مجتمع

شجرة الميلاد هذه السنة حزينة جدًا

الأعياد وراء الأبواب، وشجرة الميلاد حطّت رحالها بحزن شديد في المنازل والمحلات والشوارع والساحات. ولو حاولت بعض الجهات “تغطية السماوات بالقبوات”، فشجرة الميلاد هي رمز ومحور أساسي في الأعياد المسيحية نهاية كل سنة، لأنها ترمز أساسًا إلى الحياة وإلى الفردوس والخلق، وثمارها تؤشّر إلى الأعمال الصالحة والقيامة.

وكما جرت العادة في كل سنة ومع بداية شهر كانون الأول، يبدأ الناس بالتحضير لعيد الميلاد عبر شراء لوازم إضافية لإغناء شجرتهم ولتجديد الزينة كما لمواكبة موضة الألوان الجديدة، ويخصّصون الوقت ليتشارك أفراد العائلة الواحدة بتزيينها على وقع الأغاني والأجواء الميلادية.

لكن ما حملته هذه المرحلة من تداعيات في ظلّ الضائقة الاقتصادية والمعيشية وتضخّم الأسعار، هل غيّر اللبنانيون من عاداتهم ووقفوا متفرجين على زخرفات وأشكال جديدة لزينة شجرة العيد، دون أن يتمكّنوا من شرائها، أم اقتصر الأمر على التمنيات؟

الصور بعدسة اوديت همدر

“أحوال” استطلع شرائح مختلفة من المجتمع الشمالي لتبيان الصورة المستجدة، فأكدت السيدة وداد فرنجيه أن زينة العيد هذه السنة لا تختلف كثيرًا عن السنة الماضية، وقالت: “لقد تفاجأت بالأسعار المرتفعة جدًا لزينة العيد هذه السنة، وبالنسبة لي فإن شراء هذه الأشياء أمر غير مقبول”، مضيفة: “كيف لي أن أشتري أشياء باهظة لزينة صنعها البشر لغاية تجارية والوضع بأكمله لا يبشّر بالخير، فالفقر منتشر في كل مكان والناس تعاني”، معتبرة أن “المحبة إن وجدت هي التي تجسد المعنى الحقيقي للعيد”. وتابعت: “فلنتواضع جميعًا وبخاصة في هذه المرحلة الصعبة ولنساعد بعضنا ولو بالقليل، هكذا نُفرِحُ قلوباً غمرها الحزن والتعب ونتذكر أن السيد المسيح قد وُلد في مذود”.

بدورها السيدة منتورة نمنوم، أشارت إلى أن “الأزمة الاقتصادية أثّرت على الجميع حتى أصبح شراء الأشياء البسيطة لتزيين الشجرة أمر غير ممكن، فاهتمامنا في الوقت الحالي يتركز على الأولويات الحياتية”، مضيفة: “الأحب إلى قلبي أن أجدّد شجرة الميلاد، ولكن هذه السنة هي استثنائية على الجميع”. هذا وتمنت نمنوم أن يمر العيد بسلام على الجميع وأن يحمل معه كل الفرح لعائلات لم تجد من يساعدها، معتبرة أن “المساعدة النابعة من القلب هي العيد بحد ذاته، فلنعش إذًا هذا العيد ولنجرّبه بمعناه الحقيقي دون أن تشوشنا البهرجات والزخرفات”.

الصور بعدسة اوديت همدر

من جهتها، ذكّرت السيدة جوزيفين فنيانوس بأن “شجرة العيد والمغارة ترمزان إلى تراث ديني وإيماني راسخ ومن تقاليدنا الدينية، والاهتمام بهما وتجديدهما وتزيينهما بكل ما يرمز إلى عيد الميلاد وإلى الأضواء الملونة وغيرها هو اهتمام عام لدى كل المؤمنين، ولا يجب أن يؤدي إلى التباهي بجمالها وغناها وحجمها، بل بمضمونها”.

وأردفت: “إن هذا الاهتمام والحماس والشعور الذي يتكرّر كل سنة عند حلول فترة العيد، وكانت تُخصص له الموازنات لاختيار الأجمل من رموزه واستبدال القديم بالجديد، قد أحبط لدينا هذه السنة بسبب ما آلت إليه الظروف المعيشية من قساوة وصعوبة في تأمين الضروري من الحاجات الحياتية، على أمل أن تكون الأيام والسنوات المقبلة مفعمة بالأمل والخير والفرح تعويضًا عما حصل في هذه الظروف غير المسبوقة”.

الصور بعدسة اوديت همدر

الى ذلك، لفت الشاب انطوان معوض إلى أن “شجرة الميلاد مرّت بمراحل تطور عديدة، وكانت الناس تلجأ إلى الأشجار الطبيعية، كما كان التركيز على المغارة حتى وصلنا إلى الشجرة الاصطناعية وأصبح هناك شيء اسمه “بهرجة العيد” وبدأت الأشياء الاصطناعية تطغى على الانسانية”، مضيفًا: “إن الانكماش الاقتصادي عكس أجواء حزينة على العيد وتحضيراته”، متمنيًا أن تمر هذه الفترة الصعبة بأقل الخسائرالمعنوية والمادية على اللبنانيين.

اللافت أن هناك قوى مجتمعية وجمعيات خاصة تنشط لإقامة معارض وأسواق وقرى ميلادية للتخفيف قليلًا عن كواهل الناس، كما تتحضر بعض القرى لريسيتالات الميلاد التي بدورها يمكن أن تضفي جوًا من الفرح في نفوس مواطنين تعبوا من تحمّل هموم الحياة اليومية في بلد يفتقر لأبسط ما يمكنه أن يُفرح القلوب.

مرسال الترس

مرسال الترس

اعلامي لبناني كتب في العديد من الصحف والمجلات اللبنانية والعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى