدعوة، ومقاطعة الولايات المتحدة والدول الاوروبية لأسباب سياسية.
وتواجه المؤتمر تحديات عدة تتصل بتأمين شروط العودة ومن بينها استكمال ورشة إعادة الاعمار التي تشكل ضرورة ملحة لتسهيل رجوع النازحين من البلدان التي لجأوا اليها، الا ان متطلبات انجاز هذه الورشة غير مكتملة نتيجة الحصار الذي تتعرض له سوريا ورفض الدول المانحة المقتدرة تقديم اي مساهمة في مشروع اعادة الاعمار بسبب استمرار موقفها المعادي للرئيس بشار الأسد، وبالتالي فإنه من الواضح ان القرار السياسي الدولي بإنهاء الازمة السورية لم يصدر بعد.
من هنا، لا تزال بعض العواصم الاقليمية والدولية تستخدم النازحين كورقة ضغط على القيادة السورية وتعرقل عودتهم بحجة عدم توافر الضمانات الكافية لحمايتهم وتأمين حقوقهم.
اما لبنان، فقد رفع الصوت عاليا من قصر الأمويين في دمشق، عبر ممثله في المؤتمر وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال الدكتور رمزي مشرفية الذي ألح على وجوب معالجة ملف النازحين وشرح ما يعانيه لبنان الذي يستضيف نحو مليون ونصف مليون نازح.
ويقول مشرفية ل”أحوال” انه سيطرح خلال مشاركته في مؤتمر النازحين ضرورة عودة هؤلاء الى وطنهم انطلاقا من الخطة التي كان قد اقرها مجلس الوزراء، لانه لم يعد بمقدورنا الاستمرار في تحمل اكلاف استضافتهم على الصعد كافة، لاسيما بعد تفاقم الازمة الاقتصادية والاجتماعيةَ، “من دون أن نتجاهل الاعتبارات الإنسانية التي دفعتنا اساسا الى استقبالهم وعدم إقفال الأبواب امامهم، لكن لبنان ترك شبه وحيد في مواجهة متطلبات اقامتهم على أرضه، بعدما قصّر المجتمع الدولي في واجباته واكتفى بمساعدات محدودة.”
ويلفت مشرفية الى ان مجمل المساعدات الدولية التي حصل عليها لبنان خلال احد عشر عاما تقارب نحو ثمانية مليارات دولار في حين ان الكلفة المباشرة وغير المباشرة لوجود النازحين أثناء تلك الفترة تفوق أربعين مليار دولار، وبالتالي فقد وقع على عاتق الدولة اللبنانية وزر سد الفارق الكبير بين الرقمين.
ويتوقف مشرفية عند واقع صعب لا يمكن التغاضي عنه، وهو ان النازحين الذين يعادل عددهم تقريبا ثلث السكان في لبنان يشاركون المواطنين اللبنانيين في استهلاك الموارد والخدمات والبنية التحتية، وكذلك يستفيدون من المواد المدعومة، كالخبز والمحروقات، الأمر الذي تترتب عليه اعباء ضخمة، تترافق مع أزمة اقتصادية ومالية حادة وغير مسبوقة.
ويشدد مشرفية على أن اسباب النزوح الى لبنان هي أمنية وليست سياسية، موضحا انه وفق الأمم المتحدة فإن 89 بالمئة من الاراضي السورية أصبحت آمنة، ما يعني انه صار بامكان جزء كبير من النازحين الرجوع الى تلك الاراضي التي يسودها الاستقرار، في إطار العودة الطوعية.
َويؤكد مشرفية ان الدولة السورية مستعدة لتقديم اقصى التسهيلات والحوافز من أجل تشجيع النازحين على العودة، “وهذا ما كنت قد شعرت خلال زيارتي السابقة الى دمشق ولقائي مع عدد من المسؤولين السوريين المولجين بمتابعة ملف النزوح.”
ويشيد بالدور الروسي الإيجابي، مشيرا الى ان موسكو قررت إعادة تفعيل المبادرة التي اطلقتها منذ فترة لمعالجة ملف النازحين، وبادرت في اتجاه الدعوة الى المؤتمر بالتعاون مع دمشق، وكاشفا عن انه استمع مباشرة من بعض المسؤولين الروس خلال اجتماعهم مع الرئيس حسان دياب استعدادهم التام للمساهمة في المساعدة من أجل تأمين عودة النازحين الى سوريا.
ويعتبر مشرفية ان تكليفه كوزير للشؤون الاجتماعية بتمثيل لبنان في المؤتمر، وليس السفير المعتمد في دمشق، انما هو مؤشر الى المستوى العالي من الجدية والاهتمام لدى الدولة اللبنانية في التعامل مع قضية النازحين التي باتت تشكل عبئا كبيرا، يفوق قدراتنا.
ولا يجد مشرفية مبررا لحصول أي خلاف داخلي حول مشاركته في مؤتمر دمشق، “خصوصا ان زيارتي لا تندرج اصلا في سياق سياسي”، مشددا على أن “كل من يعارض مشاركتي يجب أن يقدم البديل الواقعي الذي يسمح بإعادة النازحين المقيمين لبنان، وفي رأيي ليس هناك من بديل مقنع لدى أحد.”.

عماد مرمل

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى