منوعات

قرار “الدستوري” خلط الأوراق وعقّد “تسوية” البيطار والحكومة

عون لن يوقّع مرسوم "الهيئات الناخبة" والانتخابات إلى أيار

اختار المجلس الدستوري النأي بالنفس عن كتلة النار السياسية الملتهبة حول الانتخابات النيابية وقانونها الانتخابي، رغم أن قرار المجلس أو الـ”لا قرار” عكس حالة الانقسام السياسي الدائر في البلد.

وبحسب مصادر مطلعة على مشاورات اليومَين الماضيَين قبل قرار “الدستوري” لـ”أحوال”، فإن “الضغوط السياسية وسقوط التسوية السياسية القضائية ليل أمس، أرخت بظلالها على “الدستوري” الذي كانت بورصة مواقف أعضائه تتحرك على وقع المشاورات بين بعبدا وعين التينة لكي يُكيف “المجلس” قراره مع موجبات التسوية، كون نتيجة الطعن كانت جزءاً أساسياً من التسوية التي تضمّنت إقالة قضاة الصف الأول، أبرزهم رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود وكفّ يد المحقق العدلي في انفجار المرفأ طارق البيطار عن ملاحقة الوزراء والرؤساء، وبالتالي بقي الاتصال مفتوحاً مع أعضاء “الدستوري” حتى وقتٍ متأخر من ليل أمس، إلا أن طلب رئيس الجمهورية ميشال عون شمول المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات والمدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ضمن التسوية، دفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري لرفض إقالة إبراهيم ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لرفض إقالة سلامة، وبالتالي سقطت التسوية عشية انتهاء المهلة المحددة للمجلس الدستوري للبت بالطعن، وهذا أبلغ دليل على ارتباط تسوية إقالة القضاة بالطعن بقانون الانتخاب.

مصادر سياسية لفتت لموقعنا إلى أن “رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، كان موعوداً بأن يأتي قرار الدستوري لصالحه، لحصر تصويت المغتربين بدائرة واحدة وليس بكل الدوائر المسيحية، لأنها ستأتي لصالح أطراف منافسة له”، كاشفة عن “اتفاق تم بين عون وبري على عدم تعطيل نصاب انعقاد المجلس الدستوري وترك مسألة تأمين أغلبية 7 أعضاء للتصويت، مرتبطة بنتائج التسوية السياسية – القضائية النهائية، كما اتفقا على أن يصوّت العضوَين الشيعيَين في المجلس لصالح الطعن لو نجحت التسوية، لكن شروط عون الإضافية عقّدت الأمور وأجهضت التسوية، وبدّل العضوَين الشيعيَين موقفهما في ساعات الليل الأخيرة من يوم الاثنين بعد تبلّغهما تعثّر التسوية”. وتساءلت المصادر عن “جدوى طرح إقالة القاضي ابراهيم الذي لا علاقة له بتحقيقات المرفأ المعنيين بها: سهيل عبود وطارق البيطار؟”، معتبرة أن “الرئيس عون فرض معادلة 6 و6 مكرر، أي إقالة قاضيين مسيحيين مقابلهما إقالة قاضيين مسلمين أي القاضيين عويدات وإبراهيم”.

وأشارت المصادر إلى أن “الرئيس عون لم يعد يملك أوراق تفاوض بعدما فقد ورقة الطعن في المجلس الدستوري، سوى ورقة عدم توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وهذا المرسوم يُعتبر عادياً أي لا يصبح نافذاً بعد مرور 15 يوماً، وبالتالي يتحكم رئيس الجمهورية بموعد الانتخابات الذي لن يكون في 27 آذار لأن عون لن يوقع المرسوم في 27 الجاري أي قبل 90 يوماً من موعد الانتخابات، ما يعني أن الانتخابات ستؤجل الى أيار المقبل”.

من جهته، يوضح الخبير الدستوري والقانوني، د. عادل يمين، في حديث لـ”أحوال” أنه “بعد قرار الدستوري، يُعلّق العمل بالدائرة 16 ونعود الى الدوائر الـ 15 والمهل المحددة في القانون الانتخابي بعد التعديلات التي أقرها مجلس النواب، وبالتالي يصوّت المغتربون لـ128 مقعداً بحسب الدائرة الأصلية التي ينتمون إليها، أما موعد الانتخابات فيُحدّد بمرسوم رئاسي عادي وهو بيد وزير الداخلية ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، وليس من اختصاص مجلس النواب، وبالتالي القانون لم يحدد 27 آذار حكماً بل خلال فترة ثلاثة أشهر”.

ولفت يمين الى أن “ما توصّل اليه الدستوري مؤسف لأنه اعتكاف عن إحقاق الحق، وبالتالي يصبح القانون ساري المفعول بقوة الأمر الواقع وليس بقرار قانوني وموضوعي”، علماً أن الدستور، بحسب يمين، “نظّم عملية اتخاذ القرار في الدستوري ومنحه الحق بعدم اتخاذ قرار لاعتبار عدم تبلور القرار بقضية ما”. وبناء عليه، يرجح يمين أن تجرى الانتخابات في 8 أيار، كون الدستور يحدد موعد إجراء الانتخابات قبل شهرين من انتهاء ولاية المجلس النيابي، على أن يوقع عون مرسوم دعوة الهيئات الناخبة ونشره في الجريدة الرسمية قبل 90 يوماً من موعد الانتخابات، وبهذه الحالة يجب أن يوقّعه رئيس الجمهورية في 8 شباط المقبل”.

وتتوقع المصادر أن يخلط قرار الدستوري والاصطفاف السياسي للأعضاء الأوراق، ويترك تداعيات سلبية على موقف التيار الوطني الحر حيال ملفات عدة وعلى العلاقة بين التيار و”حزب الله” وارتفاع منسوب التوتر في العلاقة مع “حركة أمل”، وهذا ما ألمح إليه باسيل في كلمته اليوم، إضافة الى مزيد من التعقيد وتصلب عون وباسيل في ملف تحقيقات المرفأ، إذا لم يعد عون والتيار ملزمان بتنحية المحقق العدلي طارق البيطار بعد سقوط الطعن، إلا إذا حصلا على مكاسب في ملفات أخرى كالتحالفات الانتخابية والاستحقاق الرئاسي.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى