مجتمع

الأهالي العطاشى محرومون من مياه الوزاني المحرّرة؟

في العام 2002 تحدّت الدولة اللّبنانية العدو الاسرائيلي، وخطت خطوة “جبارة” لجرّ مياه نهر الوزاني لتغذية القرى والبلدات الجنوبية عبر محطتتي ضخ كبيرتين بقوة (250 kw)، وتمّ الاحتفال بهذا الإنجاز بحضور رئيس الجمهورية السابق اميل لحود ورئيس مجلس النواب نبيه بري وممثل عن رئيس الحكومة الراحل وقيادات سياسية وأمنية. واعتبر الرئيس بري حينها أنّ “هذا التدشين هو البداية وليس النهاية”. كما كرّر مطالبته برسم “خط أزرق” مائي يشمل حق لبنان الكامل بمائه وينابيعه ومياهه الجوفية.

كل هذا الانجاز لا يؤمن للبنانيين من حوض الحاصباني والوزاني “أقل من 7 ملايين م3 سنويا” يشمل ما يتم سحبه من أكثر 12 بئراً ارتوازياً، ويفترض أن يؤمن ريّ 675 هكتارا مع تأمين مياه الشفة لاربعين ألف مقيم. لكنّ هذا “الانجاز العظيم” تمّ إهمال دوره أيضاً، ليصبح في ذمّة الفاسدين، فقد أكّد مصدر معني في مصلحة مياه لبنان الجنوبي أن المضختين المذكورتين لا يتم تشغيلهما معاً بسبب ضعف الطاقة الكهربائية المخصصة لهما والناجم عن الاعتداءات المتكرّرة عليها.أ مّا “المياه التي يتم جرّها عبر أنبوب بحجم 12 انش فيتم سرقتها أيضاً، لمصلحة بلدة كبيرة في قضاء مرجعيون، التي تحصل على المياه بسعة 8 أنش بشكل مخالف للقانون، ورغم كل التنبيهات فان المشكلة لا تزال في مكانها، والبلدية وجهت تهديداً للموظف الذي طالب برفع التعدي”.

يؤكد المصدر أن “نسبة كبيرة من هذه المياه أيضاً يسرق جزء منها لمصالح أشخاص محدّدين بينهم صاحب مجبل كبير للباطون المسلّح، وعندما حاول موظفو مصلحة المياه ايقاف هذه الاعتداءات تعرضوا لتهديدات مختلفة”، مطالباً “نواب المنطقة بالتحرك لمعالجة هذه المشكلة الكبيرة التي تحرم أكثر من أربعين قرية وبلدة من الاستفادة من مياه الوزاني”.

بحسب دراسة خاصة لاتحاد بلديات جبل عامل فإنّ محطة الضخ في الوزاني تنقسم إلى قسمين “القسم الأوّل في منطقة النهر ويتم سحب المياه منها بواسطة مضختين لا تعملان معاً بسبب مشكلة الكهرباء والاعتداء عليها، والثاني في منطقة “الميسات” وفيها خمس مضخات صغيرة وخزان مياه مهدد بالانهيار”، ويؤكد أبو لواء عوالي (موظف سابق في مصلحة المياه) أنّ “الاعتداء على المياه حرم مئات المنازل من الاستفادة من نبع الوزاني الذي يعتبر البديل الطبيعي عندما تتوقف مضخات مياه الليطاني في بلدة الطيبة عن الضخ بسبب التلوّث والرمال والأعطال المتكررة”، ويطالب بضرورة “إنشاء سدّ لحصر المياه ومن ثمّ جرها عند الحاجة، بعد وقف كل التعديات، اضافة الى تغيير محوّل الكهرباء، وبناء خزان جديد وانشاء شبكة كهرباء خدماتية خاصة بمحطة مياه الوزاني وفصلها عن الأحياء بعد ازالة كل التعديات، وعدم تشغيل الآبار الارتوازية الخاصة منها”.

بحسب عوالي فإنّ “كلفة وضع محطات ضخّ اضافية في الوزاني ليست كبيرة نسبة إلى فائدتها ، واذا تم ذلك سيؤمن المياه لمعظم قرى وبلدات المنطقة، لكن لا نعلم لماذا لم يفعل المعنيون ذلك، رغم دفع ملايين الدولارات على الآبار الارتوازية ومشاريع نقل المياه في المنطقة دون أن يؤدي ذلك إلى تحسين خدمة المياه”. أحد نواب المنطقة أشار إلى “إمكانية وضع مضخات اضافية شرط أن يتم حفر بركة كبيرة في النهر في مكان الضخّ”. ما يعني أنّ هذا الحلّ ممكن وسهل التحقيق، في الوقت الذي ترتفع أصوات الأهالي عالياً، كل سنة، للمطالبة بوصول المياه إلى منازلهم، ويقول محمد قطيش، أحد أبناء بلدة حولا، التي تعاني سنوياً من انقطاع المياه، أنّ “شراء المياه النظيفة باتت تكلّف صاحب المنزل حوالي مليوني ليرة لبنانية شهرياً، ما يعني أنّ على الموظف أن يدفع كامل راتبه للحصول على المياه فقط”.

الجدير ذكره أنّ “نهر الوزاني هو من روافد نهر الحاصباني، ويشكل الحدود الجغرافية بين جنوب لبنان ومنطقة الجولان السورية المحتلة، طوله 20 كلم ويجري خمسة كيلومترات في الأراضي اللّبنانية قبل أن يتابع مجراه في فلسطين ليصبّ في بحيرة طبريا. وتقدّر مصادر مياهه بحوالي 4500 مليون متر مكعب سنويا يذهب منها هدرا  حوالي مليوني متر مكعب، ومن الكمية المتبقية هناك مليوني متر مكعب للأستخدام والباقي (500 مليون مترا مكعبا) هي عبارة عن مياه جوفية.

 

داني الأمين

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى