منوعات

وزارة المال بين” المثالثة” و”المداورة” و”العقوبات” وتمسك الثنائي الشيعي

تترنح المبادرة  الفرنسية، على إيقاع التشكيل الوزاري، بعد أن اصطدمت الأجواء الإيجابية  بعراقيل عملية التأليف، في مسار بدا واضحاً أنّه لن يكون بالسّهولة التي حاول إشاعتها البعض.
“الميثاقية” مصطلح رافق الجلبة التي لازمت البحث في تسمية وزير المال الجديد،  وسط تراشق سياسي حاد، ورفض “استئثار حركة امل أو الثنائي الشيعي بالوزارة، والتمسّك  بمبدأ المداورة، الذي رافق تسمية وزراء المالية، والتأكيد على أنّ العرف  يبقى ساري المفعول في حال حظي بموافقة وتأييد الفرقاء  السياسيين”.
المصادر المتابعة في أمل تؤكّد أنّه “وبخلاف ما يشاع، فربط الأمر بتمسّك أمل بوزارة المال غير دقيق، إنّما الأمر مرتبط  بتعاطي رئيس الحكومة في موضوع  التشكيل، حيث إمّا يكون هناك شاورة  مع الفرقاء السياسيين، واما لا يكون، أما ان يكون هناك مشاورة مع فريق دون غيره فهذه استنسابية”.
وتؤكد المصادر المتابعة أن “موقف عين التينة واضحاً، وبالتالي هي لن تقف في وجه عملية التأليف، ولكنها لا يمكن أن تكون شاهدة على ولادة حكومة لا تشارك حركة أمل فيها كفريق سياسي في عملية تشكيلها  أسوة بغيرها، وبالتالي يكون السؤال لماذا يتمسك الرئيس الجديد، بتسمية وزير المال وفقا لما يتماهى مع  وجهة بعض الايحاءات الداخلية، الذي بدا جلياً، دعمها وتلطيها خلفه، بحسب المصادر، التي سألت أيضا، هل سبب  الوضع الذي نعيشه هو في الإدارة المالية للطائفة الشيعية أم بسبب النظام الذي يحكم البلد، والدور الخارجي.

وتابعت المصادر “يجب القراءة جيداً في مسار التشكيل، وهل فعلاً الحكومة هي حكومة  انقاذ، ام هي حكومة تطبيق العقوبات الأميركية، وبالتالي لا تعود هوية وزير المال تفصيلاً!
وفي خضم “عقدة المالية” المصطلح الذي رافق عمليات التشكيلات الوزارية، ألقى النائب جميل السيد حجرا في بئر التشكيل، طارحاً علامات استفهام كبيرة حول الخطوة والمراد منها، وما  اذا كانت ورقة اخبار نوايا، في مسار التشكيل،  وفي هذا الإطار قال السيد “بما أنّ الرّئيس عون يجري اليوم مشاورات مع الكتل من دون النواب المستقلين، وبما أنّ الناس الذين عرفونا بالدولة، من أخصام وحلفاء، بمن فيهم زملاؤنا النواب، يشهدون على قدرتنا في إدارة الدولة وماليتها وإخلاصنا لها وللناس، ولأنّ وزير المال شيعياً او غيره، يجب أن يكون للبلد والناس، فإنني اطرح مبادرتي هذه لتسريع الخروج من الازمة باستعدادي لتولي وزارة المال ولو قضى ذلك الاستقالة من المجلس النيابي التي لم نستطع أن نقدّم فيها ما ينفع الناس سوى نقلنا بأمانة صوتهم وحاجاتهم وأوجاعهم  من دون جدوى”.
اذا تسير الأمور بمسارين متلازمين، ما بين التوصّل الى اتفاق، وما بين تمسّك رئيس الحكومة بعدم المشاورة، وغياب الثنائي الشيعي عن  الدعم الحكومي، ما ينذر بمرحلة لا تقل حساسية عن التي نعيشها.
وعلى خط التشكيل،  الاستفادة من “الدعم الدولي” يأمل اللبنانيون بوزراء مستقلين أو محايدين او اختصاصيين، يعبرون بهم المرحلة المتفجرّة، ولكن يقارب هؤلاء الملفات بتبسيط مطرز بالامنيات، فأي خطوات إصلاحية أو عملية، تحمل تغييرا في الأداء او في السياسة، لا يمكن  ان تتم الا من بوابة الأحزاب السياسية، التي لا زالت تحظى بتمثيل واسع،  الا اذا كنا نتكلّم  عن تغيير في النظام السياسي،  لا يمكن أن يكون إلا عبر اتفاق  سياسي، أو محاولة خلط الأوراق الداخلية، ضمن مسار قد يفتح البلاد على  مرحلة جديدة، دونها البارود والنار.

وفي معرض الحديث عن المداورة، والتمسّك الشيعي بالوزارة، وحصرها بـ (أمل) في السنوات الاخيرة، ومقاربتها من بوابة التوقيع الثالث وصولاً الى المثالثة، التي أبدت مصادر في 14 آذار خشيتها من تكريسه من بوابة التمسك بالتوقيع الثالث،  نستعرض المحطات التي  تنقلت فيها وزارة المالية بين الأحزاب السياسية والطوائف والمذاهب حتى تاريخه من  العام 1970 حتى تاريخه:
علي يوسف خليل سمي وزيرا للمال في  حكومة الرئيس سليم الحص في العام 1979، وفي حكومة شفيق الوزان في العام 1980، ثم  خلفه عادل حومية في حكومة شفيق الوزان في العام 1982، بعدها  سمي كميل شمعون لوزارة المال في حكومتي رشيد  كرامي وسليم الحص في العامين 1984و1987.
في حكومة الرئيس ميشال عون العسكرية انيطت وزارة المال  بإدغار معلوف في العام 1988، ليحل خليل مجددا وزارة المال، في حكومتي سليم الحص وعمر كرامي في العامين 1989 و 1990، وفي العام 1992 سمي  اسعد دياب وزيراً للمال في حكومة رشيد الصلح، ليرافق بعدها فؤاد السنيورة الرئيس الراحل رفيق الحريري على رأس وزارة المال في حكوماته، من العام 1992 الى 1998، ومع تسمية  الرئيس سليم الحص لرئاسة الحكومة  تم اختيار جورج قرم وزيرا للمال.
في العام  2000  عاد  الحريري الى سدة رئاسة الحكومة، وعاد السنيورة ليشغل منصب وزير المال حتى  العام 2004، ومع تشكيل عمر كرامي حكومة سمي فيها الياس سابا رئيسا للحكومة، لم يدم الرئيس الراحل عمر كرامي طويلاً على رأس حكومته، بعد أن استقال على خلفية الضغوطات التي أعقبت اغتيال الحريري، ليتم تسمية نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة، شغل فيها دميانوس قطار منصب وزارة المال، ليتم بعدها تسمية فؤاد السنيورة رئيسا لحكومتين من العام 2005  حتى العام 2009،  شغل خلالها منصب وزارة المال الوزيران جهاد أزعور ومحمد شطح.
وفي العام 2009، مع تشكيل سعد الحريري حكومته تم اختيار ريا الحسن  لمنصب وزارة المال حتى العام 2011، ليخلفها محمد الصفدي في وزارة المال، في حكومة الرئيس الأسبق نجيب ميقاتي.
ومع تشكيل حكومة الرئيس السابق تمام سلام، تسلم  علي حسن خليل وزارة المال لأول مرة في العام 2015، الذي عاد ليحل وزيرا للمال في العام 2016 مع حكومتي  سعد الحريري حتى استقالة الأخير، وتشكيل حكومة برئاسة  الرئيس الأسبق حسان دياب،  وتسمية غازي وزني في حكومة تصريف الأعمال الحاليّة.

إبراهيم درويش

 

إبراهيم درويش

صحافي وكاتب لبناني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى