منوعات
أخر الأخبار

ماكرون يضرب الآحادية الأميركية ويؤمّن عودة فرنسية آمنة إلى المشهد اللبناني

غابت فرنسا عن المشهد اللبناني لأعوامٍ طويلة، حيث لم يشهد اللبنانيون تدخلاً فرنسياً بالشؤون اللبنانية منذ عام ٢٠٠٥، اليوم تعود “الأم الحنون” على إثر كارثة انفجار مرفأ بيروت لتمسك مجدداً بزمام الأمور في لبنان، بعد أن تركته لسنوات تتناتشه الدول الإقليمية تحت إشراف شرطي العالم الولايات المتحدة الأمريكية.  فكيف عادت فرنسا إلى المشهد اللبناني اليوم؟

يعتبر المدير العام السابق في الإدارة اللبنانية والمتابع للشؤون الفرنسية، د. خليل شتوي في حديثٍ لـ “أحوال” أنّه لفهم المبادرة الفرنسية يجب علينا أولاً تحليل سياسة رئيس فرنسا اليوم، الذي حرص منذ توليه الحكم على تطبيق مفهوم “حلفاء دون تبعية”، ليس فقط لفرنسا بل للدول الأوروبية أيضا، حيث يسعى جاهداً لدورٍ أوروبيٍ مشترك في العالم منفصل عن قرارات الإدارة الأميركية، ويظهر ذلك بوضوح في التوافق الألماني – الفرنسي على تقاسم مناطق العمليات، حيث يتقدّم الدور الألماني بما يتعلق بدول البلقان ودول شرق أوروبا، بينما تكون لفرنسا الأفضلية في مناطق شمال أفريقيا وبلدان المشرق والمتوسط.

ويردف شتوي أنَّ مفهوم ماكرون الجديد تجلّى بوضوح عبر حرصه على المحافظة على إبقاء الحوار مفتوحاً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واعتباره ضرورةً للوصول إلى حلولٍ للأزمات، سواءً في أوروبا (أوكرانيا) أو في الشرق الأوسط (سوريا)، وكانت دعوة ماكرون لبوتين لزيارة فرنسا عشية انعقاد مؤتمر الدول السبع عام 2018 بمثابة إشارة إلى حضور روسيا للمؤتمر بشكلٍ غير مباشر، وقد كرّر ماكرون إبراز مفهومه الجديد مجدداً عشية انعقاد مؤتمر الدول السبع عام  2019، عبر دعوة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف إلى مدينة بياريتز. ويلفت شتوي، أنَّ رفض ماكرون لتجديد العقوبات الاقتصادية على إيران، شكّل له بوابة عبورٍ أمنة لمبادرةٍ فرنسية في لبنان، قد يكتب لها النجاح بعد إجراء الاستشارات النيابية الملزمة، وتسمية سفير لبنان في ألمانيا مصطفى أديب لتشكيل الحكومة اللبنانية.

ويرى شتوي أنَّ ماكرون، كي يضمن نجاح مبادرته، أحاط نفسه بمجموعةٍ من المستشارين المتمرّسين بالشأن اللبناني وارتباطاته الإقليمية، فالمستشار الحالي للرئاسة الفرنسية إيمانويل بون، عرفته بيروت مطوّلا من خلال دراسته الجامعية في معهد الشرق الأوسط المعاصر CERMOC والمركز الثقافي الفرنسي (طريق الشام)، وخلال تولّيه منصب سفير فرنسا في لبنان إبّان عهد الرئيس فرانسوا هولاند.

وقد حرص السفير بون على إبقاء التواصل مع حزب الله، ولم يلجأ الى اتخاذ أو إعلان مواقف معادية للحزب. ويعاون السفير بون، أوليان لوشوفالييه، الذي عمل كمستشارٍ في السفارة الفرنسية في بيروت وثم مديراً للمعهد الفرنسي في لبنان. وإضافةً إلى بون ولوشوفالييه، يضم فريق ماكرون السفير الفرنسي السابق في بيروت برنار ايمييه (رئيس دائرة الاستخبارات الخارجية الفرنسية DGSE حالياً) والذي كان أحد أكبر رعاة فريق ١٤ أذار وقتها بالتعاون مع السفير الأميركي جيفري فيلتمان. أمّا من جهة التواصل الإقليمي، فقد احتفظ ماكرون لنفسه حق التواصل مع إيران، يقول شتوي، وكلّف السفير بون بالتواصل مع السعودية، بينما يتولّى سفير فرنسا الحالي في واشنطن فيليب ليتبيان اطلاع الإدارة الأميركية على أجواء وتطوّرات المبادرة الفرنسية.

ويلفت شتوي أنّ قوة المبادرة الفرنسية تكمن في الصعيد الاقتصادي – المصرفي، حيث أنَّ ماكرون نفسه، بدأ عمله في ديوان المحاسبة كمفتشٍ مالي يتابع العمليات المالية للدولة الفرنسية، ثمَّ عمل كمصرفيٍ مساعدٍ في بنك روتشيلد، حيث أشرف على عملياتٍ تجاريةٍ للشركات الأوروبية الكبرى، ويستند ماكرون إلى دور هام لفرنسا على صعيد صندوق النقد الدولي، والذي شغل إدارته فرنسيون منذ العام 2007 ولغاية 2019.

محمد شمس الدين

محمد شمس الدين

كاتب وناشر على مواقع التواصل الإجتماعي ومعد برامج وتقارير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى