منوعات

استقالة قرداحي في عهدة برّي بانتظار الضمانات السعودية.. فما هو الثمن؟

حملت زيارة وزير الإعلام جورج قرداحي إلى عين التينة نوايا وإرادة جدية لدى لبنان لحل الأزمة الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية، لكن هذا يتطلّب أن تتقدّم المملكة بخطوة وتلاقي الجهود اللبنانية والوسطاء الخارجيين في منتصف الطريق.

“لم يحمل لقاء وزير الإعلام مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري حلاً ناضجاً للأزمة، لكنّه بحث بمقترحات للحل”، بحسب ما أكّدت مصادر مطلعة على اللقاء لـ”أحوال”، والتي شدّدت على أنه ورغم أن “قرداحي نفى طرح موضوع استقالته في اللقاء، إلا أنّه أبدى استعداده لأن يضع استقالته من الحكومة في عهدة بري في حال قدّمت السعودية الضمانات اللازمة”.

المصادر أشارت إلى أن “الوسطاء الذين ينشطون على خط بيروت – الرياض، يعملون على تسوية تقضي بالحصول على تعهّدات طلبها لبنان من السعودية مقابل استقالة قرداحي، تتضمّن التراجع عن الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية التي اتّخذتها، وإعادة سفيرها إلى بيروت وعودة العلاقات إلى ما كنت عليه قبل الأزمة”، مضيفة: “وبدأت الإشارات الإيجابية تصدر من لبنان بكلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ثم كلام رئيس الجمهورية ميشال عون ولاحقاً خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس، وكلام قرداحي من عين التينة تحديداً التي تربطها علاقة جيدة مع المملكة، أي أن قرداحي وضع ورقة استقالته بعهدة بري حتى تلقيه الضمانات المطلوبة، أي أن المعادلة هي التالية: الإستقالة مقابل ثمن فك العزلة الدبلوماسية الاقتصادية المالية السعودية – الخليجية عن لبنان”. إلا أن المملكة لم تصدر أي إشارات إيجابية بانتظار تبلور الوساطات، مع استبعاد مصادر دبلوماسية “حلحلة الأزمة لارتباطها بوضع المملكة في المنطقة وتحديداً في مأرب، فالرياض لن تقبض الثمن في لبنان بل بمكان يتّصل بأمنها القومي في اليمن”.

وفيما لوحظ حصول الزيارة بعد خطاب نصرالله الذي اتّسم بالهدوء وفتح الباب أمام الحلول مع المملكة خارج إطار تحميل نفوذ “حزب الله” في لبنان ودوره في الحرب باليمن مسؤولية الأزمة، لفتت المصادر إلى أن “موعد زيارة قرداحي إلى عين التينة كان مقرراً قبل خطاب السيد نصرالله”، موضحة أن “قرداحي عرض وجهة نظره في موضوع الأزمة مع السعودية وسمِع من برّي رأيه ورؤيته لحلّ هذه الأزمة بما يحفظ السيادة اللبنانية من جهة والمصالح الاقتصادية واللبنانيين العاملين في الخليج من جهة ثانية”.

ورغم أن موضوع قانون الإعلام الذي أشار قرداحي إلى أنه الموضوع الأساس للزيارة ولحديثه مع رئيس المجلس، لكن أوساط عليمة كشفت لموقعنا أن “الأزمة مع السعودية هي السبب الخفي للزيارة التي حملت في الشكل على الأقل رسالة إيجابية تقصّد قرداحي أن يوجهها من عين التينة إلى السعودية بهدف تبريد الأجواء وملاقاة جهود الوسطاء الداخليين والخارجيين، وللتأكيد من صاحب التصريح بأنّه لا يريد التحدّي ولم يقصد الإساءة للمملكة، كما لم يكن وزيراً عندما أدلى بهذه المقابلة”.

ولفتت أجواء عين التينة لـ”أحوال” إلى أن “الرئيس بري من موقعه السياسي يدرك عمق المأزق ولا يستسلم للواقع، وكونه صاحب المخارج للأزمات المستعصية، لم ولن يقصّر في السعي الحثيث والدائم لإيجاد الحلول المناسبة للأزمات التي يتخبّط بها لبنان على كافة المستويات”، مشددة على أن “رئيس المجلس يحاول صناعة المناخات الايجابية وتعميمها، لعلّها ترخي بثقلها على المشهد الداخلي وتفتح الباب أمام وساطات وحلول توفيقية يجري العمل على تسويقها”.

وأوضحت أن “الرئيس بري لم يطرح خارطة طريق متكاملة للحل في الملفات الثلاثة، أي الأزمة مع السعودية وقضية البيطار وأحداث الطيونة، بل طرح فصل هذه الملفات وقدّم مقترحاً لأزمة تنحي البيطار، وأن يأخذ القضاء مساره في كمين الطيونة، أما الحل مع السعودية فيحتاج إلى مناخ من التهدئة وتقدم مسارات الحوار في المنطقة لكي تنعكس إيجاباً على العلاقة بين الرياض وبيروت”.

وشددت أجواء عين التينة على أن “العودة إلى الإلتزام بقواعد الدستور والقانون يشكّل الحل لأزمة القاضي البيطار”، لافتة إلى أن “فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر عطّل مبادرة البطريرك الراعي الذي أعلنها من عين التينة بالتوافق مع رئيس المجلس، وذلك بهدف الإستثمار فيها في الانتخابات”.

وفيما أكدت مصادر ثنائي “أمل” و”حزب الله” أن “الحكومة لازالت معلقة على أزمة البيطار التي لم يسجل أي حل عملي لها بانتظار المساعي التي يبذلها ميقاتي مع الثنائي”، موضحة لـ”أحوال” أن “بري يسعى جاهداً لفصل الملفات، أي تنحية البيطار عن ملاحقة الرؤساء والوزراء ووضعها في عهدة المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء، وإباق باقي الملف بعهدة المحقق العدلي الحالي، ومن ثم يضع الأخير قراره الظني ويحيله إلى المجلس العدلي وتنتهي مهمته، ما يمهد الطريق لعودة وزراء “أمل” و”حزب الله” و”المردة” إلى الحكومة، ويجري بحث قضية الأزمة الدبلوماسية مع السعودية. وفي حال عدم الاتفاق على حلها، تُكمل الحكومة عملها بشكل طبيعي في معالجة الأزمات الاقتصادية والمالية”.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى