منوعات

ميقاتي ودياب وصندوق الشّرور

في واحدة من أكبر تسريبات الوثائق المالية، كشفت وثائق باندورا النّقاب عن ثروات قادةٍ عالميين ومعاملاتٍ ماليةٍ سريّة لشركات تتّخذ من الملاذات الضريبية مقرّاتٍ لها وتطال 35 من القادة الحاليين والسابقين، وما يزيد عن 300 مسؤولٍ سياسيٍ، منهم رئيس حكومة لبنان الحالي نجيب ميقاتي والسابق حسّان دياب.

 

ميقاتي يردّ على ما تناولته به “باندورا”

ردّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على ما تناولته به وثائق باندورا معتبراً أن “المنطق الكامن وراء الأوراق انجرف نحو تحويل معظم، إن لم يكن جميع المذكورين إلى أفراد و/أو شركات مشبوهة، فقط لمجرد إدراجهم هناك”، مؤكداً أن أصل ثروته مستمدٌ من أكثر من 20 عاماً من العمل المستمر في قطاع الاتصالات، وأنّه “تم التدقيق في مصدر ثروة عائلة ميقاتي بشكل جيد من قبل الهيئات والكيانات المعنية التي كانت تقود الطرح الأولي للاكتتاب العام (IPO)، وأنه مستمد من الأنشطة العالمية للشركة العائلية التي سبقت دخول الرئيس نجيب ميقاتي إلى الحقل العام في لبنان”.

فوقف الوثائق التي نشرت في إطار تحقيقٍ أشرف عليه الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، يملك ميقاتي شركة Hessville Investment Inc، وهي شركة تم إنشاؤها في بنما عام 1994 كان يتم تسهيل عملياتها الخارجية عبر شركة M1 Management SAM، المملوكة من ميقاتي أيضاً ومقرها موناكو. وقد اشترت Hessville Investment عقارًا في موناكو عام 2008 بأكثر من 10 ملايين دولار.

كما تُظهر الوثائق المسربة أن نجل ميقاتي، ماهر، كان مديرًا لشركتين على الأقل مقرهما جزر فيرجن البريطانية، استخدمتهما مجموعة والده لامتلاك مكتب في وسط لندن.
حول ذلك، أشار بيان مكتب ميقاتي إلى أن “ملكية موناكو، من بين الأصول الأخرى حول العالم، المذكورة على وجه التحديد في الأوراق، ليست الملكية الوحيدة المملوكة من خلال كيان شركة، إذ تندرج معظم الأصول والممتلكات العائلية تحت مبدأ الإدارة والحوكمة الرشيدة ذاته، وبات تنظيم الملكية عن طريق الكيانات القانونية التي توفر المرونة، بالإضافة إلى المزايا المؤسسية والمالية والضريبية، من الممارسات التجارية الشائعة والقانونية في حال مشاركة العديد من أفراد العائلة الأصول نفسها.” ولفت بيان ميقاتي إلى أنّه “تم التصريح عن أصوله وممتلكاته الى المجلس الدستوري منذ دخوله عالم السياسة”.

الممارسات التي كشفتها وثائق باندورا، لا يعاقب القائمون بها قانونياً، ولكّنها تطرح تساؤلاتٍ عديدةٍ عن ضلوعهم في قضايا فساد واستثماراتهم في الملاذات الضريبية والخلط بين الصالح العام والخاص، ولا سيما في بلدٍ كـ لبنان أبوابه مشرّعة على كل أساليب الفساد والنّهب.

 

دياب مساهمٌ في شركةٍ لم تعمل

رئيس الحكومة السابق حسان دياب سبق خليفته ميقاتي في التّعليق على نصيبه من أوراق باندورا التي أدرجت أن دياب شريكٌ في شركة صورية في جزر فيرجن البريطانية، هي eFuturetech Services Ltd التي أُسست أوائل عام 2015، بهدف “التجارة العامة والاستشارات”.

شركاء دياب هم نبيل بدر، وهو قطب الأوراق والبناء الذي ترشح للانتخابات البرلمانية عام 2018، وعلي حدارة المدير المالي لشركة استثمار مقرها بيروت ، شديد كابيتال.

المكتب الإعلامي لـ دياب، ردّ على ما نشره الإتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين ببيانٍ أكّد فيه تولّي دياب إدارة شركة  eFuturetech Services Ltd فضلاً عن مشاركته في تأسيسها، واستحواذه على 17 سهماً من ملكيتها، موضحاً أن الشركة المذكورة “لم تقم بأي عمل منذ تأسيسها حتى استقالته منها”، حيث تنازل عن أسهمه فيها في عام 2019.

واستغرب البيان ” الضجة المفتعلة والمشبوهة بشأن مساهمة في شركة لم تعمل”، طارحاً في الوقت ذاته عدداً من التساؤلات: “هل تأسيس هذه الشركة مخالف للقانون؟ وما هي الغاية من محاولة تزوير الحقائق؟”، مؤكداً احتفاظ الرئيس دياب بحقه في الادعاء ضد كل محاولة لتشويه سمعته.

 

ما هي وثائق باندورا؟

صندوف باندورا في الميثولوجيا الإغريقية هو صندوق كانت تملكه باندورا (أول امرأة يونانية وجدت على الأرض)، وكان مليئا بكل الشرور كالجشع و الغرور و الإفتراء و الكذب و الحسد و الوهن و الرجاء.

أما أوراق أو تسريبات باندورا فهي تحقيق استقصائي يتناول ملايين الوثائق التي تكشف أسرار الجنات الضريبية، وقد شارك فيه نحو 600 صحافي حول العالم بإشراف الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين. التحقيق يكشف معلومات حول الأملاك السرية والثروات المخبّأة لعدد كبير من رؤساء الدول والحكومات والسياسيين والفنانين والرياضيين والشخصيات العامّة.

التحقيق يستند إلى نحو 11.9 مليون وثيقة من 14 شركة للخدمات المالية، كشفت عن وجود أكثر من 29 ألف شركة offshore، وهي عادةً شركات يتم تسجيلها في بلدٍ مغايرٍ لذلك الذي تجري فيه أعمالها، ويكون عادةً جزراً نائيةً نوعاً ما كجزر العذراء البريطانية، وذلك بهدف الإستفادة من انخفاض الضرائب وغياب الرقابة.

استطاع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين الربط بين الأصول الخارجية و336 من كبار المسؤولين التنفيذيين والسياسيين الذين أنشؤوا نحو ألف شركة، أكثر من ثلثيها في جزر العذراء البريطانية. واستطاع الصحافيون الحصول على الوثائق من ـمكتب المحاماة البنمي “ألكوغال”، الذي كان له دور رئيسي في عمليات التهرب الضريبي وفي إنشاء حسابات لإخفاء أموال أكثر من 160 شخصية حول العالم.

 

 

 

آلاء ترشيشي

مذيعة ومقدمة برامج. محاضرة جامعية. حائزة على ماجستير في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى