منوعات

ماذا بين جعجع وميقاتي؟

أثار تصريح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي جدلاً كبيرًا لناحية عدم حسم جعجع موقفه من إعطاء نواب تكتل الجمهورية القوية الثقة للحكومة الجديدة، وتساءل البعض عن سبب مرونة جعجع في التعاطي مع ميقاتي عكس باقي الأحزاب والشخصيات السياسية التي يحملها جعجع مسؤولية ما وصلت إليه أوضاع البلاد والعباد.

مصادر بارزة في القوات اللّبنانية أكّدت أن “تعاطي القوات مع الرئيس ميقاتي لم يختلف عن التعاطي مع الرؤساء المكلّفين تشكيل الحكومة سابقًا، إن كان السفير مصطفى أديب أو الرئيسان حسان دياب وسعد الحريري، والذين لم تسمِّهم القوات اللبنانية، ليس انطلاقًا من أشخاصهم ومواقعهم التي يمثلون، إنّما انطلاقًا من أنّ المشكلة الأساس تكمن في الفريق القابض على السلطة، أي حزب الله والتيار الوطني الحر، والذي يحول دون تحقيق الإصلاحات المطلوبة، ودون إخراج لبنان من أزماته”.

وقالت المصادر: “تطالب القوّات اللّبنانية بكفّ يد الفريق الحاكم، إمّا عن طريق حكومة اختصاصيين مستقلين لم تتحقق، حيث شكّلت حكومة اختصاص من غير المستقلين، وإمّا عن طريق انتخابات نيابية مبكرة، الأمر الذي لم يحصل أيضًا”.

وأضافت “سنحكم على الممارسة السياسية للرئيس ميقاتي انطلاقًا من مقارباته السياسية وطريقة أدائه،
وإذا تمكن من أن ينجح، سنكون داعمين له، وإذا أخفق سنكون من أشدّ المعارضين له. لأنّ المسألة بالنسبة للقوّات اللّبنانية، تتعلّق بالإنتاجية وكيفية مقاربة الأمور”.

ولفتت إلى أنّه “لو كان هناك أي شيء آخر، كنّا كلفنا الرئيس ميقاتي، لكنّنا لم نكلفه، وهذا يؤكد أنّ موقفنا المبدئي لم يتغير”.

أمّا لجهة عدم حسم سمير جعجع إعطاء الحكومة الثقة، أوضحت المصادر نفسها أنّ “هذا القرار يخضع لنقاش تكتل الجمهورية القوية، وفور تحديد جلسة الثقة، يلتئم التكتل ويتخذ القرار المناسب، علمًا أنّ  جعجع بموقفه السياسي، لمّح بشكلٍ واضح بأنّ لا أمل بأيّ شيء في ظلّ وجود الفريق الحاكم، كما لمح إلى أنّ القوات اللّبنانية لن تعطي الثقة للحكومة، لكنّه لم يحسم هذا التوجه انطلاقًا من حرصه على أن يكون هذا موقف التكتل مجتمعًا”.

ولكن فإنّه وسط هذه الأجواء الرمادية التي تحيط بالموقف القواتي غير الحاسم بشأن “الثقة بحكومة ميقاتي” والتي ترافقت مع تغريدة “حاسمة” لجعجع أكّد من خلالها عدم امتلاك أيّ فريق في الحكومة لـ”الثلث المعطّل”، تؤكد أوساط سياسية متابعة ومطّلعة على مسار مفاوضات “الولادة القيصرية” للحكومة بأنّ “ثمة صفقة خفية” شهدتها كواليس التأليف من شأنها أن تٌرَجّح “موقفًا رماديًا” للقوّات بشأن الثقة بحكومة ميقاتي قد يتأرجح ما بين الغياب عن جلسة الثقة… أو الامتناع عن التصويت كحدّ أقصى ويعود ذلك إلى جملة اعتبارات مصلحية تتلخص بما يلي:

– إنّ علاقة قيادة معراب مع الرئيس ميقاتي تعود إلى سنوات ماضية وهي تتّسم بطابع شخصي وبعلاقة تمويلية شهدت إغداق ميقاتي بأمواله على نشاطات ومهرجانات ستريدا جعجع.

– إن قيادة معراب تربطها علاقة ودّ وغزل ووئام مع نادي رؤساء الحكومات السابقين ومع المملكة العربية السعودية التي تشكل حاضنة النادي المذكور وراعية “قيادة معراب المدلّلة” من الناحيتين السياسية والمالية.

– تشهد الكواليس التي رافقت مسار تأليف الحكومة على مؤشرات “صفقة” حيكت بين معراب وميقاتي فاحت دلالاتها في الولادة الحكومية، وتمثّلت برصد المتابعين لمحاولات الضغط والاتصالات التي كانت جارية لتزكية اسم المحامي الشاب طوني شحادة الشدياق (ابن مدينة بشرّي) كشخصية مستقلة حيادية غير محسوبة على أيّ من فريقي المفاوضات في التأليف لتولّي حقيبة وزارة العدل، وقد اصطدمت هذه الخطوة بـ فيتو شديد ومستَغرب من قبل الرئيس المكلّف ومن خلفه نادي رؤساء الحكومات السابقين الذي عاد وارتضى بتسمية شخصية محسوبة مباشرة على رئيس الجمهورية (القاضي المتقاعد هنري خوري)، وذلك على الرغم من أنّ الرئيس عون وبحسب المصادر كان قد أبدى ليونة لافتة تمثّلت بالموافقة على تولّي الشدياق لحقيبة العدل، لا سيّما وأنّ الأخير يحمل مشروعًا إصلاحيًا شاملاً لإعادة الاعتبار للسلطة القضائية.

فهل ثمة صفقة سياسية شمالية معرابية- ميقاتية أفضت لإقصاء ابن بشري عن حقيبة العدل؟ أم أنّ ما يجاهر به المحامي الشدياق بشأن عدد من الملفات الحساسة شكّل دافعاً لإقصائه؟

 

محمد مدني

محمد مدني

صحافي لبناني. يحمل شهادة الإجازة في الصحافة من الجامعة اللبنانية الدولية. عمل في عدد من الصحف والمواقع الأخبارية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى