منوعات
أخر الأخبار

هكذا نطوّر الشّركات والأفراد للتأقلم مع التحوّل الرقمي

التّحوّل الرقمي (Digital Transformation) هو العبارة التي نسمعها ونقرأها يومياً إذ أصبحت مرتبطة بحياتنا العمليّة بشكلٍ دائم.
المشكلة الرئيسية أنّ التّحوّل الرقمي تحوّل هاجساً عند الشباب في المطلق وتحديداً الشّباب اللبناني حيث ارتبطت عدّة مفاهيم بالتّحول الرقمي، مثل الذكاء الاصطناعي (AI Artificial Intelligence) والروبوتيك (Robotics)، وكأنّ هذه التكنولوجيا ستستبدل الانسان بالآلة وسيصبح شبابنا بلا عمل!

خلافًا للاعتقاد الشّائع، لا يتعلّق التّحوّل الرقمي بالتكنولوجيا بقدر ما يتعلّق بالنّاس ومهاراتهم! يمكنكم شراء أي تقنيّة أو آلة، لكن القدرة على التكيّف مع مستقبلٍ رقمي تعتمد على تطوير مهارات الشباب، وسد الفجوة بين عرض المواهب والطّلب عليها، والتحقّق من إمكاناتك وإمكانات الآخرين في المستقبل.

ما هو التحوّل الرّقمي؟

التحوّل الرّقمي هو اعتماد التكنولوجيا لتطوير الخدمات والأعمال التجاريّة من خلال استبدال العمليات غير الرقميّة أو اليدوية بالعمليات الرقمية أو استبدال التكنولوجيا الرقمية القديمة بأحدث التقنيات الرقمية بحيث يقل العمل الروتيني ويزيد وقت التفكير بالتطوير.

يساعد التحوّل الرقمي في تسريع طريقة العمل اليومية بحيث يتم استغلال تطوّر التكنولوجيا الكبير الحاصل لخدمة عملائك بشكل أسرع وأفضل.
والأهم أنّ التحول الرقمي يساعد في تقليل الأخطاء وزيادة الإنتاجية.
مختصر مفيد، التحول الرقمي هو استغلال التكنولوجيا من قبل الانسان لإنتاجية أفضل!

من هي الشركات التي تحتاج إلى التحوّل الرّقمي؟

لم يعد التحول الرقمي ميزة إضافية تختار أن تستخدمها أم لا، فالخيار الآن هو إمّا أن تذهب للتحوّل الرقمي أو ستواجه ما يسمى “الخوف من الضياع ” (  Fear Of Missing Out) “FOMO”

من منا يتذكر هذه الشركات: kodak، Nokia، Blackberry؟

جميع هذه الشركات كانت رائدة في مجالها، ونظرياً لم ترتكب أي خطأ! لكن مع التطوّر التكنولوجي الكبير عدم ارتكاب أي خطأ لا يكفي! بل يجب التأقلم مع التطور الحاصل وتطوير شركاتنا وأفرادنا وإلا سنصبح من التاريخ!

ما هي الإجراءات التي يجب أن تتخذها الشركات للتأقلم مع التحول الرقمي؟

في البداية، يجب التأكيد على أنّ التحوّل الرقمي يرتكز على المعلومات وقاعدة البيانات (Database) لذلك النقطة الأولى هي تحويل كل المعلومات الصادرة والواردة وجميع الملفات إلى ملفات رقمية، وأرشفتها بأفضل الطّرق لتسهيل الوصول إليها وقت الحاجة (ويوجد العديد من البرامج المتخصصة في هذا الموضوع)

الخطوة التالية تكون عبر إعادة بناء الأنظمة الخاصّة بالشركة بما يتلاءم مع أفضل الأنظمة الرقمية بحيث من المحبّذ أن تكون جميع الأنظمة على السحابة الرقمية (Cloud) حيث من الممكن استخدام أهم الشركات العالمية في هذا الموضوع (Google Cloud, Microsoft, Amazon and Oracle) لتتمكن الشركة من جمع جميع البيانات والبرامج في مكان واحد بحيث يتم استخدام تقنيات الذّكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للحصول على أفضل تحليل للبيانات مما سيمكن الشركات من اتخاذ أفضل القرارات.

 

ماذا عن تطوير الأفراد والوظائف المستقبلية؟

 

الإنسان أولاً! تدور التكنولوجيا دائمًا حول تحقيق المزيد بموارد أقل، ومع ذلك فإن هذا المزيج لا يكون فعالًا إلا إذا قمنا بربط التكنولوجيا بالمهارات البشرية المناسبة.

على مرّ التاريخ وبسبب التطوّر التكنولوجي اختفت بعض الوظائف، في الوقت عينه ظهرت وظائف جديدة. لذلك يجب الاستفادة من قدرة الإنسان على التكيف لإعادة تطوير مهارات الموظفين، إذ لا يمكن للتطور التكنولوجي الحلول مكان الإنسان ولا معنى لأي تكنولوجيا أو اختراع في العالم إذا لم نكن ماهرين بما يكفي لاستخدامه! لذلك يجب التفكير دائما في الاستثمار في الأشخاص الذين يمكنهم جعل هذه التكنولوجيا مفيدة.

ما هي أهم الوظائف المستقبلية في التحويل الرقمي؟

يجب في البداية التركيز على المهارات الشخصية، فمثلما يتعلق التحوّل الرقمي بالناس أكثر من كونه يتعلق بالتكنولوجيا، فإنّ المهارات التكنولوجية الأساسية هي المهارات الشخصية. بطبيعة الحال ومع التحوّل الرقمي وانتقال جميع البيانات لتكون بيانات رقمية، ستكون الحاجة مرتفعة لمحللي الأمن السيبراني (Cyber Security Analysts) ومهندسي البرمجيات (Software Engineers) وعلماء البيانات (Data Scientists).

هل تؤهل الجامعات طلابها ليكونوا جاهزين للتحوّل الرقمي؟
المشكلة الرئيسية هنا هي أن أسس التحوّل الرقمي يجب أن تبدأ من المناهج التربوية في الجامعات والاختصاصات. إذ دائما ما نرى الكثير من الشباب المتخرجين حديثا من الجامعات وفي نفس الوقت بعيدين كل البعد عن حاجات السوق من مهارات وتقنيات مما يتوجب عليهم أن يقوموا بدورات تدريبية إضافية والحصول على شهادات أخرى ليتمكنوا من الحصول على وظيفة خصوصاً أن معظم الشركات لا تستثمر في تدريب الموظفين وتعتبر أن هذا الموضوع تكلفة إضافية على الشركة ويجب أن يكون على كاهل الموظف!

كيف ممكن قيادة التغيير والتعاطي مع مقاومة التغيير (Resistance to Change)

يجب أن تبدأ قيادة التغيير من الأعلى إذ من المرجح أن يحدث التغيير بشكل سلس وسهل إذا دفعته من أعلى إلى أسفل وهذا لا يعني أنك بحاجة إلى ثقافة الخوف، بل إنها مسألة قيادة (Leadership Skills).

كما أنه لا يمكنك توقّع تغييرات كبيرة في مؤسستك بشكل فوري بل إنّ التحوّل الرقمي هو عملية طويلة الأمد وتحتاج إلى عمل يومي متواصل، وبطبيعة الحال سيكون لدى العديد من الاشخاص توجّه لمقاومة التغيير لعدة أسباب، أهمها خوفهم عدم قدرتهم من التأقلم مع التقنيات الحديثة. لذلك يجب معالجة مشاكل الانسان والتكنولوجيا خلال فترة التحوّل الرقمي.

في الخلاصة، التحوّل الرقمي هو الحاضر والمستقبل ومما زاد من سرعة انتشاره هو فيروس كورونا الذي فرض ما يسمى بـ “Low Touch Economy” أي الاقتصاد المبني على التباعد الاجتماعي والعمل عن بعد فأصبحنا بحاجة لهذه التقنيات الحديثة.

فإذا التحوّل الرقمي كان عاملاً إيجابياً بظل وجود كورونا وساعدنا بشكل كبير لكن المهم التأقلم معه وتطوير أنفسنا وشركاتنا بهدف المنافسة في سوق العمل.

رولان أبي نجم

 

رولان أبي نجم

مستشار وخبير في التحوّل الرقمي وأمن المعلومات. مدرّب في الأمور المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات وأمن وسرية المعلومات بالإضافة إلى التسويق الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى