صحة

زوجان تركيّان مهاجران إلى ألمانيا وراء لقاح “كورونا”

الحكومة الألمانيّة تستخدم إنجاز الطبيب أوغور شاهين للردّ على اليمين المتطرّف

في خضم الحملة الشعواء على المهاجرين في أوروبا، بعد أحداث العنف التي طالت فرنسا الشهر الماضي، وتسبّب بها مهاجران شيشاني وتونسي، تصاعدت على أثرها الحملات المطالبة بإعادة المهاجرين إلى أوطانهم الأصليّة، جاء الخبر من ألمانيا هذه المرّة، زوجان مهاجران ينجحان في تطوير لقاح آمن وفعّال لفيروس كورونا.

الحكومة الألمانيّة سارعت إلى تلقّف الخبر والرّد على اليمين المتطرّف المعادي للمهاجرين.

الزوجان هما البروفيسور(أوغور شاهين)  Ugur Sahin وزوجته Özlem Türeci   وهما ابنا مهاجرين تركيين إلى ألمانيا، والمؤسسان لشركة بيونتك  BioNTech الألمانية، التي طوّرت مع شركة فايزر الأميركيّة لقاحاً للكورونا سيتمّ إطلاقه قريباً، بعد نجاح المرحلة الثّالثة منه.

وبحسب المعلومات التي يوردها زملاء شاهين في ألمانيا، فإنّ الطبيب وزوجته وأعضاء فريقهما من الباحثين، لم يحظوا بيوم إجازة منذ بداية الجائحة، وقد كانوا يأملون أن يحقق لقاح كورونا فعاليّة تصل إلى 70 بالمية، لتأتي النتيجة مذهلة بتحقيقه 90 بالمئة.

وتقول الطبيبة عليا كيوان، الباحثة والطبيبة في ألمانيا، وزميلة الطبيب شاهين، إنّ “هذا اللقاح نوعي جداً ولم يسبقه لقاح بأن يحوّل الخلايا إلى مصانع مناعيّة ضد فيروس كورونا، بدلاً من إدخال الفيروس ميتاً او مضعفاً، حيث أنّRNA يعمل على تحفيز الخلايا على إنتاج بروتينات الفيروس التي تستحث الجهاز المناعي”.

وتقول إنّ شركة بيونتك/ فايزر تعمل على تصاريح أخذ موافقات طوارىء من FDA بناء على نتائج الأمان والفعالية التي بحوزتها، حيث أنّ المراحل السريرية ما زالت جارية على قرابة 44.000 متطوّع، ومن المقرّر إنتاج قرابة 50 مليون جرعة في نهاية هذا العام، ليعطى إلى الحالات الحرجة بينما من المقرر إنتاج 1.3 مليار جرعة في غضون شباط/آذار 2021 .

من هو الدكتور أوغور شاهين؟

ولد شاهين (55 عاماً) في لواء الاسكندرون وهاجر مع عائلته إلى ألمانيا وهو في الرابعة من عمره، وقد عمل والده في شركة فورد للسيارات.

درس الطّب في جامعة كولونيا، وشغل منذ عقدين قيادة عدّة مجموعات، كما قام بتأسيس الشركة الشهيرة لصناعة الدّواء BioNTech وهو الرئيس التنفيذي للشركة التي طوّرت مع شركة فايزر الأميركيّة لقاح كورونا، ويشغل حالياً منصب بروفيسور في جامعة ماينز.

يعتبر أحد أبرز الفاعلين في بحوث السرطان والمناعة، وكان مع فريقه البحثي قد بدأوا بإجراء دراسات حول فيروس كورونا منذ انتشاره بداية العام الحالي، معلناً أنّ هذا الفيروس لن يكون سهلاً.

صنّف شاهين من بين أغنى 100 ألماني، إلى جانب زوجته وزميلته، عضو مجلس الإدارة، أوزليم توريتشي البالغة من العمر 53 عامًا.

خلال دراسته الطب، عمل شاهين في المستشفيات التعليمية في كولونيا ومدينة هومبورغ، حيث التقى بزوجته، وهي ابنة طبيب تركي هاجر إلى ألمانيا.

في يوم زفافهما، اضطر الزوجان الطبيبان إلى قضاء بعض الوقت في المختبر، وقد توّجا شغفهما بالطب والأبحاث بتأسيس شركة BioNTech في عام 2008 ، لمتابعة مجموعة أوسع بكثير من أدوات العلاج المناعي للسرطان.

 

في الطريق إلى لقاح كورونا

في كانون الثاني، صادف د. شاهين ورقة علمية حول تفشي فيروس كورونا الجديد في مدينة ووهان الصينية، وأدرك حينها المسافة القصيرة بين قدرة mRNA على مواجهة السرطان ومواجهة فيروس كورونا.

قامت الشركة على الفور بتعيين حوالي 500 موظف لمشروع “سرعة الضوء” والعمل على عدة مركبات محتملة. وفي آذار، وقّعت شراكة مع شركة الأدوية الكبرى Pfizer وشركة الأدوية الصينية Fosun.

 

كيف تعامل الإعلام العربي والعالمي مع الحدث؟

القنوات العربيّة، ركّزت على هويّة شاهين، المهاجر المسلم الذي أعطى صورة مشرقة عن المهاجرين إلى ألمانيا، بعيداً عن التحريض الإعلامي الغربي عليهم.

قناة “العربية”، غمزت من قناة أنّ شاهين ولد في مدينة اسكندرونة، التابعة لمنطقة سورية معروفة باسم “لواء اسكندرون” التي احتلتها تركيا في 1939 وغيّرت اسمها إلى “محافظة هاتاي” التابعة بعاصمتها أنطاكية لمحافظة حلب في الشمال السوري.

أما الصّحف التركية، فأفردت للزوجين الصفحات الأولى، محتفية بإنجاز المهاجرين التركيين العالمي.

بدوره، كان إنجاز الزوجين بمثابة ورقة استخدمتها الحكومة الألمانيّة ضدّ اليمين المتطرّف المعادي للمهاجرين، على اعتبار أنّ مطوّري اللقاح هما من الجيل الثاني من المهاجرين الأتراك.

أما المغرّدون العرب على مواقع التواصل الاجتماعي، فهلّلوا لإنجاز الطبيب المسلم، وردّوا على المشككين بمقولة “ماذا قدّم المسلمون للعالم؟”، وسخر بعضهم من حملة “مقاطعة البضائع التركية”، ورأى البعض الآخر أنّ الطبيبين التركيين أعادا الاعتبار للمهاجرين، في ظلّ الحملة الشرسة عليهم من الإعلام الغربي.

إيمان إبراهيم

صحافية لبنانية، خريجة كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. كتبت في شؤون السياسة والمجتمع والفن والثقافة. شاركت في إعداد برامج اجتماعية وفنية في اكثر من محطة تلفزيونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى