منوعات

التنقيب في حقل “كاريش” يهدّد الخط 29 وحقوق لبنان

تحرّك أميركي قريب لاستئناف المفاوضات

على وقع تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة وعشية نيلها الثقة، أقدم العدو الإسرائيلي على تلزيم شركة أميركية للتنقيب عن النفط في حقل “كاريش” المحاذي للحدود اللبنانية، أو ما يعرف بالبلوك رقم 9 اللبناني. وبحسب ما علم “أحوال”، فإن “إسرائيل” سبق ولزّمت شركة “إنرجين” اليونانية للتنقيب عن الغاز في كامل حقل “كاريش”، فيما أخذت شركة Halliburton الأميركية التلزيم للتنقيب فقط عن جزء من حقل “كاريش”، أي في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان.

فما هي أبعاد الخطوة الإسرائيلية وتداعياتها على مسار التفاوض حول ترسيم الحدود، وبالتالي على حقوق لبنان في ثروته النفطية؟

التنقيب عن الغاز في المنطقة المتنازع عليها والقفز عن إطار التفاوض مع لبنان، يهدف إلى أمرَين، بحسب ما قالت مصادر مطلعة على ملف الترسيم لـ”أحوال”؛ الأول: نسف التفاوض مع لبنان كلياً وفرض خط 23 كأساس للتفاوض كأمر واقع في أي جولة مفاوضات جديدة، والثاني التهويل على لبنان لدفعه لاستئناف التفاوض مع التنازل عن حقوقه المتمسك بها، لا سيما الخط 29.

إلّا أن المصادر رجّحت العودة إلى التفاوض من موقع قوّة، في ظلّ المعلومات التي تتحدّث عن توجّه أميركي للطلب من الطرفين اللبناني والإسرائيلي العودة إلى طاولة التفاوض، كون تأليف الحكومة الجديدة يحفّز على تحريك الملف، لا سيما وأن أحد أسباب ولادة الحكومة هو الحاجة الإسرائيلية إلى حكومة تملك الصلاحية لتوقيع أي اتفاقية على ترسيم الحدود، ويتزامن ذلك مع تعديل في السلوك الأميركي من أخذ لبنان نحو الانهيار، إلى منح بعض الأوكسجين والإنفراج الجزئي لمنع السقوط الكلي.

وكشفت المعلومات عن زيارة لأحد المسؤولين الأميركيين إلى لبنان قريباً، لحث الحكومة اللبنانية ورئيس الجمهورية على استئناف التفاوض، مشيرة إلى أن الحكومة الإسرائيلية أبلغت الوسيط الأميركي استعدادها العودة إلى طاولة التفاوض عندما يوافق الطرف اللبناني على الخط 23 كأساس للتفاوض.

وفي المقابل، لفتت جهات سياسية في فريق المقاومة لـ”أحوال” إلى أن “كلام الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، عن استعداد شركة إيرانية للتنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، إذا ما استمرت المماطلة من قبل الشركات الأجنبية المولجة التنقيب، دفع بالأميركيين للإسراع بتحريك المفاوضات للتوصل الى اتفاق على ترسيم الحدود بما يتيح للبنان استخراج النفط تحت راية واشنطن وباريس، بدل الراية الإيرانية وحزب الله”، مؤكدة أن “من استورد بواخر النفط الايرانية الى لبنان، يمكنه الإتيان بشركات إيرانية للتنقب عن النفط”.

وتعليقاً على هذا التطور في الملف، أشار المدير العام السابق لوزارة الإعلام، المحلّل السياسي محمد عبيد، في حديث لموقعنا، إلى أن “الخطوة الإسرائيلية كانت معروفة، أما السبب فهو تقصير الدولة اللبنانية عن تعديل مرسوم ترسيم الحدود البحرية رقم 6433″، مشيراً إلى أن “رئيسَي الجمهورية والحكومة كانا على علم آنذاك بهذا الأمر ولم يحركا ساكناً، فيما اليوم يعلنان استنكارهما ورفضهما للخطوة الإسرائيلية، فلا يمكن أن نتخلف عن تحديد حدودنا وتثبيته قانونياً وفي الوقت نفسه لوم الإسرائيلي على التنقيب في حدودنا التي لم نثبتها”.

وكشف عبيد عن مرسوم كانت قد أرسلته قيادة الجيش الى وزارة الدفاع، التي بدورها أرسلته الى وزارة الخارجية قبل تشكيل الحكومة الجديدة، لسحب المرسوم القديم وإصدار مرسوم جديد مرفقاً بإحداثيات جديدة ضمن الحقوق المكتسبة للبنان في نصف حقل “كاريش”، “وحينها بإمكان لبنان مخاطبة الأمم المتحدة والوسيط الأميركي والإسرائيلي بقوة بأن التنقيب في المنطقة المتنازع عليها مخالف القانون الدولي طالما أن المفاوضات حولها لم تنته”، وفقًا لـ”عبيد”.

ولفت أيضاً إلى أن “إسرائيل” ستجلس على الطاولة من موقع قوة، بعكس لبنان الذي سيعود الى التفاوض من منطلق ضعف لأنه لم يثبت حقوقه في الأمم المتحدة بشكل قانوني، وبالتالي لن تصل المفاوضات إلى نتيجة عملية لأن “إسرائيل” لن تقبل التفاوض إلا ضمن إطار “خط هوف” أي الخط 23، وكذلك لبنان لن يقبل التنازل عن الخط 29، وبالتالي ستمنح “إسرائيل” نفسها الحق بمتابعة التنقيب واستخراج النفط والغاز وسرقة حق لبنان.

في المقابل، أشارت أوساط قيادة الجيش لـ”أحوال” إلى “تمسك الوفد المفاوض بالحقوق السيادسة وعدم التنازل عن الخط 29 في أي جلسة مفاوضات مقبلة”، مشددة على “ضرورة تعديل مرسوم الحدود لمنح الوفد المفاوض ورقة قوة في المفاوضات”.

هذا وذكّرت المصادر بالدراسة التي أعدّتها قيادة الجيش، والمزودة بالوقائع والخرائط التي تثبت حق لبنان بما يعرف بالخط رقم 29، لافتة إلى أن “الخطوة الإسرائلية تهدد الخط 29 الذي فرضه الوفد المفاوض في الجلسات الماضية”.

وفي هذا السياق، أكد الخبير العسكري والإستراتيجي، العميد أمين حطيط، في حديث لموقعنا، أن “على الدولة اللبنانية إزاء الخرق الإسرائيلي، المبادرة لحفظ حقوقه بنقطتين: تعديل مرسوم الحدود البحرية لتثبيت حقنا في إطار القانون الدولي، وحثّ شركات التنقيب الفرنسية والإيطالية والروسية على متابعة عمليات التنقيب في كامل البلوكات”، مضيفًا: “أما في حال تمادى العدو في التنقيب في البلوك 9، فللمقاومة حينها الحق في التحرك عسكرياً لردع العدو عن استمرار عدوانه”.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى