منوعات

التسوية “السنية – الشيعية” في المنطقة تنتظر قرار “الناخب” الأميركي

تتسارع الأحداث في المنطقة، من إيران إلى العراق فاليمن، مروراً بالدول العربية وعلاقتها بإسرائيل، وصولاً إلى لبنان وبدء التفاوض مع العدو على ترسيم الحدود برعاية أممية ووساطة أميركية. كل هذه الأحداث تأتي قبل أسابيع قليلة من الإنتخابات الأميركية، وعلى وقع حلحلة في ملفات معيّنة بين الجمهورية الإسلامية في إيران وأميركا، يُتوقّع أن تنعكس “برداً وسلاماً” على علاقة إيران والدول الخليجية، ولو خلال النصف الثاني من العام المقبل.

مفتاح “التهدئة” بيد أميركا
للحديث عن “التسوية السنية – الشيعية” في المنطقة يجب تحديد الدول المؤثرة من الجهة الشيعية، وتلك على الجبهة السنية، لمعرفة طبيعة العلاقة بينهما. شيعياً، إيران تتصدر المشهد وتلعب دور ممثلة الشيعة في العالم. أما سنياً، فتقف دول الخليج في هذه الجبهة من جهة، ومن جهة أخرى تقف تركيا. لكن إذا ما أردنا التحدث عن لبنان، نجد أن هذه الطائفة مرتبطة أكثر مع الخليج من تركيا.
“من هنا، في الأشهر الماضية، وتحديداً قبل اغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، بدأت تظهر ملامح تقارب سعودي إيراني في المنطقة إنطلاقاً من اليمن”، يقول الصحافي المتخصص في الشؤون الإيرانية هادي فولادكار، مشيراً إلى أن هذا التقارب كان نتيجة التصعيد الذي حصل بعد أحداث أرامكو في السعودية وأوصل إلى إمكانية تلاقي الدولتين. إلا أن حادثة إغتيال سليماني وتصعيد حملة “الضغط الأقصى” الأميركية على إيران في ظل تبريك سعودي له، أدى إلى تراجع حظوظ التسوية المرتقبة بين الطرفين.
يُشير فولادكار في حديث لـ”أحوال” إلى أن هذا التدهور وصل إلى أسوأ صوره في خطاب الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في الأمم المتحدة الذي رفع سقف التهديدات والإتهامات تجاه إيران ودعا فيه دول العالم إلى مواجهة ما أسماه “الإرهاب الإيراني”. إماراتياً أيضاً، كانت التوجهات الإماراتية، تلك الدولة التي تتشارك مع إيران الكثير من الجوانب الإقتصادية، تُظهر أن تقارباً كبيراً كان سيحصل بين البلدين، وظهر ذلك في اللقاء الذي حصل بين وزير الخارجية محمد جواد ظريف مع نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد، والذي وصف بأنه إيجابي جداً، ولكن التقارب تفرمل مع إعلان إتفاق التطبيع الإماراتي – الإسرائيلي، المدعوم أميركياً، والذي اعتبر أنه تهديد إستراتيجي لإيران، وبالتالي زاد الإحتقان بين إيران والخليج مجدّداً.
بناءً على ما سبق، يؤكد فولادكار أن أي علاقة لدول المنطقة مع إيران، مبنيّة على الموقف الأميركي من هذا الموضوع، وفي ظل استمرار حملة الضغط الأقصى الأميركية على إيران، لا يمكن أن نتوقع أي تهدئة الآن، ولكن هذا الأمر سيصبح متوقّعاً بعد تبلور صورة الإنتخابات الأميركية المقبلة، فنتيجة هذه الإنتخابات، ستحدد طبيعة العلاقة بين إيران وأميركا لسنوات مُقبلة.
ويضيف: “في حال وصل بايدن إلى البيت الأبيض، لن يتمكن من التقرب من طهران إلا في حال أقنع حلفائه في المنطقة، من إسرائيل إلى الخليج، أن هذه المفاوضات التي قد تحصل، لا تعطي الأفضلية لإيران على جيرانها. وبالتالي في حال نجح بايدن في إقناع هذه الدول، والسير في تسوية مع إيران، حينها يمكن القول أن تسوية سنية – شيعية بدأت تحصل في المنطقة، أما في حال وصول ترامب، الذي يؤكد مراراً وتكراراً أنه لن يعود للمفاوضات مع طهران قبل التخلي عن سياساتها في المنطقة، ستكون الأمور سوداوية على احتمال أي تسوية مرتقبة قريبة، وإن كانت تحت الطاولة تجري العديد من التسويات في ملفات محددة ومعينة، كما حصل في الأيام الماضية في العراق واليمن.

عام الإنتخابات الرئاسية
من جهته يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد نمر أننا في لبنان نتواجد على خطّ الصراع الأميركي الإيراني بشكل واضح، وبالتالي أي تسوية أو معركة بين الطرفين ستؤثر على لبنان، مشيراً إلى أن العلاقة الإيرانية – الخليجية لها وجهين، الأول يرتبط بالخط الأميركي، وبالتالي تتأثر بأي تسوية أميركية إيرانية، والثاني يرتبط بالخط العربي ونظرة الدول العربية إلى إيران، خصوصاً أن الصراع الإيراني الخليجي يُترجم بشكل فعليّ في اليمن.
يعتبر نمر أن الإنتخابات الأميركية المقبلة ستُحدّد بوصلة المنطقة بتحديد المواقف وآلية التصرف، فالتغيّر بالمنطقة سيقوم على نتائج هذه الإنتخابات التي تعتبر أهم إنتخابات بأميركا منذ الحرب العالمية لأنها ستؤثر على كل الإستحقاقات المقبلة وعلى رأسها الإنتخابات الرئاسية بايران العام المقبل، والإنتخابات الرئاسية بالعراق وسوريا العام المقبل أيضاً، مشيراً إلى أن التسوية بين إيران وأميركا متوقّعة ولو بعد أشهر، وهذا الأمر سيفتح الباب ربّما أمام تسويات بين إيران والدول العربية.
بالنسبة إلى لبنان، يشير نمر إلى أن خرقاً كبيراً تحقّق في مسألة ترسيم الحدود، فهذا الترسيم بمعناه الحقيقي هو تأمين الحدود الشمالية لإسرائيل، واستفادة لبنان واسرائيل من النفط والغاز، وهو أثّر إيجاباً على الموقف الأميركي، فعاد شينكر والتقى السياسيين وعلى رأسهم الرئيس نبيه بري والوزير السابق سليمان فرنجية، واتصل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو برئيس الجمهورية، مؤكداً أن أي تهدئة سنّية شيعية، ولو بعد حين، ستنعكس إيجاباً على لبنان.
إذا، التهدئة السنّية الشيعية قد تكون عنوان المرحلة المقبلة بحال انطلق المسار الإيجابي بين أميركا وإيران، الأمر الذي لن يتوضح قبل الإنتخابات الأميركية، خصوصاً أن هذه التهدئة قد تسيطر على الأجواء طيلة مدّة “التفاوض” بين أميركا وإيران، لذلك فالعام المقبل قد يكون عام التهدئة.

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى