رياضة

نجم “الزمالك” حمادة عبد اللطيف لـ”أحوال”: “تردّدت في اللعب مع “النجمة”.. ولولا جمهوره لما أتيت”

عبد اللطيف: "الشرقي" قابلني سرًا وطلب مني أن أوقّع للأنصار.. فرفضت!

“مصر ولّادة”.. مقولة طالما اشتهرت بها “أم الدنيا”، فهي التي أنجبت أشهر الكتاب والأدباء والفنانين، أمثال أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وأحمد شوقي وطه حسين وقاسم أمين وسواهم، وهي في الوقت عينه من الأبرز كرويًا في القارة السمراء والمنطقة العربية.

على صعيد النجوم، هناك أسماء لامعة لا تعدّ ولا تُحصى، أمثال صالح سليم ومحمود الخطيب وحسن شحاتة وفاروق جعفر وحمادة إمام وعلي أبو جريشة وطه بصري وجمال عبد الحميد ورفعت الفناجيلي وسواهم، حتى فترة الثمانينات.. ولكن نجم هذا اللقاء يُعتبر علامة فارقة في سماء الكرة المصرية آنذاك وفي ناديي الزمالك والنجمة اللبناني على وجه التحديد.

هو صاحب بصمة سحرية في الملعب، يطرب الجماهير بالسمفونية الكروية التي يعزفها طيلة الدقائق التسعين والأداء السلس، لأنه بكل بساطة يحب اللعب بأريحية ومن أجل المتعة والامتاع، ولهذا الغرض أطلقت عليه الجماهير لقب “الحاوي” أي الساحر، ويرى الكثيرون من نجوم مصر في حمادة عبد اللطيف اللاعب “الأكثر حرفنة” الذي مرّ على الملاعب الخضراء.

ولأول مرة بعد 25 عامًا من رحيله عن لبنان، يطلّ حمادة عبد اللطيف عبر موقع “أحوال” من مصر، مخاطبًا جماهير النجمة التي اشتاق لها واشتاقت له ولسحره وفنه، وهي التي كانت تهتف يومًا لحظة دخوله ملعب برج حمود بالعبارة الشهيرة “يا ستار ويا لطيف حمادة عبد اللطيف”.

بداية عبد اللطيف كانت مع ناشئي نادي الزمالك تحت 14 عامًا، واكتسب شهرة واسعة آنذاك، إذ كانت الجماهير تتقاطر لتشاهد هذه “الجوهرة” في التمارين. وفي عام 1982، إنضم للفريق الأول ولعب أولى مبارياته أمام “المنيا” في عهد المدرب اليوغوسلافي “دوسان نينكوفيتش”، ولم تكن مشاركاته كثيرة بسبب وجود كوكبة من النجوم أمثال إبراهيم يوسف ومحمد صلاح وحسن شحاتة وفاروق جعفر وغيرهم. وفي الموسم التالي، لعب قرابة 10 مباريات تحت إشراف محمود أبو رجيلة وأحمد رفعت، فنجح الزمالك عام 1984 بإحراز لقب بطولة الدوري وكأس أبطال أفريقيا للمرة الأولى في تاريخه، ليصبح عبداللطيف في عام 1985 من الأساسيين الذين يصعب اخراجهم من الملعب.

وفي العام التالي، وصل الزمالك مجددًا إلى نهائي أبطال أفريقيا، وكانت لحمادة عبد اللطيف اليد الطولى في انتزاع اللقب من جديد على حساب “افريكا سبورت” العاجي، وفي عام 1988 أحرز مع فريقه اللقب “الأفرو – آسيوي” على حساب فوركاوا الياباني.

مراوغًا 5 لاعبين من الأهلي صربا في ملعب جونية
مراوغًا 5 لاعبين من الأهلي صربا في ملعب جونية

وفي هذا العام، أقيمت مباراة تكريمية للنجم فاروق جعفر بمناسبة اعتزاله بين منتخب مصر والمنتخب الكويتي على ستاد القاهرة الدولي، أمام 120 ألف متفرج هتفوا ضد المدرب محمود الجوهري بصوت واحد “ليه يا جوهري ليه.. حمادة عملك إيه”، معبّرين عن استيائهم لعدم ضم الجوهري لنجم الزمالك حمادة عبد اللطيف إلى قائمة المنتخب الوطني، وهو الذي حصل على لقب أفضل لاعب في مصر يومها، فما كان من عبد اللطيف إلا أن نزل من المقصورة الرسمية وهدّأ من غضب الجماهير.

شعور حمادة بالظلم كان مرًا، فقرّر أن يبتعد عن مصر، وغادر إلى سلطنة عمان ليوقّع عقدًا مع فريق “مرباط” فتألّق كعادته في البطولة التي ضمّت لاعبين نجوم أمثال مواطنه طاهر أبو زيد والمغربي محمد التيمومي وغيرهما. وفي الموسم التالي، عرضت إدارة النادي العماني على عبد اللطيف أن يضع المبلغ الذي يريده للانضمام اليهم، لكنه آثر العودة إلى الزمالك الذي يربطه به عقد إحترافي، وفي عام 1992 بدأت المفاوضات مع نادي النجمة اللبناني.

ويقول “الحاوي” لموقع “أحوال” عن تجربته في لبنان: “طلب مني المدرب عصام بهيج أن التحق معه في نادي النجمة إلى جانب طارق يحيى، وكنت متخوفًا من هذه التجربة، فقال لي “تعال وجرب”.. وعند وصولي إلى مطار بيروت الدولي، تفاجأت من أعداد الجماهير النبيذية التي استقبلتني بالطبل والأهازيج، وكان عددها يقدّر بالآلاف، فقلت في قرارة نفسي “يا له من جمهور وفي ورائع”. وفي اليوم التالي تحدثت مع المدرب بهيج وقلت له “أنا معاك”، وطلبت منه العودة إلى مصر لإحضار ملابسي وحاجياتي لأنني كنت قد سافرت إلى لبنان يومها من باب السياحة ولم يخطر ببالي أنني سألعب هناك، ولكن بعد أن رأيت حب الجماهير الجارف بدّلت رأيي وبالفعل استمتعت باللعب في ملعب برج حمود الذي كانت مدرّجاته تمتلىء عن بكرة أبيها عند الساعة 11 قبل الظهر”.

عبد اللطيف بين سليم حمزة وعمر ادلبي في مباراة "الدربي"
عبد اللطيف بين سليم حمزة وعمر ادلبي في مباراة “الدربي”

ويتابع حمادة كلامه بالقول: “عشت أحلى أيامي في لبنان الجميل ومع فريق النجمة “العظيم” تحت إدارة الحاج عمر غندور ويحيى جراب ومحمد طبارة وسعد عيتاني و”العراب” خليل صفا الذي تربطني به علاقة وطيدة حتى اليوم”.
ولم يخفِ حمادة بأنه كان يشعر بالغبن مع النجمة في مباريات عدة، إذ كان الفريق يتعرّض لظلمٍ تحكيمي، ولكن عندما يكون الحكم أجنبيًا فالامر أسهل، كما حصل في اللقاء أمام الأنصار الذي قاده الحكم الكويتي عيسى الجساس وفاز فريق النجمة 2-1.

سر يُكشف لأول مرة

يتابع حمادة عبد اللطيف حديثة لموقع “أحوال” قائلًا: “بعدما لعبت موسمين رائعين مع النجمة، وقّعت على كشوف الحكمة، ولكنني لم استمتع باللعب لأن الفريق لا يملك جمهورًا كبيرًا، وطلبت فسخ العقد وغادرت إلى بلدي”، كاشفًا عن “سر” يُذاع لأول مرة، وهو العرض الذي تقدّم به نادي “الأنصار” لضمّه عبر مديره الفني عدنان الشرقي قبل أن يوقّع للحكمة؛ فطلب مقابلته “سرًا” في أحد مطاعم جونية، بعيدا عن الأنظار، وقال له “أطلب المبلغ الذي تريده”؛ ولكن “الحاوي” رفض ولم يشأ أن يغضب جماهير النادي التي طالما هتفت له العبارات التالية: “النص النص النص.. حمادة ملك النص” و”يا ستار ويا لطيف حمادة عبد اللطيف”.

ولا يزال حمادة عبداللطيف يذكر الأيام الجميلة والمميزة التي عاشها مع النجمة واللاعبين، وكيف طلب منه المدرب بهيج أن يدعم في أرض الملعب “موسى حجيج”، والذي رأى فيه خامة جيدة للمستقبل.

"الحاوي" جلوسا متوسطا الصف الأمامي مع الزمالك قبل النهائي "الأفرو-آسيوي" 1988
“الحاوي” جلوسا متوسطا الصف الأمامي مع الزمالك قبل النهائي “الأفرو-آسيوي” 1988

حكاية اللقب

أما بالنسبة إلى لقب “الحاوي”، يقول عبد اللطيف لموقعنا إن الجمهور المحلّي هو أول من أطلق عليه هذا اللقب، ومن بعده المعلّق المشهور “ميمي الشربيني” الذي يطلق هذه التسمية أثناء التعليق على مباريات الزمالك في الدوري المصري.
من جهة أخرى، يؤكد حمادة أنه لم يتأثر بأي لاعب محلي أو عالمي، لأنه أراد أن يكون مميزًا بأسلوب لعبه، لكنّه كان يحب مشاهدة “حسن شحاتة” والبرازيليَين “زيكو” و”سقراط”.

هذا ويشير عبد اللطيف إلى أنه تلقى عروضًا خارجية عدّة في منتصف الثمانينيات، لكنّه فضّل البقاء مع ناديه الزمالك، مضيفًا: “عرض علي “باريس سان جيرمان” عقد إحتراف عام 1986 والإدارة لم تمانع، لكنني لم أتقبّل فكرة الغربة وكنت سعيدًا مع جمهوري وأهلي، لذلك رفضت العرض؛ كما عرض علي “فوركاوا” الياباني بعدها بعامين عقد بمبلغ خرافي ورفضته أيضًا”.

وعن وضع ناديه الأم، الزمالك، يرى عبد اللطيف أن الفريق بات من الأندية العالمية في ظلّ الطفرة الإنشائية والإدارة الحكيمة في عهد مرتضى منصور؛ وها هو يعود إلى سكّة الإنتصارات وتنتظره المباراة النهائية القوية أمام الرجاء البيضاوي المغربي في بطولة أفريقيا. أما عن المنتخب الوطني، فيقول إن ظهوره في كأس العالم الأخيرة لم يكن على مستوى الآمال، ولا يعرف ما هو “سر” وإصرار اللاعبين بالاعتماد على نجم ليفربول محمد صلاح وتحميله فوق طاقاته، خصوصًا أن كرة القدم هي 11 لاعبًا في الملعب، يتعاملون بفكر جماعي وبمجهود مشترك.

ويشدّد حمادة عبداللطيف على أنّه يعتزّ بالألقاب التي أحرزها مع الزمالك، وهي: الدوري المصري مرتين، وبطولة أفريقيا للأندية مرتين، وكأس مصر مرة، والكأس الأفرو آسيوية مرة وبطولة الأندية العربية مرة واحدة أيضًا، ويؤكد على أن المباريات أمام الغريم اللدود “الأهلي” كانت الأجمل، لأن لاعبي الفريق “الأحمر” كانوا يحسبون له حسابًا على أرض الملعب؛ هذا ويرى حمادة أن المستوى الأفريقي في تلك الفترة كان أفضل مما هو عليه حاليًا، ويعتبر أن مبارياته أمام “كانون ياوندي” الكاميروني، و”افريكا سبورت” العاجي، و”فوركاوا” الياباني من الأقوى في مسيرته.

ويختم عبد اللطيف حديثه عبر “أحوال”، موجهًا كلامه للشعب اللبناني ولجماهير النجمة، قائلًا: “أعتبر لبنان من أجمل البلدان التي عشت فيها، وأتمنى من الله تعالى أن يفرج عن هذا البلد الرائع. وأحثّ جماهير “النبيذي” أن تبقى خلف الفريق وحده بغض النظر عن الأسماء، فاللاعبين يتغيرون وكذلك المدرّب والرئيس والإداري. لذا، ابقوا خلف الكيان النجماوي، خلف هذا النادي الرائع”.

سامر الحلبي

سامر الحلبي

صحافي لبناني يختص بالشأن الرياضي. عمل في العديد من الصحف والقنوات اللبنانية والعربية وفي موقع "الجزيرة الرياضية" في قطر، ومسؤولاً للقسم الرياضي في جريدتي "الصوت" و"الصباح" الكويتيتين، ومراسلاً لمجلة "دون بالون" الإسبانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى