مجتمع

على أبواب الشتاء… كم بلغ سعر المدافئ؟

مع بداية شهر أيلول ينشغل أبناء الجبل بتأمين تدفئتهم التي يستحيل تمضية فصل الشتاء القارص بدونها، ولهذا السبب دأب سكّانه إلى تصنيع الوجاقات (المواقد) بمختلف أشكالها وأنواعها منذ زمن طويل، وأصبحت هذه الصناعة ذات صيت واسع بين الصناعات اللبنانية.

سعر “الوجاق” يساوي 44 مرّة الحد الأدنى للأجور!

لكن هذه الصناعة وعلى الرغم من أهمّيتها لتلبية السوق المحلي إضافة إلى أنّها أصبحت مصدر رزق لعشرات العائلات، إلّا أنّ الأزمة الاقتصادية والنقدية طالتها كما طالت الكثير من الصناعات، وفق ما أكّد الشّيخ أشرف زحلان مدير مصنع مدافىء زحلان في عالية، الذي لفت إلى أنّه منذ شهر كانون الثاني هذا العام ارتفع سعر طن الحديد ضعف سعره الذي كان عليه والذي كان يساوي 700$، واليوم أصبح سعره من 1400 إلى 1500$، أي ما يعادل الـ 30 مليون ليرة لبنانية أي ما يساوي 44 مرّة الحد الأدنى للأجور! علمًا أنّ كل ما يدخل في صناعة المواقد ارتفع سعره عالميًّا، حتى سعر رباط أنبوب الغاز أصبح سعرها 30 سنت، كل هذا الارتفاع إضافة إلى انهيار الليرة، ضاعف سعر الوجاق وأصبح سعره مرتفع على الزّبون، في ظل الأوضاع المعيشيّة والاقتصادية الصعبة التي يعيشها اللبنانيون، متزامنةً مع انخفاض قدرة المواطن الشرائيّة.

مهما حاولنا أن نخفّف من وزن الوجاق فإننا لا نستطيع أن نتخطى حدودًا معينة كي نبقى محافظين على جودة صناعتنا، لذلك خفّضنا كميّة المصنوعات ولم نخفف نوعيّتها، مثلًا في الصيف الماضي صنّعنا ما يقرب 1000 فرن للبيتزا، أما هذا الصيف فصنّعنا 250 فرن فقط، يعني إنتاجنا انخفض للربع، وهذا المصنع عمره ما يفوق الستين عامًا، افتتحه جدّي وورثنا عنه هذه المهنة وهو لا يزال يعمل بيده حتى اليوم، وفق ما أشار زحلان.

كل شيء ارتفع سعره علينا ونحن دأبنا إلى رفع أجور العاملين لدينا لنحافظ على معيشتهم ولقمة عيشهم، ونحن نحاول قدر المستطاع مراعاة زبائننا والبيع بأسعار الكلفة حتى نلبي الناس ونحافظ على المصنع واستمراريته بنفس الوقت، حتى تمرّ هذه الأزمة الخانقة.

وشدّد زحلان على أن المشكلة الأكبر اليوم التي تواجه هذه الصناعة هي مزاحمة البضائع الأجنبية للمنتجات والصناعات الوطنية، إذ لا توجد سياسات حمائيّة لها، مع أنّها تضاهي المنتجات الأوروبيّة، والكلّ يعرف مدى جودة هذه المنتجات والمصنوعات، إلّا أنّ المنتجات المستوردة أرهقتنا، وأثّرت علينا كثيرًا من ناحية الإنتاج والاستمرارية، مطالبًا المعنيين بوضع الخطط الضروريّة لحماية الصناعة الوطنية من أي مزاحمة أجنبيّة.

كالوباء الفتّاك تجتاج الأزمة الاقتصادية والنقدية المجتمع اللبناني بأكمله ومعه عشرات القطاعات، وممّا لا شكّ فيه أنّ قطاع الصناعة الذي كان يلبّي جزءًا من حاجة السوق المحلي وبعضًا من صادرات لبنان، أصبح اليوم في وضع صعب ومعه مئات العائلات والأسر، أمّا القيّمون عليه فلم يكلّفوا أنفسهم عناء وضع الخطط لحمايته، وإلّا ما كنّا لنصل إلى ما وصلنا إليه.

 

منير قبلان

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى