مجتمع

مبادرات ملهمة… لبنانيون يتخلون عن الوظيفة لصالح مشروعهم الخاص

مع بداية الأزمة الاقتصادية في لبنان عمد عدد كبير من الشركات للاستغناء عن موظفيهم بذريعة عدم قدرتهم على الاستمرار في ظلّ الأوضاع الصعبة التي يمر بها البلد، كما بادر الكثير من الموظفين لتقديم استقالاتهم وترك عملهم بعد أن فقدت الليرة اللبنانيية قيمتها، إذ بات راتبهم الشهري لا يساوي المئة دولار أميركي، وهذا ما لا يكفي لتأمين فاتورة كهرباء ومواصلات تنقل للعمل.

أمام هذا الواقع الحرج، وجد الشباب اللّبناني نفسه أمّام تحدّي النجاة. لا خيار له، هو ملزم بالعبور من هذه المحنة، وسوف لن يسمح لهذه العاصفة أن تغرّقه لو مهما كلّفه الأمر تجذيفا.

بعض المواطنين وجدوا في الأعمال اليدوية والحرف المنزلية ملاذًا يقيهم شرّ العوز، ويدرّ عليهم مدخولًا أوفر من راتب تقدمه الشركات والمؤسسات العامة والخاصة، كمنّةٍ قي كلّ شهر.

 

نورا تخلّت عن التعليم وافتتحت حضانة في المنزل

نورا معلمة مدرسة حاصلة على ماستر في الرياضيات، تقول لـ “أحوال”: أنا أعمل في مدرسة بعيدة عن سكني ومع تفاقم الأزمة وغلاء المحروقات بات راتبي بالكاد يكفي كلفة بدل نقل، ما دفعني لتقديم استقالتي.

بعد ذلك، قدّمت نورا وشقيقتها الممرضة على طلب رخصة حضانة وافتتحتا عملهما الخاص في المنزل لرعاية الأطفال صباحًا والتدريس بعد الظهر.

تبدو نورا اليوم راضية عن عملها، تقول “الآن أنا أكسب نفس قيمة راتبي السابق أو ربّما أكثر، لكنّي وفّرت الوقت والتعب وأجار الطرقات والطعام يوميًا، بالإضافة إلى وجود أطفالي معي دائما وبذلك وفّرتُ تكلفة وضعهم بحضانة”.

 

رولا من الوظيفة إلى تجهيز الزينة

كما نورا كذلك رولا التي اضطرّت أن تتخلّى عن وظيفتها في إحدى الشركات الخاصة. “بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة تركتُ عملي للتفرغ لمنزلي وطفلتي، فكلفة الحضانة باتت تساوي راتبي”، تروي رولا في دردشة لـ”أحوال”.

وعن تجربتها الخاصة تقول: حاولت الاستمرار لكن الوضع صعب جدًا لذلك أخذت قراري بالتوقف عن العمل، وسعيت لفتح عمل يدوي خاص بي والآن أنا أقوم بتجهيز زينة أعياد الميلاد والمناسبات وعلب الهدايا حسب الطلب”.

تحاول رولا “الاستمرار رغم الأوضاع الصعبة التي يمر بها الجميع وتحاول مراعاة الأسعار لأنّ الناس تعاني من ارتفاعها عند مختلف الباعة”، بحسب تعبيرها. وتختم حديثها بالقول “لذلك فإنّ أسعاري لا تتخطى المعقول”.

 

 

سارة نقلت عملها إلى المنزل: أصبح راتبي كلّه لي

أمّا سارة شابة متزوجة حديثًا، لطالما عملت بأحد الصالونات كمزينة أظافر، ومعاشها لا يتخطى المليون ونصف. تقول بدورها لـ”أحوال”: الوضع صعب جدًا، أنا وزوجي نعمل من الصباح حتى المساء لتأمين مستلزماتنا الضرورية جدًا.

مع اشتداد الأزمة تركت سارة وظيفتها في الصالون وبدأت تعمل لحسابها الخاص في المنزل.

تضيف: كلفة النقل أصبحت مرتفعة جدًا ومصروف الحياة اليومية أصبح لا يحتمل، بهذه الطريقة وفرت راتبي وأصبح كلّه ملكًا لي.

 

روايات كثيرة نسمعها بشكل يومي عن المعاناة التي يعيشها المواطن اللّبناني، حتى أنّ الحدّ الأدنى للأجور إذا ارتفع عشرة أضعاف بالكاد يكفي في أيامنا هذه للاستمرار وتأمين ضروريات الحياة… أعباء تزداد كل يوم: كهرباء، ماء، دواء، طعام، فإلى متى سيكتم المواطن اللّبناني صرخته؟.

نوال الغندور

صحافية لبنانية. تحمل شهادة الإجازة في الإعلام من الجامعة العربية في بيروت. عملت في العديد من الصحف والقنوات التلفزيونية والمواقع الاخبارية اللبنانية والعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى