مجتمع

على مشارف الشتاء… أزمة التدفئة تهدّد سكان الجبال

على أبواب فصل الشتاء ينهمك سكّان الجبل والمناطق الداخلية في السعي إلى تأمين وسائل التدفئة التي يستحيل تمضية الفصل القارس دونها، إلّا أنّ المفارقة هذا العام أن هذه الوسائل باتت قليلة ومنحصرة، وهذا ما يطرح الكثير من التساؤلات حول الحال التي سيصل إليها المواطنون في أيام الشتاء، خصوصًا أن كلّ التوقعات تشير إلى أنّ فصل الشتاء هذا العام سيكون قاسيًا.

لا كهرباء من الدولة ولا إشتراك مولدات، ما يعني أنّ وسائل التدفئة التي تعمل على الكهرباء أصبحت خارج الخدمة، أما بالنسبة للمازوت الذي يعد مادة فوق استرتيجية نظرًا لدخوله في العديد من الاستعمالات وأولها التدفئة، فبات سعر صفيحته يفوق المئة وسبعين ألف ليرة لبنانية، وهو رقم خيالي بالنسبة للمواطن الذي كان يشتريها بخمسة عشر ألف ليرة في السنوات الماضية، وتفوق قدرته المادية شبه المعدومة.

الحل الأخير للتدفئة وهو الحطب، فقد اشتكى عدد كبير من سكّان الجبل من فقدان الحطب للتدفئة، والسبب هو أن التجار لم يسعّروا بعد الطن منه، وفي حديث مع أحد تجّار الحطب، أكّد لـ”أحوال” أنّ سعر الطن التقريبي بين مليوني ونصف المليون إلى ثلاثة ملايين لحطب اللّيمون والفواكه والكينا، أمّا طن السنديان في حال وُجد فسعره أكبر من ذلك، لكن المشكلة تكمن في فقدان الحطب وتراجع المساحات الخضراء التي يجري عادة تشحيلها واستعمال حطبها للتدفئة، هذا إضافة إلى سعر كلفة التقطيع والتشحيل والنقل التي يُستعمل فيها مناشير، فهي بحاجة لقطع غيار وصيانة دائمة ومازوت للتشغيل وغيرها، ما أدّى بدوره إلى ارتفاع سعر الحطب في السوق.

ويشير أحد المواطنين في مدينة الهرمل، إلى فقدان الحطب بشكل كبير في المنطقة ما دفعهم إلى البحث عن الحطب والسؤال عنه من تجّار في مناطق الجبل ما يزيد من سعره، نظرًا لكلفة نقله العالية من الجبل إلى الهرمل، لافتًا إلى أنّ العديد من سكان المدينة استقدموا الحطب من سوريا بسعر مليوني ونصف المليون للطن الواحد وهو من حطب الكينا الذي يعتبر سيّئ في الاشتعال، لكن نظرًا للأزمة فالكثيرون فضّلوا شراءه لتقطيع المرحلة، أما البعض الآخر فلجأ إلى الشجر الذي تعرّض للحرائق في الفترة الأخيرة من أجل أن يؤمنوا التدفئة لمنازلهم.

أزمة التدفئة ليست بالأمر السهل، لا بل تصل درجتها إلى الخطورة، فمعظم المناطق اللبنانية جبليّة وباردة وبحاجة إلى تدفئة، ولا يمكن التغاضي عن مئات العائلات التي لا تمتلك ثمن صفيحة مازوت واحدة أو ثمن نقلة حطب لتمضية فصل الشتاء، ما يضع مصيرها على المحكّ، خصوصًا أنّ القدرة الشرائيّة للمواطن لتأمين المواد الغذائية أصبحت متدنية جدًّا، فكيف الحال إذن بمواد التدفئة ذات السعر المرتفع؟ فإن لم يأخذ المعنيّون وضع هؤلاء المواطنين بالحسبان فربما سنسمع عن حالات وفاة في لبنان بسبب البرد والتجمّد في فصل الشتاء القادم.

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى