منوعات

مصرف لبنان يخفض سقف السحوبات… أزمة سيولة جديدة وتراجع في القدرة الشرائية

تتوالى تعاميم مصرف لبنان، بعضها يدخل حيّز الّتنفيذ فيما قسم آخر منها بقي على حبر على ورق، في وقت لا تزال فيه أموال محتجزة وجهولة المصير، وسعر صرف الدولار يتأرجح على ارتفاعات لا يستهان بها، في ظل حالة من المراوحة السياسية، على بعد يوم من الاستشارات النيابيّة الملزمة، لتسمية رئيس جديد، يكلّف بتشكيل حكومة عتيدة.
المعلومات الصحفيّة أفادت بأنّ مصرف لبنان “أبلغ المصارف بخفض سقف السّحوبات النقديّة بالليرة، ورفع كلفتها بشكل كبير للحدّ من قدرتها على الاستحصال على العملة الورقيّة، أي ان تكون الوسيلة المتاحة أمام المودعين للحصول على أموالهم، او على جزء بسيط منها، عبر ال”debit card”، ما يؤشّر الى أننا سنكون أمام أزمة سيولة، وتراجع في القدرة الشرائيّة”.
مصرف لبنان وفي بيان صادر عن وحدة الإعلام والعلاقات العامّة، نفى هذه المعلومات، مشيرا الى أنّ “الآليّة التي تمّ إعتمادها هي وضع سقوف للمصارف لما يمكن أن تسحب من حسابها الجاري لدى مصرف لبنان”.
ولفت الى أنّ “عند تخطّي هذه السقوف تحتسب المبالغ من حسابات المصارف المجمّدة لدى مصرف لبنان، ولذلك ليس هنا أيّ سقف للمبالغ التي يمكن سحبها من مصرف لبنان، وعندها يكون مصدر التمويل لهذه السيولة مختلفاً، ما يعني أنّه يمكن أن يتمّ السحب من الحساب الجاري لحدّ سقف معيّن وما فوق هذا السقف من شهادات إيداع، ومن الودائع لأجل”.

للوقوف عند مفاعيل هذا القرار وتأثيره على المواطن، توجّه “أحوال” بالسؤال الى الصحافي الاقتصادي عبادة اللدن الذي أشار الى أن الأمر الواضح أن “هناك توسّعا نقديّا في السيولة، فضلا عن أنّ عمليّات ماليّة كبرى تحصل خارج (السيستم المالي الرسمي)، أي خارج “سيستم مصرف لبنان”، ويبدو أن المصرف لبنان يحاول تأطير العمليات الماليّة، عبر ربطها بالمصارف، وبواسطة الـ “debit card”، ليكون وسيلة شرائيّة في يد الناس، عوضا عن العملة الورقية، الا أنّنا أمام نقطة حسّاسة وهامّة وهي أنّ الناس فقدت ثقتها بالمصارف، ولا أعتقد أنها في الظروف الحاليّة، قد تكون جاهزة للاقتناع بإمكانيّة الإيداع لدى المصارف، إنما قد يتيح هذا القرار القدرة لمصرف لبنان للضغط بشكل أو بآخر على المؤسسات الكبرى”.
وتابع اللدن “فعليا، هذه الخطوة يمكن أن تزيد الكمية من الليرة اللبنانيّة، انما بقيمة شرائية منخفضة، لأن العبرة في قيمتها وليس كميّتها، فنحن أمام حالة تضخّم، لا يمكن حلّها بسحب النقد من أيدي الناس، واعتقد أنّ مصرف لبنان لن يتمكّن من الاستمرار بهذه الخطوة، ولن تنخفض قيمة السلع في حال قلّل من وجود البنكنوت بين أيدي الناس”.
وختم “المشكلة ان قيمة الليرة في مقابل الدولار في انخفاض، ولن يتوقف ارتفاع سعر صرف الدولار”.
الواضح أننا نسير بخطى ثابتة نحو مزيد من التراجع في قيمة العملة اللبنانية، في ظل غياب أي خطوات عمليّة، قد توقف هذا النزف المالي، لتبقى التجارب ومساعي تخفيف سرعة الانهيار، من جيب الوطن وعلى حسابه ونفقته.

إبراهيم درويش

صحافي وكاتب لبناني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى