منوعات
أخر الأخبار

مصادر لـ “أحوال”: رؤساء الحكومة السابقون انقلبوا على المبادرة الفرنسية

فرضت المواقف السياسية والرسائل الحاسمة التي وصل صداها إلى العاصمة الفرنسية نفسها على مسار تأليف الحكومة، وفرملت اندفاعة الرئيس المكلّف نحو حكومة “الأحادية” التي كان يتحضّر لعرضها على رئيس الجمهورية، ما أعاد مفاوضات التشكيل إلى المربّع الأول مع انطلاق جولة استشارات نيابية جديدة في قصر بعبدا بمبادرة شخصية من رئيس الجمهورية ميشال عون، بالاتفاق مع الرئيس المكلّف مصطفى أديب.

لا حكومة قبل الخميس

بحسب معلومات خاصة لـ “أحوال”،  أديب كان يحمل في جيبه تشكيلة حكومية أوليّة خلال زيارته إلى بعبدا اليوم ولقائه الرئيس عون، وتتضمّن شكل الحكومة وحجمها وتوزيع الحقائب وبعض أسماء الوزراء. إلاّ أنّ عون نصحه بالتروّي والتريّث مع عتب عليه لعدم تشاوره مع الكتل النيابية التي سمّته لرئاسة الحكومة، لكن وبعد رفض أديب التواصل مع الكتل النيابية، طرح عون أن يتولّى ذلك بنفسه لتسهيل المهة. وخلال اللقاء مع عدد من رؤساء الكتل طرح عون أسئلة تتعلّق بمواضيع شكل الحكومة والمداورة في الحقائب الوزارية، وصلاحية تسمية الوزراء وموقفهم من الثقة في المجلس النيابي.
وأوضحت مصادر مواكبة للقاء عون- أديب إلى أنّ التطوّرات التي استجدت خلال الأيام القليلة الماضية خصوصاً مسألة العقوبات الأميركية على وزيرين لبنانيين والمواقف التي أعقبتها، دفعت بالرئيس عون إلى تمديد المشاورات مع جميع الأطراف تمهيداً للقاء ثانٍ بين عون وأديب ضمن مهلة معقولة للبناء على الشيئ مقتضاه”. وأشارت أوساط بعبدا إلى أنّ “الرئيس عون سبق وأبدى رأيه حول الحكومة العتيدة وما يهمّه هو أن تكون حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات”.
ولفتت مصادر خاصة إلى أنّ لا حكومة قبل الخميس المقبل على الأقل وربما أكثر، لكنها استبعدت أن يتجه أديب الى الإعتذار بل ربما للإعتكاف وتجميد التأليف حتى إشعار آخر، فلا مصلحة للفرنسيين بإجهاض مبادرة الرئيس إمانويل ماكرون الذي أشرف عليها بنفسه، وهو لديه مصلحة شخصية بإنجاحها. إضافة الى أنّ إسقاط المبادرة سيؤدّي الى الإنهيار الكامل، وبالتالي تهديد المصالح الفرنسية في لبنان.
وبحسب المعلومات التي حصل عليها “أحوال”،  سبقت استشارات بعبدا رسالة تبلّغها رئيس الجمهورية باسم ثنائي أمل وحزب الله رفضهما حكومة الأمر الواقع وتمسكهما بحقيبة المالية. وكشفت أنّ الإتصالات والتنسيق مستمر على خط بعبدا – الضاحية. ولفتت مصادر مطّلعة على موقف حزب الله أنّ الحزب يدعم موقف الرئيس نبيه بري من الملف الحكومي سيّما حول وزارة المالية وأمرها محسوم، مؤكدة أنّ الحزب على توافق كامل مع برّي.

المبادرة الفرنسية

ويروي أحد المطلعين على المبادرة الفرنسية والمشاركين في الحوار مع الرئيس الفرنسي والمسؤولين الفرنسيين في قصر الصنوبر عشية انفجار المرفأ، لـ”أحوال” أنّ “المبادرة الفرنسية لا تتضمّن حكومة بلا التفاهم مع القوى السياسية، ولا رئيس مكلّف مطلق الصلاحيات ولا حكومة فرض وأمر واقع”، كاشفاً أنّ “الرئيس ماكرون طلب من المكوّنات التي التقاها تأليف حكومة بعيداً عن الإنتماءات الحزبية، لكنّه سمع من ممثل حزب الله النائب محمد رعد رفضه لهذه الصيغة وتأييده لحكومة خليط بين التكنوقراط والسياسيين أو حكومة مستقلين، مطعّمة بسياسيين توافق عليهم الكتل النيابية وتحظى بتوافق أغلبية المكونات السياسية”، مذكّراً بكلام ماكرون حول حكومة الوحدة الوطنية أو التفاهم الوطني. وأبدى مسؤول العلاقات الخارجية بحزب الله السيد عمار الموسوي، استغرابه الشديد حيال الأسلوب الذي يتبعه الرئيس المكلّف والذي لن يقبله رئيس الجمهورية ولا رئيس المجلس النيابي ولا التيّار الوطني الحر ولا الثنائي الشيعي ولا غيرهم من باقي الكتل النيابية.
وأكّد  الموسوي أنّ من يقفون خلف الرئيس المكلّف لن يستطيعوا تأليف حكومة من دون أوسع تفاهم وطني بين المكوّنات السياسية اللبنانية، مشيراً الى أنّ عقبتين تعترضان من يحاول تمرير حكومة الأمر الواقع: توقيع رئيس الجمهورية الذي لن يعطيه لحكومة لا تراعي مقتضيات الوفاق الوطني والاستقرار الداخلي، والثقة النيابية التي ستنزع الشرعية عن أي حكومة لا تحظى بثقة وتأييد الأغلبية النيابية في البرلمان”.
وعن الفرضيات التي يتم التداول بها، كأنّ يوقّع الرئيس عون تشكيلة أديب ويرمي الكرة عن المجلس النيابي، قالت المصادر: ليس ميشال عون من يفعلها. عدا أنّ فريق عون – التيار و8 آذار لن يسلّموا البلد لحكومة يتحكّم فيها رؤساء الحكومات السابقون ومن خلفهم القوى الخارجية بلا مشاركة فريق المقاومة – عون، وبالتالي لن يوقّع عون حكومة الأمر الواقع، وإن لم تنل الثقة النيابية، لأنها ستتحوّل إلى حكومة تصريف أعمال وتبقى هي الحاكمة الى أجل طويل.
ونُقِل عن مرجع سياسي رفيع، اتهامه رؤساء الحكومات السابقين بالإنقلاب على المبادرة الفرنسية وتحريفها واستغلالها لفرض معادلة جديدة.

وساطة جنبلاط

وفي خضم الخلاف السياسي وتعقيد المشهد الحكومي، دخل رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على خط تذليل “العقدة الشيعية” عبر زيارة قام بها الى فرنسا، إلاّ أنّ مصادر نيابية في كتلة اللقاء الديمقراطي أشارت لـ”أحوال” الى أن “لا علاقة بين زيارة جنبلاط إلى فرنسا وبين الملف الحكومي وهي كانت منسقة في وقت سابق، لكنّها لفتت أنّه اذا اقتضت الحاجة أن يقوم ببعض اللقاءات السياسية لتذليل العقبات، فلن يقصّر عن أداء دوره الوطني”. وإذ رفضت المصادر نفسها التعليق على موقف الرئيس بري المتمسّك بحقيبة المال، اعتبرت أنّ قرار العقوبات الأميركية على الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس ليس في محله، وهذا ما عرقل تأليف الحكومة، “بعد أن شعر الرئيس بري بأنّه مستهدف شخصياً ما زاده تصلباً بموقفه”. وأكّدت مصادر اللقاء الديمقراطي “بأنّنا لن نترك الرئيس بري في المجلس النيابي، وسنقف معه في أيّ قرار أو مشروع قانون يستهدف حزب أو طائفة معينة.”

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى