منوعات
أخر الأخبار

تحية لأرواح ضحايا: درج الجميزة يوثق لحظات الانفجار

نظم الباحث وارف قميحة أخطر تعدٍ شهدته العاصمة اللّبنانية من خلال توثيقه لصور مختلفة نتيجة الانفجار الذي هز الكيان اللّبناني قبل الحجر، واختار درج مار نقولا في منطقة الجمّيزة الذي شهد لسنوات طويلة حركة فنية وثقافية أعطت الشارع طابعاً حضارياً ومقصداً لمثقفي العالم.

عن فكرة المعرض التوثيقي الذي حمل عنوان “بيروت لا تموت” قال وارف قميحة لـ “أحوال”: جاءت الفكرة لحفظ الحدث الجلل في الذاكرة كي لا ننسى، يمكننا توثيق المأساة بطرق عديدة، ونحن اخترنا الصورة لأنها يمكن أن تتكلم عن ألف كلمة، ولا يمكن لأحد أن يتلاعب بالصورة المباشرة، خصوصاً أنّها لا تزال حيّة في ذاكرتنا، لذا استعرضنا مجموعة من الصور عملنا عليها بفكرة مبتكرة وضعنا عليها مغلفات بريدية وطوابع تحاكي الصورة وأرفقناها بختم بريد للتوثيق لأن يكون عليه تاريخ ختم وكيف توجهت الى مركز بريدي، وبعد يومين وثقنا الصورة على شكل لوحات عرضناها”.

وعن عدم توثيق الأحداث بالطريقة الحديثة مثل وسائل التواصل الاجتماعي، قال: “مفهوم التوثيق هو أن يرى الإنسان الصورة فاختصرناها بفكرة معرض، فكل وسيلة لها أسلوب للعمل”.

وعن حقوق أصحاب الصور أوضح قميحة: “الصور هي من تصوير محترفين أو اشخاص عاديين، حصلنا على العديد من الصور من دون أي تعديلات أو إضافات كما ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية والخاصة والوكالات العربية والعالمية، وقد تمّ استخدامها في هذا المعرض مع مراعاة وحفظ كافة الحقوق الملكية، وهناك العديد من الصور حافظنا على اسم المصور عليها، مثلاً ورد اسم النقيب نبيل إسماعيل في العديد من الصور وبلال جاويش، أما الصور التي تنشر في الفضاء الالكتروني صارت مشاع”.

وعن نتائج فكرة المعرض وإمكانية تأمين مردود للتراث والضحايا، قال: “هذا العمل هو رسالة نوجه من خلالها تحية لأرواح الضحايا ونشكر الجهات التي ساهمت في إنجازه، فنحن نطالب بالحقيقة والعدالة، المردود حين نصل إلى العدالة والحقيقة، ماذا حصل؟ ومن الحكام الفاسدون ومن المتورطون والمسببون؟ بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى، حين نراهم تحت قوس العدالة، عندها يمكن أن نكون ساهمنا من خلال المعرض برفع صوت الحقيقة والعدالة”.

وعن تعابير الألم في الصورة التي زيّنها بمجسم صغير يرمز الى الوطواط، تعبيراً عن وطاويط اللّيل التي اجتمعت لتقوم بالمجزرة، إلّا أنّ وارف قميحة شرح معاني الصور: “نظهر من خلال استعراض الصورة الألم عامة، فالانفجار بحد ذاته وجع. كما وضعنا صور بعض الناس الذين عادوا إلى بيوتهم لأنّ لديهم تفاؤل بعودة بيروت، وقام بعض الفنانين العالميين بحملة معنا فيها نوع من روح التعاون والتعاضد من الجانب الإنساني، وهذه رسالة موجودة في المعرض بأنّنا لسنا وحدنا بل هناك أشخاص بعض الناس يكرّسون أهدافهم للمبادئ الإنسانية ونحن نشكرهم من خلال المعرض”.

وعن فكرة المعرض والمعاونين فيه أوضح: “المعرض هو فكرتي وتنفيذي، ولم نكن نحتاج لرعاية، من سيكون؟ وأي وزير سيحضر؟ كنت أتمنى أن يكون برعاية أهل الضحايا، وأهل الحي الذين حضروا ليواكبوني ودعموني بوجودهم، أما من المسؤولين، فأنا لا أريد أن يكون أحد منهم ليلتقط لنفسه صورة ويقول إنه كان بين الناس، أرسلت دعوات إلى جميع الناس والمسؤولين والشخصيات ولم يحضر إلّا ممثل قائد الجيش، فهذه المؤسسة الوطنية الوحيدة الضامنة للناس ولا تزال متماسكة وتستطيع أن تحمينا، ويكفينا حضورها”.

مع أن فكرة المعرض هي توثيق الأحداث منذ بدايتها وأسبابها بالصور، إلّا أنّ وراف قميحة أرفق بعض الصور بعشر لوحات تشكيلية وهي لكبار الرسامين تعبّر عن الحدث وكانت ضمن قسم “بيروت لا تموت”.

كما رافقت الصور في الإطارات طوابع أميرية وبريدية، وعنها شرح قميحة سبب الجمع بينهم: “لكل صورة حكاية مع الطابع، مثلاً صورة الباخرة المحجوزة إلى جانب طابع يمثل ميزان العدالة، لنطلب من القضاء معرفة سبب احتجاز الباخرة ولماذا جاءت ولماذا بقيت؟

أما طابع شارل مالك الذي وضع شرعة حقوق الإنسان وضعتها جنب صورة طاقم السفينة المحتجز، وبالتالي لكلّ طابع رابط وحكاية مع الصورة.

وعن دور المؤسسات الخاصة في المساهمة في المعرض قال قميحة إن جمعية بيروتيباBeirutopia  والنادي اللّبناني لهواة الطوابع والعملات Global Professional Services، هم الجهات الداعمة التي آزرت المعرض.

وعن سبب اختياره درج مار نقولا المعروف بدرج الفن، قال: “لهذا الدرج رمزية فنية وتراثية عالمية، فقد كان قبل الانفجار ينبض بالحياة، وبعد شهر ونصف على الحدث تعود الحياة تدريجاً إلى هذه المنطقة، وسيمثل المعرض عودة الحياة إلى هذا الدرج. خصوصاً أنّ أهل المنطقة رحّبوا بالفكرة وساعدونا أثناء التحضير، واعتبروا أننا نقوم بعمل لهم ومن أجلهم”.

وشرح الباحث وارف قميحة أهداف هذا المعرض المتواضع الذي ينطوي على رسائلَ متعدّدة:

  • أولاً، إنّه تعبيرٌ عن الأصالة الوطنيّة وصِدق الانتماءِ. فبيروت سيّدة العواصم العربيّة وملاذ وملتقى المُبدِعين، لن يُغيِّرَ وجهَها وتراثَها هذا الانفجار المدمِّرُ، وستنهَضُ من تحتِ الركامِ وتستعيدُ دورَها الطليعيّ.
  • ثانيًا: توجيهُ تحيّةٍ لأرواحِ الضحايا والجرحى والمُصابينَ كي يظلَّ “الشهداءُ رَغمًا عنهم” في الذاكرةِ ويُكتبَ الشفاءُ والتعافي لجميعِ المُصابينَ كي يتمكّنوا من استعادةِ الحياة بشكلٍ طبيعيّ.
  • ثالثاً، رفع آياتِ الشكر والامتنانِ لكلِّ من مدَّ يدَ العونِ والمساعدةِ على المستوياتِ الدوليّة والاقليميّة والمحلّيّة، بصرف النظر عن المقادير. وهذا التضامنُ في المِحَنِ والأزَماتِ يُعبِّرُ عن سموِّ المعاني الإنسانيَّة بأبهى صُوَرها الصادقة والنبيلة.
  • رابعًا، كي لا يمُرَّ الانفجارُ -الكارثةُ من دون عقابٍ، وكي لا تُستباحَ بيروتُ أو أيُّ بلدةٍ لبنانيّةٍ. نتطلّعُ إلى إحقاقِ العدالةِ عِبرَ إجراءِ تحقيقٍ جدّيّ وشفّافٍ، يُفضي إلى محاسبةِ المتورّطين والمُهملينَ والفاسدين أيّاً تكن مواقِعُهُم.
  • وأخيرًا، مطالبةُ وزارةِ البريد والاتصالات، وإدارة البريد، بإصدار طابعٍ بريديّ تخليدًا لذكرى أرواح الضحايا (تمت الموافقة على طلبنا الذي قدم الى وزير الاتصالات ومدير عام ليبابوست بتاريخ ٩ آب ٢٠٢٠).

هناء حاج

هناء حاج

كاتبة وصحافية لبنانية، درست الصحافة في كلية الاعلام والعلوم السياسية في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية. عملت في الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة في العديد من المؤسسات اللبنانية والعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى