منوعات

ماذا بين رئيس القوات اللّبنانية والقاضي فادي عقيقي؟

مرّة جديدة، يسقط منطق القانون والمؤسسات في الدولة الكرتونية وتثبت المناطق والطوائف والعصبيات والمرجعيات أنّها الأقوى من دون منازع.

هكذا، وعلى الطريقة اللّبنانية التقليدية، خرج استدعاء رئيس حزب القوات اللّبنانية سمير جعجع إلى مديرية المخابرات في الجيش عن كونه إجراء قضائيا حتمته إفادات الموقوفين ووقائع التحقيق، ليتحوّل إلى مناسبة للاستثمار السياسي والشعبوي بعيدًا عن أصل القضية وأساسها، فيما زنّرت الخطوط الحمراء معراب لحمايتها من أيّ ملاحقة قضائية.

وما يدعو إلى العجب، في رأي البعض، هو أنّ الجهة التي كانت تهاجم موقف حركة أمل وحزب الله الرافض للتجاوب مع تدابير القاضي طارق البيطار في ملف انفجار المرفأ، متهمةً هذا الثنائي باستخدام الشارع لحماية المطلوبين إلى العدالة، لجأت هي نفسها إلى التمرّد على قرار القاضي عقيقي واستعمال شارعها لتأمين حصانة لها في مواجهة قراره، بينما  كانت أمام فرصة لإثبات صدقيتها في دعمها للقضاء لو أنّها تجاوبت مع طلب الاستدعاء.

وتلفت أوساط واسعة الاطلاع إلى أنّ “المفارقة الغريبة هي أنّ معظم المتضامنين مع جعجع ليسوا مطّلعين على حيثيات ملف أحداث الطيونة ولا على اعترافات الموقوفين التي فرضت استدعاءه، علمًا أنّ المطلوب الاستماع إليه كشاهد وليس كمتهم وبالتالي لم تكن هناك حاجة إلى كلّ هذا الضجيج.”

وتؤكد تلك الأوساط أنّ “الحملة على طلب الاستماع إلى جعجع مليئة بالمغالطات وتنطلق من مواقف سياسية مسبقة تتجاهل الاعتبارات والوقائع التي كُوّنت لدى القاضي عقيقي قناعة بضرورة أخذ إفادة جعجع لاستكمال تظهير صورة الخميس الأسود.”

وتشدّد الأوساط إيّاها على أنّ معرفتها الشخصية بالقاضي عقيقي وتجربتها معه تدفعانها إلى الجزم بأنّه “نزيه ورجل قانون بامتياز ولا يمكن أن يخترع ملفًا لأحد، وبالتالي فمن المؤكد أنّ استدعاءه لجعجع ارتكز على مسوّغات مبرّرة ومستقاة من مجريات التحقيق.”

وتشير الأوساط الواسعة الاطلاع إلى أنّ المحققين في المخابرات “تصرّفوا بمهنية عالية خلال التحقيق ولم يتأثروا بأيّ حسابات سياسية، بل أنجزوا واجبهم بحرفية تامّة بعيدًا عن أيّ مؤثرات جانبية”، معتبرةً أنّ اعتراف بعض الموقوفين القواتيين بأنّهم أتوا إلى عين الرمانة من خارجها هو الذي أفضى إلى الارتياب، “إذ لو اقتصر إطلاق النار على مسلحين من داخل عين الرمانة لأمكن وضع ذلك في إطار دفاع أبناء المنطقة عن أنفسهم أمّا أن يتم الإتيان بعناصر من مناطق أخرى مثل سن الفيل وغيرها فهو الذي استوجب طرح علامات استفهام ومحاولة الحصول على إيضاحات من رئيس القوات”.

وتوضح الأوساط أنّ المخابرات، وعلى الرغم من أنّها أنهت استجواب الموقوفين  إلّا أنّها ستعاود فتح أبواب التحقيق مجدّدًا إذا وصلتها أيّ معلومة جديدة يمكن أن تخدمه.

ومع طلب القاضي عقيقي ختم الملف بعد تبلّغه من قبل مديرية المخابرات بأنّ جعجع تغيّب عن جلسة الاستماع من دون اتّخاذ أيّ إجراء آخر، يكون العدّ العكسي لزوبعة الاعتراض على استدعائه قد بدأ، في انتظار تبيان ما إذا كانت هناك قطب مخفية أو تسوية مستترة خلف لفلفة المسألة.

 

عماد مرمل

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى