مجتمع

فضيحة الحشائش: الدّولة غائبة عن السمع فمن ينقذ الزّراعة والمواطن؟

لا ينقص هذه البلاد أزمات ومفاجآت، ولا ينقص المواطن المزيد منها، لتأتي قضية تلوث الخضار، والحشائش بشكلٍ خاص، لتزيد الطين بلةً، في ظلّ الأجواء الملوثّة على كافة الصعد وبالغياب التام للمرجعية الرسمية المباشرة التي عليها التوضيح وطمأنة الرأي العام، لا بل تتأرجح المسؤوليات دون معرفة الحقيقة.
أزمة قديمة – جديدة طالت مائدة المواطن اللّبناني والدّول المستوردة، إذ أعلنت دولة قطر مؤخراً عن قرارٍ بوقف استيراد بعض الحشائش من لبنان كإجراء احترازي نظراً لارتفاع نسبة التسمّم بالرصاص وبكتيريا الـ”إيكولاي” بنسبة كبيرة من العيّنات التي خضعت للتّحليل خلال الأشهر الماضية.
المخيف في الموضوع أنه لولا هذا الإجراء القطري لبقي اللّبنانييون “على عماهم” يتعايشون مع التلوث و”يتغذون” على المواد المسرطنة. فما هو السبيل لمواجهة هذا الملف على الصعيد الوطني، وهل يحتاج قطاع الزراعة لـ”نفضة” وانتفاضة صحية فيما الدولة غائبة؟ وكيف السبيل إلى معالجة هذه الفضيحة محلياً؟
مخايل: التلوث بالأسمدة الكيميائية
المهندس الزراعي والخبير حنا مخايل يؤكد لـ”أحوال” أنّ “المشكلة في لبنان سببها غياب الرقابة، فالأدوية والأسمدة الممنوع استخدامها التي تصدر سنوياً عن وزارة الزراعة ومصلحة الأبحاث الزّراعية نجدها في الأسواق وبأسعار تنافسية، كل ذلك في ظلّ غياب دور الدّولة في ارشاد المزارعين لتجنبها” و”هناك تقصير من قبل مدراء مكاتب وزارة الزراعة في المناطق بمهامهم ومراقبة المزراعين الذين يسعون إلى تصريف إنتاجهم رغم التلوث”.
ويأسف “لعدم وعي المزارعين والقيام بالمبادرات الفردية لإجراء الفحوصات المخبرية الدورية لمنتجاتهم حرصاً على صحة المستهلكين”.
ويؤكد مخايل أن “الفوضى العارمة في لبنان تترك حالاً من الإحباط لدى المزارعين الذين يؤكدون بدورهم أن الدوائر الرّسمية لا تتحرك لإجراء الفحوص المخبريّة ومعرفة أسباب تلوث الخضار إلا بعد فوات الأوان”.
وعن أكثر الأراضي الزّراعية تلوثاً في لبنان يقول “عكار والبقاع بشكل أساسي، وهي تحتاج إلى 5 سنوات على الأقل للمعالجة كي تصبح صالحة للزّراعة” ويضيف أنّ “المبادرات الفردية أو الجماعية هي الطريقة الأجدى لمعالجة تلوث المزروعات عبر مبادرات من أشخاص متمولين أو المشاركة الأهلية في تغطية نفقات الفحوصات الدورية للمنتجات لتأكيد سلامتها، خاصةً ونحن نعيش ارتفاع ملحوظ بزيادة الوعي بمضار الأسمدة والأودية الممنوعة”.
ويختم المهندس حنا مخايل أن “القطاع الزراعي اللّبناني تلقى الضربة القاضية بعد فضيحة تلوّث الحشائش بسبب سياسات الحكومات المتعاقبة الفاشلة، والتي لم تضع خطط الإصلاح ضمن أولوياتها، والتي أهملت القطاع منذ التسعينات وحتى اليوم، والكارثة التي ضربت المواطن والمزارع لم توقظ الدولة الغائبة، لا بل الأنكى أنها لم تهزّ أحداً من المسؤولين”.
زهر الدين: التلوث بالصرف الصحي
من جهته يشير المهندس الزراعي رامز زهر الدين إلى أنّ “الحشائش الملوثة ربما مصدرها بشكل أساسي من تلك المزروعة في المناطق الساحلية، ومن المعروف أن تلك المناطق يتم ريها بالمياه الملوثة بنسبة عالية بمياه الصرف الصحي والمجاري مباشرةً او عبر تسرب تلك المياه الى الآبار الارتوازية”.
ويتابع زهر الدين “المياه الساحليّة في لبنان ملوّثة بشدّة بالمياه العادمة التي تتدفق من فتحات تصريف مياه الصّرف الصّحي المنزليّة، وتصريفات مياه الصّرف الصّحي الصّناعيّة، والمخلّفات الزّراعية السّاحلية، ومكبّات النّفايات الضّخمة على الواجهة البحريّة، ما يتسبب في تكوين الفطريّات والمواد البكتيريّة التي من شأنها أن تؤدي إلى أمراض مسرطنة”.
ويضيف “علينا أن نلفت النّظر إلى أنّ نسبة الحشائش الملوّثة في لبنان لا تتخطّى 30% وهو عكس ما يروّج له في وسائل الإعلام، وذلك لخلط المياة المبتذلة بالمياه المالحة والتي تعتبر معقّمة نوعاً ما، ما تساهم في القضاء على نسبة مهمّة من البكتيريا الموجودة في مياه المجارير”.
وفيما يتعلّق باستخدام الأسمدة الكيميائيّة في الزّراعة يلفت إلى “أنّها سبباً مهماً لتلوّث الحشائش، فهي أسمدة غير عضويّة مكونة من الأملاح وهي عادة ما تستخدم للنباتات الورقيّة كي تنمو بسرعة”.
وعن الفترة الزّمنية لإزالة الملوّثات من التّربة يقول “لا يوجد فترة محدّدة ولكنها تبقى لفترات طويلة مترسّبة في الأراضي الزّراعيّة لتبقى صحّة المواطن رهن ضمير المسؤولين من المزارع الى مسؤولي الادارات المعنية في المراقبة والتوعية وتطبيق القوانين بشكلٍ صارم”.

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى