مجتمع

أكبر عملية نصب للسيارات في الجنوب!

“الثقة والأمانة”، على مدى سنوات طويلة، كانت سبباً لأكبر عمليات النصب والاحتيال التي تعرّض لها آلاف المواطنين في لبنان، من الذين حاولوا مواجهة جمود سوق العمل باستثمار أموالهم، أو القيام بعمليات تجارية تدرّ عليهم الأرباح المالية، ودائما كانوا يدفعون الثمن.

قبل عدّة أيّام وقع أكثر من عشرة مواطنين في فخّ “الأمانة” ، خسروا معاً حوالي 4 مليارات ليرة لبنانية. معظم هؤلاء من تجّار السيارات المستعملة. أحدهم حسين سلطاني الذي يشكو من الأزمة المالية التي وقع فيها، بعد أن وثق بتاجر السيارات جعفر ج ، مواليد العام 1981، المقيم في بلدته الصوانة ( مرجعيون) فيقول “تعاملت أنا وعدد من تجار السيارات في البلدة مع جعفر، الذي كان يأخذ منا الأموال ويشتري لنا السيارات من طرابلس وغيرها، ونحن نبيعها مقابل تقاسم الأرباح”.

ويشير عدد من أبناء الصوانة إلى أنّ “الأموال المسروقة من البلدة من قبل جعفر تزيد على 400 مليون ليرة”، كان الوقت كفيلاً بحصول الثقة بين جعفر وأبناء الصوانة، خصوصاً أنّ جعفر متزوّج من البلدة ويقيم فيها. إلى أن “حلّت المصيبة” كما يقول سلطاني، الذي “قدم سيارته، من نوع، رانج روف، إلى جعفر ليل الجمعة الفائت، على أمل أن يحصل على ثمنها في اليوم التالي، لكن ذلك لم يحصل”.

يوم الأحد الماضي، تبلّغ جميع المتعاملين مع جعفر نبأ اختفاء هذا الأخير، لينكشف على التوالي عدد المتضررين، الذين كان من بينهم عدد من أقرباء جعفر وأصحاب معارض كبيرة للسيارات،.

أحد أصحابها في مدينة طرابلس هو أبو علي  البرغشوني، الذي قال “أنّ تصرفات خضر السابقة توحي بالثقة، فكان يأتي إلينا دائماً ونقدم له ما يريده، إلى أن حصل على عدد من السيارات، التي كان يسدّد ثمنها بموجب سندات دين تستحق تباعاً، لكن في الأيام الأخيرة بدأ يتهرّب من الدفع، وعند اتصالنا به يقدم الاعتذار ويعدنا بالدفع إلى أن أقفل هاتفه واختفى”.

يشير أبو علي إلى أنّ “المبلغ المستحق على خضر يفوق الـ 100 ألف دولار أميركي، وقد تواصلت مع أقربائه في بلدة الصوانة، ولم أتمكن من الحصول على أيّ مبلغ مالي، وأنا لي شركاء يحتاجون إلى المال، ولا أستطيع كبت غضبهم، لذلك على القوى الأمنية أن تتحرك بسرعة”.

كما أفاد صباح مشيك، صاحب معرض للسيارات في النبطية، بأنّ “جعفر الذي وثقنا به منذ عدّة سنوات، سرق 13 سيارة من المعرض قبل أن نعلم باختفائه”، مشيراً إلى أنّ “المعلومات الأخيرة تبين أنّ جعفر يعطي السيارات للتجار الصغار في محيطه السكني، ويأخذ الأموال، إلى أنّ جمع أموالاً طائلة وولى هارباً، قبل أن يسدّد لنا حقوقنا”.

تعمل القوى الأمنية اليوم على البحث عن جعفر، لكن دون جدوى، رغم أنّ جعفر ترك خلفه عائلات مفلسة تبحث عن مورد رزق جديد لإطعام أطفالها. حادثة السرقة هذه ذكّرت أبناء المنطقة بأحداث مشابهة وقع ضحيّتها المئات لا بل الآلاف من المواطنين، كان آخرها ما حدث لأكثر من 6 آلاف مودع في “مؤسسة الأمان لتداول المعادن الثمينة”.

من الذين طالبوا المؤسسة باسترداد أموالهم التي استثمروها في شراء “أونصات” وليرات ذهبية، رهنوها لدى المؤسسة مقابل فوائد مالية شهرية. تقول المتضرّرة خديجة مسلماني، أن “إقفال القضاء للمؤسسة بالشمع الأحمر منذ شهرين، لم يعد يفيدنا شيئاً، لأنّ أموالنا وحقوقنا تبخّرت، ولم نسترجعها، لقد وثقنا بالمؤسسة وأصحابها، لنصبح من الفقراء والمحتاجين”. وتذكّر مسلماني بأنّ ما حصل لها حصل للعديد من الموظفين والعاملين بكدّ من أجل مستقبل أولادهم. وتذكّر بأنّ “أبناء المنطقة تعرّضوا مراراً لعمليات احتيال ونصب من الذين وثقوا بهم، ومرّت سنوات ولم يستعيدوا حقوقهم، كما حصل عند اعلان إفلاس التاجر صلاح عز الدين، اذ خسر الكثيرون ثرواتهم ومنازلهم ولم يستعيدوها حتى الأن”.

 

داني الأمين

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى