منوعات

أزمة المحروقات.. نموذج عن سياسة “رفع الدعم”؟

أبو شقرا لـ"أحوال": نغطي 50%من احتياجات السوق من مادة البنزين و20% من مادة المازوت

أصبح من الثابت أن لبنان في خضم مواجهة فصل جديد من الأزمة الاقتصادية والمالية التي تزداد يوماً بعد آخر، إذ لم يعد الحديث يقتصر على ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، أو عدم قدرة المودعين على الوصول الى أموالهم فحسب، بل بتنا في مرحلة “رفع الدعم” من قبل مصرف لبنان عن المواد الأساسية، وفي مقدمتها المحروقات، حيث باتت طوابير الانتظار أمام محطات البنزين مشهداً متكرراً في الآونة الأخيرة.

ويمكن ملاحظة شمول هذه الأزمة كافة المناطق اللبنانية، من الشمال الى الجنوب مروراً بالمناطق الداخلية، ولو أن التعبير عنها بدا مختلفاً، حيث تقوم بعض المحطات بإقفال أبوابها كلياً، فيما تلجأ أخرى الى تقنين البيع بمعدل يتراوح بين 20 إلى 30 ألف ليرة فقط، بينما تختار محطات أخرى فتح أبوابها لساعات محددة في النهار.

ممثل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا، يختار كلماته بعناية ودقة في حديثه لموقع “أحوال ميديا” عن الأزمة الراهنة، كما يعترف بأنه “يتحفّظ عن ذكر بعض الأمور” خوفاً من نشر الذعر بين المواطنين الذين سيعمدون حتماً الى تخزين كميات إضافية من المحروقات خوفاً من عدم توفرها أو ارتفاع سعرها.

من هنا، يؤكد أبو شقرا أن ما يحصل اليوم هو عبارة عن تقنين نتيجة عدم توفير مصرف لبنان اعتمادات الاستيراد المطلوبة، لافتاً إلى أنهم لم يصلوا بعد الى مرحلة الانقطاع الكلي للمحروقات، ولكن الشركات الموزعة لم تعد تتمكن من تسليم السوق كامل حاجته.

وينفي أبو شقرا علمه بقيام “المنتفعين” بتخزين كميات من المحروقات لإعادة بيعها في السوق السوداء، ليشير الى أن الكميات المتوافرة حالياً تغطي 50% من احتياجات السوق من مادة البنزين، و20% من مادة المازوت، مُرجِعاً التفاوت في حجم الأزمة بين المناطق الى اختلاف قدرة شركات التوزيع على مدّ عملائها بالمحروقات.

من جهة أخرى، فإن ما يزيد من خطورة الأزمة، هو أن رفع الدعم عن المحروقات سيؤثر بشكل مباشر على أسعار جميع السلع، حيث يؤكد الخبير الاقتصادي بيار الخوري، في حديث لموقعنا، أن المحروقات تدخل ضمن تركيبة جميع عناصر الكلفة الاقتصادية بنسب مختلفة، حيث تتراوح هذه النسب بين 5% كحد أدنى، وقد تصل الى 40% في ما يتعلّق بالقطاع الصناعي، وهذا ما سينعكس سلباً حتّى على أسعار المواد الأساسية كالخبز، بصرف النظر عن الإبقاء على سياسة دعم الطحين أو رفعه.

وانطلاقاً من ذلك، يرى الخوري أن رفع الدعم عن السلع بشكل مطلق قد يؤدي الى عواقب وخيمة، مقترحاً اعتماد اجراءات تحدّ من انعكاسات الأزمة، تتمثّل باعتماد بطاقة دعم ذكية للفئات الأكثر فقراً، كتلك التي تعتمدها سوريا منذ عام 2010، أو رفع الضريبة عن البنزين، أو اتخاذ قرار جدّي برفع الاحتكارات، متوقعاً بالتالي أن اتخاذ هكذا إجراءات يمكن أن يجعل من أثر رفع الدعم عن المحروقات “هامشياً”.

مهدي كريّم

مهدي كريّم

صحافي وكاتب لبناني يهتم بالقضايا السياسية والإقتصادية. حائز على ماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى