مجتمع
أخر الأخبار

نصائح ضروريّة للأهل والمعلّمين مع بداية عامٍ دراسي مفتوح على كل الاحتمالات

العودة الى المدرسة هذا العام لا تشبه سابقاتها. فالتلامذة يعودون وفي محفظاتهم الكثير من الأحمال الثقيلة سواء جائحة كورونا بتردداتها الصعبة ومخاوفها، او الوضع الاقتصادي الذي أثقل وأتعب الاهل وانتقلت عدوى الخوف الى أبنائهم، او الصدمات الاخرى نتيجة انفجار من هنا او حريق هناك او قلق في كل لحظة.
“احوال” التقى د.علي شقير اخصائي في علم النفس ليحكي لنا كيف يمكن أن نجعل هذه العودة سليمة وسهلة على التلامذة والأهل معاً.

العودة الى المدرسة ضرورة قصوى وحماية للتلامذة
فتح ابواب المدراس وعودة التلامذة الى مقاعد الدراسة أمر ملح وضروري، خاصة وأن التلامذة العام الماضي خسروا الكثير من تحصيلهم العلمي، هذا ما يؤكده الطبيب في علم النفس الدكتور علي شقير الذي يقول :”بأن المدراس عاجلاً او أجلاً ستفتح أبوابها، والتلامذة يجب ان يعودوا الى مدراسهم فكلما كانت هذه العودة سريعة كلما كان وضع الطلاب أفضل. وهنا يجب المدراس أن تكون جدية في مراعاة الاكتظاظ والنظافة والجانب النفسي للتلامذة. وأي تأخير في عودة التلامذة سيكون ثمنه صعباً عليهم من ناحية الصعوبة في التفاعل مع العمل الجماعي. صحيح أن الدراسة on line جيدة وأفضل من لا شيء لكن سلبياتها كثيرة”.
ويضيف د. شقير: “سيجد التلامذة صعوبة في بداية الأمر من التأقلم في جو المدرسة، خاصة وان العطلة لم تكن صيفية وحسب بل امتدت أشهر قبل ذلك، وربما لم يكن هؤلاء يدرسون في البيت خلال 6 اشهر او يراجعون دروسهم الصيفية ، أضف الى ان الاطفال عادة لا يحبون العودة الى المدرسة بعد إجازة طويلة. لذا على الاهل ان يتوقعوا صعوبة في انسجام أولادهم في المدرسة في البداية لكن سرعان ما ستزول هذه العقبة.”

المدرسة تكسر القلق والخوف
هذا العام لا يشبه اي من الأعوام السابقة على كافة الصعد، سواء أعباء الوضع الاقتصادي او جائحة كورونا أو الوضع الأمني المستجد نتيجة تفجير المرفأ، وهناك أطفال عاشوا هذه الصدمة الصعبة.
عن هذه النقطة يقول د. شقير:” أطفالنا يعيشون القلق، وهذا القلق إما من العودة الى المدرسة لأن الأطفال اعتادوا على المكوث في البيت طويلاً وإما القلق من الوضع الاقتصادي نتيجة تحسسهم مع أهلهم، او القلق من جائحة كورونا التي خلقت عندهم وسواساً معيناً نتيجة النظافة او العدوى من المرض. وهذه الأمور الثلاث ستكون عبئا ثقيلاً على كاهل التلامذة. مما سيخلق مشاكل داخل المدرسة نفسها”.

_تأهيل الطلاب الذين يعانون الصدمة
أكثر ما يتخوف منه د.شقير هو وضع التلامذة الذين عاشوا التروما او الصدمة، فهناك من يستطيع ان يتخطى هذه الصدمة بسبب الحصانة النفسية والمناعة الموجودة عنده، وهناك من عنده هشاشة نفسية ويتأثر كثيراً وستظهر عنده عوارض ما بعد الصدمة، وهذا بالتالي سيؤثر على سلوكه.
الصدمة قد تكون نتيجة كورونا او نتيجة الانفجار كل ذلك يترك أثاراً من الكأبة أو القلق.
ويتابع “هناك الصدمة نتيجة التنمر من الأخرين، او الصدمة نتيجة أي حدث أخر ، هؤلاء الطلاب يجب ان يلتفت الأهل اليهم وكذلك إدارة المدرسة ويتم التعاون فيما بينهم لحل أثار الصدمة”.
ويشدد د. شقير على أنّ الطاقم التربوي في المدرسة يجب ان يكون مؤهلاً للتعامل مع الأطفال الذين تعرضوا للصدمة، وأن يكون دوره إرشادياً وفعالاً لأن هذا الطفل الحساس سيجلس مع طفل أخر غير أبه لشيء ولم يتأثر وعلينا ان نجمعهم معا.
ينصح د. شقير:” الأهل أن يخففوا عن أطفالهم قليلاً ويبتعدوا عن التشدد والصرّامة من ناحية كورونا، لأن كثرة التشدد قد تخلق انسانا لديه وسواساً، وبدل أن يركز على الدرس في الصف سيركز فقط على النظافة وكيف سيلامس الأشياء حوله.”
كما يتوجه د.شقير الى المدراس بالقول :” على المدارس ان تقوم بتكثيف ورشات العمل التي من شأنها جذب التلامذة الصغار ، وإضافة مؤثرات لشد الانتباه وجذبه للتعلم خاصة عند الاطفال أصحاب النفسية الضعيفة او الحساسة، بينما الطفل فوق الثماني سنوات ستكون رغبته في التعلم مختلفة وأقوى ويمكن من خلال القوانين ان نضبط سلوكه وليس فقط بالمؤثرات”.

الفترة الأولى ستكون الأصعب
وحول مدى إمكانية التأقلم عند التلامذة في جو المدرسة يقول د. شقير:” لا شك في الفترة الأولى من العام الدراسي، سيكون هناك صعوبة عند الطفل أو أي تلميذ في التأقلم او الاستيعاب لأن فترة 7 اشهر من العطلة الدراسية ليست سهلة، ولأنّ الانضباط سيكون صعباً عليه. والطفل عموماً لا يحب التقيد بالمسموح والممنوع. أضف الى ذلك القانون الصارم في المدرسة والتعب الفكري والتركيز، لكن سرعان ما سنجد هذا الطفل او التلميذ يتأقلم ويدخل الاجواء برحابة. لا بل سيجد في المدرسة ملاذا جيدا له وجواً محبباً”.

_نصائح الى الاهل والمدرسة في بداية عام دراسي لا يشبه سواه
يوجه د. شقير نصائحه الى الأهل فيما خص طريقة التعامل مع اطفالهم حتى يذهبوا الى المدرسة براحة ويقول:
1- أنصح الأهل أن لا يستمعوا إلى نشرات الاخبار أمام أطفالهم، لأن هذه الأخبار فيها الكثير من السلبية. وألا يناقشوا مواضيع سلبية تتناول الوضع الاقتصادي او كورونا او أي أزمة أخرى، فهذه الامور تحبط عزيمتهم وتقلل من اندفاعهم وتولد عندهم نظرة تشاؤمية للحياة، وتخلق عندهم قلق وخوف والأفضل فتح مواضيع إيجابية لا سيما عند الاطفال الذين عاشوا صدمة معينة فهم باتوا يعرفون جيداً هذه الصدمة ولا داعي لتذكيرهم بها.
2- عدم مشاهدة فيديوعات او برامج تتناول “الصدمة” التي عاشها هذا الطفل. ولكن في حال اراد هو ان يحكي عنها، يجب ان نسمعه جيداً ونراقب سلوكه بعد هذه الصدمة لنرى ان كان هناك اي تغير في سلوكه.
3- أنصح ايضا أن يبددوا للطفل أي قلق يعيشونه. نحن نعيش أزمة كبيرة اقتصادية وهي تترك ثقلها على كاهل الأهل وتتعبهم، وهذا التعب والقلق ينتقل الى الأبناء. فعلينا ان لا نضيف هذا الثقل اكثر فهم يدركونه جيدا. وعلينا على العكس تماماً ان نخفف من وطأته حتى نحصّنه والا قد يخلق ذلك مرض الوسواس والقلق والخوف والكأبة.
4- على الأهل اعتماد محفزات والعمل على التقرّب أكثر من أطفالهم. وترك الحرية للطفل أن يعبّر عمّا يجول في خاطره دون تململ أو صده.
5- في حال لاحظ الأهل أي تغيير في سلوك الطفل غير اعتيادي وغير مألوف عادة أياً يكن، الافضل مراجعة إدارة المدرسة ووضعها في الأجواء والتعاون معها، خاصة اذا كان لدى المدرسة طبيب نفسي او معالج نفسي يمكن ان يقدم المساعدة والدعم له وقوم بعملية التوجيه.
6- أنصح المدراس ان يكون لديها طبيباً نفسياً يراقب الاطفال ويساعدهم في حال كان أحدهم يعاني من صدمة ما. وأن يكون التعاون والانفتاح بين الاهل والمدرسة كبيراً جداً. المدراس يجب ان تعي أننا نعيش في ظروف استثنائية وصعبة، ويجب ان يكون دورها التربوي حاضناً حتى يكون دورها سليماً. ولا تتغافل عن سلوك أي تلميذ بل تراقبه جيداً وتحضنه جيداً. وليس بالضرورة ان ينال التلامذة الدروس او المنهاج مئة بالمئة، بل يكفي أن ينالوا ما تيسّر لأنّ المدرسة جو وسلوك وراحة وتربية وتركيز وبناء إنسان، وليس فقط معلومات. ونحن في زمن يحتاج فيه الطفل أو أي تلميذ الى أن يتحصّن في جو سليم دافىء محب وآمن.

كمال طنوس

كمال طنوس

كاتبة وصحافية لبنانية لاكثر من 25 عاماً في العديد من الصحف العربية كمجلة اليقظة الكويتية وجريدة الاهرام وجريدة الاتحاد وزهرة الخليج .كما تعد برامج تلفزيونية وتحمل دبلوما في الاعلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى