انتخابات

البرلمان الشبابي: إصلاح انتخابي أم ترويج لمشروع “راوح مكانك”؟

تجربة جديدة يشهدها لبنان في 24 تشرين الأول المقبل، بالتزامن مع دخول ولاية مجلس النواب عامها الاخير، عبر انتخابات ليست تقليدية، بعدما وصل شباب لبنان إلى حالة يأس من المنظومة الحاكمة، في محاولة لولادة برلمان شبابي نموذجي خارج القيد الطائفي، وتطوير آليات وقواعد الحكم الديمقراطي.

فهل يتحقق الحلم من بوابة شباب البرلمان في الانتخابات المنتظرة في أيار المقبل؟

الحلم المأمول

مدير مشروع البرلمان الشّبابي عبدو سعد يقول لـ “أحوال” أنه قد “تم إطلاق مشروع القادة الشباب من أجل سياسة غير طائفية في لبنان: البرلمان الشبابي النموذجي، في آب 2019، بتنفيذ من مركز رشاد للحَوكمة الثقافية في مؤسسة أديان، وبتمويل من سفارة هولندا في لبنان لانتاج برلمان شبابي خارج القيد الطائفي، على أساس قانون انتخابي يزاوج بين الأكثري والنسبي، وقد حدّد المشروع أعضاء مجلس النواب بـ 264 نائبًا نسبةً إلى عدد سكان لبنان، يتمّ انتخابهم من قبل 20 ألف ناخب تقريباً.

ويتابع سعد “يهدف المشروع إلى تمكين الناشطين الشباب وتحفيزهم على المساهمة في تطوير الحياة السياسية، على قواعد غير طائفية وعلى المشاركة الفعالة فيها، إضافة إلى زيادة الوعي والدعم الشعبي لفكرة دولة المواطَنة الحاضنة للتنوع”.

ويضيف “يعمل المشروع على تنظيم لقاءات وحوارات مع مرشّحين فعليّين للانتخابات النايبيّة المقبلة، وذلك للضغط باتجاه تبنّي سياسات الشباب وأولويّاتهم، وإقامة بحث استطلاعي بعد الانتخابات البرلمانية لتقييم التقدم المحرز في دعم السياسة غير الطائفية ومشاركة الشباب”.

وعن شروط التّرشح والانتساب لهذا البرنامج يقول، “الشروط الأساسية هما الكفاءة، التخصّص، الإلمام السياسي، ونية التغيير الإيجابي، على أمل أن تنقل هذه العدوى إلى داخل الأحزاب السياسية اللبنانية، كما ويحق لأي شخص يتراوح عمره ما بين 18 و 35 سنة، وأن يكون لبناني الأب أو الأم الترشح لهذه الانتخابات”.

وعن آليّة التّصويت، يلفت إلى وجود مراكز إقتراع في كل المحافظات، ولكن 95% من النّاخبين سيفضّلون التّصويت عبر المنصّة الالكترونيّة، كما وسمح للمغترببن بالتّرشح والتّصويت أيضاً”. ودعى سعد الشّباب إلى ممارسة دورهم فى إثراء هذه التّجربة الدّيمقراطية الفريدة، والإقبال بكثافة على مراكز الاقتراع من أجل إنجاح هذا المشروع الحضاري.

هذه البروفا” الانتخابية الشبابية النموذجية خطوة مهمة لكنها لا تخلو من الشوائب، فهل سيكون البرلمان الشبابي فاعلاً أم العكس؟

تغيير أم ترويج؟

المؤرخ والأستاذ الجامعي د.علي الحلاق يؤكد أنّ هذه التّجربة هي محاولة متواضعة من أجل التّأثير في الرّأي العام اللّبناني، تهدف إلى تعزيز روح المواطنة لدى الشّباب اللّبناني، وتفعيل مشاركته فى عمليّة التّنمية فى المجتمع المحلي والمشاركة فى صناعة القرار، والتّعبير عن أرائهم بحريّة حيال مختلف القضايا المتصلة بهموم الشباب بعيداً عن الاحزاب والطائفية كما يروّج لها، صحيح إنها خطوة نحو التّغيير في الانتخابات التّشريعية المقبلة، وتجربة غير مسبوقة، ولكن لا بد من لفت النّظر إلى أنّ بنية البرلمان اللّبناني جيّدة، ولا نستطيع إنكار ذلك ولدينا عدد كبير من الأخصائيين وأصحاب الكفاءات، لكن المعضلة أنهم مرشحون عن أحزاب يتبعون نهجها ومبادئها”.

ويشير الحلاق إلى أنه في كل دول العالم الأحزاب هي من تخوض الانتخابات، المشكلة ليست بالأحزاب بل بالنظام السّياسي الذي يسمح بترسيخ التّعصب الطّائفي، ويُعطي الأفضلية للأحزاب الكبرى والسّياسيين بسبب تركيبة لبنان السّياسية المعقّدة، والتي تقوم على جملة من التّناقضات والإختلافات التي تتأثر بالضّغوطات والظّروف لمصلحة طائفة أو حزب معين.

من هذا المنطلق علينا الاتجاه نحو التغيير الفعلي في بنية النّظام، وهو الأمر الذي يرفض فهمه معظم اللّبنانيين، الحياة السياسية لا تقوم بلا أحزاب، نحن نطالب بأحزاب سياسيّة ديمقراطيّة يتم تفعيلها من خلال تعدديّة الأحزاب، التي يكون ولاؤها للوطن أولاً وتؤمن بمبدئي التّعدديّة والحوار، كما ونطالب بقانون يسمح للأحزاب السياسيّة بالدعوة إلى تغيير النّظام الدستوري للدولة.

وعن القانون الانتحابي الخاص بالبرنامج، يتساءل الحلاق، كيف يسمح القانون لشخص بلغ الثامنة عشر (مستواه التعليمي بحدود شهادة البكالوريا) خوض هذه الانتخابات في حين يطالب القيمين على الانتخابات توفر الكفاءة والخبرة السياسية؟ من هنا نتخوف من أن تكون هذه التّجربة محاولة للتّرويج لقانون إنتخابي لا يرقى إلى المستوى المطلوب.

المرصد الشعبي ينسحب

وكان شباب المرصد الشّعبي لمحاربة الفساد قد أعلنوا انسحابهم من انتخابات شباب البرلمان، بسبب ضبابيّة خطابهم السّياسي، وإعلان دعمهم لأحد أعضاء مؤسسة أديان، الجهة المنظمة للانتخابات، وهو وزير التّربية والتّعليم العالي عباس الحلبي التّابع إلى أحد أركان حكومة المنظومة الطائفيّة الفاسدة التي تعمل لمصالحها لا مصالح المجتمع والمواطن.

ناديا الحلاق

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى