منوعات

أصحاب المولّدات يلوّحون بالظلام الدامس في حال رُفع الدعم

حتى السّاعة يلف الغموض مسألة رفع الدعم عن السلع الأساسية. كل ما حُكي ويُحكى يشوبه عدم الدقّة في الطرح والمعلومات. فبحسب معلومات كشفها  “أحوال” في مقالات سابقة، ليس لدى أحد في الدولة اللبنانية النيّة لرفع الدعم بشكل كلّي عن السلع الأساسية، وإنّما مدار البحث اليوم يتناول تخفيف الدعم لحماية الاحتياطي. فرفع الدعم الكلّي بالنسبة للحكومة ومعظم الأفرقاء يعني الانفجار الإجتماعي وتدهور الاستقرار الأمني بشكل تام وصولًا إلى الفوضى، أو بمعنى آخر الانهيار.

تشير الأجواء الحكومية أنّ مصرف لبنان غير متعاون أبدًا لجهة دراسة الخطط البديلة التي تقي البلاد شرّ الإنهيار، في حين تُبذل جهود كبيرة لمحاولة رأب الصدع بين الفريقين رأفةً بالمصلحة العامة.

أحد وجوه رفع الدعم سيكون بالطبع رفع الدعم عن المازوت من جهة، وتخفيف استيراد الدولة للفيول الذي يغذي محطات الكهرباء. هذا الأمر يطال بالطبع كل القطاعات التي تعتمد بإنتاجها على المازوت، حيث سيتضاعف سعر الخبز وكل مشتقاته مثلًا، كما سيزيد سعر الإشتراك الكهربائي بشكل مضاعف، إن لم يسبّب رفع الدعم بإختفاء المادة كليًا من الأسواق. فتنكة المازوت اليوم تُباع بـ15000 ليرة وستصبح في حال رُفع الدعم عنها بـ57000 ليرة لبنانية.

أصحاب المولّدات يرفعون الصوت

رئيس تجمّع أصحاب المولّدات في لبنان عبدو سعادة يكشف لـ “أحوال” أنّ أصحاب المولّدات سوف يطفئون مولّداتهم بشكل نهائي في حال غامرت السلطة في رفع الدعم عن المازوت، كون سعر الكيلووات سيرتفع تلقائيًا من 582 ليرة إلى حوالي 2000 ليرة، أي سيصبح معدّل كلفة اشتراك الـ5 أمبير شهريًا للبيت الواحد حوالي 550 ألف ليرة لبنانية! علماً أنّ معظم العائلات تشترك بـ10 أمبير لتتمكّن من تشغيل المكيّفات، الأمر الذي سيصبح كارثيًا وغير مقبولًا، ولن يكون بوسع أصحاب المولّدات تحصيل فواتيرهم من مواطنين يقلّ مدخولهم العام عن كلفة الـ10 أمبير نفسها.

ما يُدرس اليوم حكوميًا وفي مصرف لبنان، وبناءً على ما تلقّته الحكومة من الهيئات الإستشارية، يعكس مسعى جدّيًا لمحاولة تقنين الدعم وتهديفه وتحسين آلية إيصاله إلى الفئات المحتاجة والمهمّشة. هذا الإجراء، والذي يُعتبر منطقيًا، سيعالج الخلل السابق بآلية الدعم. على سبيل المثال، ربّ المنزل الذي يتألف بيته من غرفتين يُدعم ببضع سنتات على فاتورة الكهرباء لديه، فيما من يملك منتجعًا كبيرًا يتلقّى دعمًا أكبر كون النسبة هي نفسها. وعليه، يبدو الاتجاه اليوم هو لتقسيم الدعم على مختلف الشرائح بطريقة تصاعدية وبحسب حاجات الناس. هذا إن توصّلت الحكومة بالفعل لحلول مع مصرف لبنان، ولم تكن الكيديات والضغوطات السياسية هي عنوان النقاشات.

الحل بتصحيح الآليات وترشيد الدعم

في هذا الإطار، يشدّد المدير العام للمجلس الإقتصادي الاجتماعي الدكتور محمد سيف الدين لـ “أحوال” على أنّ عدم تصحيح آليات الدعم يساهم بتخسير اللبنانيين فترات أطول من الدعم. فيدعو سيف الدين لكسب الوقت اليوم عبر تصحيح الآليات للإستمرار بدعم الناس من أجل إعادة فرض استقرار الوضع الإقتصادي مرحليًا ريثما نصل إلى فترة استعادة النمو. ويرى أنّ الدولة بحاجة ماسّة للإبقاء على مظلّة أمان تحمي المواطنين قبيل الوصول إلى حلول جذرية للأزمة.

يتخوّف سيف الدين من رفع الدعم عن المازوت الذي سيساهم برفع الأسعار على مختلف السلع الأخرى، شارحًا أن الدولة تتحرّك اليوم بين حدّين، الأول هو عدم استنزاف احتياطي المصرف المركزي من جهة، وبين محاولة عدم رفع الدعم عن السلع من جهة ثانية. وفي هذا الإطار، اعتبر أنّ خيار رفع الدعم عن بعض السلع التي تُعتبر كمالية (كالكاجو) بشكل كلّي مقابل إبقائه على السلع التي يحتاجها المواطن، يبقى أفضل من رفع الدعم عن كل السلع الموجودة ضمن قائمة مصرف لبنان.

في المحصّلة، لبنان على مشارف جهنّم حقيقية في حال رفع الدعم المازوت، ولكن تبقى النيّة حتى الآن غير موجودة، الأمر الذي لن يدفع بالبلاد في الوقت الراهن نحو الظلمة المطلقة، في حين تقف اليوم الدولة أمام تحدٍ كبير قوامه تصحيح الدعم وتهديفه للحفاظ عليه وعدم خسارة الإحتياطي، فهل ستتمكن من إنجاز هذه الخطوة سريعًا قبل وقوع الكارثة الكبرى وانهيار الإستقرار على كافة الصعد؟ الكرة بملعب حكومة تصريف الأعمال ومصرف لبنان ومن يدور في فلكهما.

ماهر الدنا

ماهر الدنا

صحافي لبناني. يحمل شهادة الاجازة في الإقتصاد. عمل في العديد من وسائل الاعلام المحلية والعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى