منوعات

هل أخطأ عون أم أصاب بإقتراح الحوار الآن؟

مع ان وظيفة اي حوار هي اساسا محاولة التقريب بين آراء المختلفين، الا انه في لبنان يصبح في حد ذاته مادة إضافية للخلاف والانقسام.
هكذا، وما ان طرح الرئيس ميشال عون فكرة الدعوة إلى الحوار الوطني، حتى انقسم المدعوون البها بين مؤيد ومعارض، الأمر الذي أدى إلى تكريس الفرز الداخلي بدل التخفيف من حدته كما هو المقصود من الفكرة.
َوبدا واضحا ان مشروع طاولة الحوار اهتز مع اعلان كل من الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن رفض المشاركة، ما دفع البعض الى الافتراض بأن الحوار لم يعد نافعا ولا مفيدا مع قرار قوى أساسية بالتغيب عنه، لان الاستمرار به سيحوله الى حوار “بلدي” بين أطراف الصف الاستراتيجي الواحد، الأمر الذي سيفقده معناه ومغزاه.
ويعتبر أنصار هذا الرأي ان توقيت الدعوة إلى الحوار مع بدء العد التنازلي للولاية البرتقالية لم يكن موفقا وانه كان على عون ومستشاريه ان يستشرفوا مسبقا ردود الفعل السلبية المتوقعة من خصوم العهد الكثر قبل الخوض في مسألة الحوار ومن ثم الاضطرار لاحقا الى إلغائه او عقده بمن حضر، وفي كلتي الحالتين ستكون الانعكاسات سلبية على صورة الرئيس.
ويتوزع معارضو الحوار بين من يجد ان الاولوية هي لخوض انتخابات تكسر العهد وليست للجلوس معه مجددا حول طاولة واحدة، ومن يفترض ان لا سبب لتعويم العلاقة بعون في الاشهر الاخيرة من ولايته، ومن يشعر بأن الحوار الذي اخفق في نسخاته السابقة لن ينجح الآن، ومن يعتبر ان البنود المطروحة للنقاش هي من اختصاص مجلس الوزراء.
لكن هناك مقاربة أخرى في الاوساط الداعمة لعون تعتبر ان رئيس الجمهورية أدى واجبه في السعي الى إطلاق حوار وطني شامل يجمع كل المكونات الاساسية، مترفعا عن الخصومات السياسية والحسابات الشخصية في سلوك يؤشر إلى تحسسه الكبير بالمسؤولية والحاجة الى مواجهة مشتركة للتحديات الضخمة بعيدا من الاصطفافات الضيقة، “اما من قرر الامتناع عن التجاوب مع مسعى عون فهو الذي يجب إلقاء اللوم عليه وتوجيه الاتهام اليه لأنه يتهرب من تحمل المسؤولية الوطنية في مرحلة مفصلية، مغلبا مصلحته الخاصة على الصالح العام وبالتالي يكفي ان مبادرة رئيس الجمهورية كشفت من هم المتخاذلون الذين لا يزالون يتعاطون مع أزمة مصيرية بحسابات الزواريب.”
وتشير الاوساط الى ان طاولة الحوار ليست بديلا عن مجلس الوزراء الذي يجب أن يعود إلى الاجتماع، “ولكنها يمكن أن تكون تعويضا ظرفيا عنه في انتظار التئامه مجددا، إذ لا يجوز التسليم بحالة انعدام الوزن السائدة والاستسلام لها من خلال تعطيل الحكومة وطاولة الحوار في آن واحد.”

 

عماد مرمل

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى