ميديا وفنون

“Vis a vis” دراما السجون خرجت من السجن في موسمها الأخير فتاهت

زوليما زاهر رافعة عملٍ متهالك متهاوٍ

في موسمه الخامس، أراد صنّاع المسلسل الإسباني vis a vis استثماره حتى آخر قطرة نجاح، إلا أنه انطلق مجرداً من كل عناصر قوّته، متكئاً على سحر شخصية زوليما زاهر ( نجوى نمري) التي كانت رافعة عمل متهاوٍ، وقصة أقحمت عنوةً على مسلسل السجون الذي انتهى عند موسمٍ رابع كان أقوى المواسم بخروج كل بطلاته من السّجن، ليأتي موسم خامس بعنوان “الواحة” باهت لا يمتّ إلى نجاح المواسم السابقة بصلة.

ليست المرّة الأولى التي يُستثمر فيها نجاح مسلسل عبر اجترار أجزاء وافتعال سيناريوهات، وإقحامها عنوةً على القصّة الأساسيّة وإخراجها من سياقها، وإضاعة حتى الملامح الأساسيّة لشخصيات الأبطال.

المسلسل بدأ عرضه عام 2015، في سجنٍ للنساء، بعد أن بات لدراما السّجون هيبتها، إذ لا يزال فيلم السّجون الشّهير The Shawshank redemption الذي عرض في تسعينيات القرن الماضي، يتربّع على عرش الأفلام التي حازت على أعلى تصنيف في IMDB مع 9.3/10، ويحتل المرتبة الأولى في كلاسيكيات السينما الأميركية.

في إسبانيا، تتحوّل ماكارينا فجأة، من مجرد موظّفة في شركة ترتبط بعلاقة عاطفية مع المدير، إلى سجينة متورّطة بقضايا مالية، تدخل إلى السّجن وتتعقّد أمورها هناك، حيث تنغمس في حياة السّجون وتتعرّف إلى زوليما زاهر التي تلعب دورها الممثلة ذات الأصول الأردنية نجوى نمري.

بين زوليما وماكارينا تنشأ علاقة عداوة وانتقام فصداقة، فعداوة، وتتأرجح العلاقة بين مدّ وجذر، ترتبطان بمصير واحد وتدرك كل منهما أنّ لا غنى لها عن الأخرى.


في الموسمين الأوّلين، كانت علاقة حب ماكارينا بحارس السجن بابلو تخفّف من أجواء السّجن القاتمة، إلا أنّ الموسم الثاني انتهى، وبعدها بثلاث سنوات، قرّر صنّاع العمل إطلاق موسمٍ ثالث، تبدأ أحداثه بعد أسبوع واحد على انتهاء الموسم الثاني.

ولأنّ الشخصيات تبدّلت والأمكنة كذلك، تمّ نقل السّجينات إلى سجن جديد، وأقصي بعض الممثلين من بينهم بابلو، وأقحم أشخاص جدد لم تضيفوا إلى العمل شيئاً، فترنّح الموسم حتى حلقاته الأخيرة، حتى أنّ ماكارينا نفسها أقصيت إذ أن الممثلة  ماغي سيفانتوس التي تلعب دورها كانت مرتبطة بتصوير أحد مواسم Cable Girls، فأدخلت في غيبوبة استيقظت منها في آخر حلقات الموسم.

في الموسم الرابع، وضع صنّاع العمل كل ثقلهم لإنجاحه أسوةً بالموسمين الأولين، لناحية القصة والحوارات، فكان إيقاع العمل متماسكاً من الحلقة الأولى حتى الأخيرة، وانتهى بخروج كل السجينات من سجنهن، حيث بدأن حياة جديدةً خارج قضبان السّجن، وأُسدل الستار على واحد من أنجح المسلسلات الإسبانية. أو هكذا كان يجب أن يكون، قبل أن يفاجىء صناع العمل محبّيه بأنّ ثمة موسم خامس يحمل اسم “الواحة” يجمع زوليما وماكارينا.

بدأ عرض العمل قبل أسابيع، زوليما وماكارينا تعيشان في منزلٍ متنقّل، زوليما تريد الاستمرار في حياة المغامرة بينما ماكارينا تبحث عن الاستقرار، لها ولطفلها الذي تحمله في أحشائها. لا نعرف عن والد الطفل شيئاً فهذا تفصيل ليس بالمهم. تقنع زوليما صديقتها بعملية واحدة وأخيرة وبعدها تنفصلان، السطو على حفل زفاف ابنة أكبر تاجر مخدرات مكسيكي.

العملية بحد ذاتها نقطة ضعف موسم ضعيف، لا خطّة محبوكة، ولا أداء مقنع، فقط زوليما أرادت الاستمرار في عالم الجريمة، ليضمن المشاهد جرعات عالية من الإثارة بدت مفتعلة.

المعضلة الحقيقية في هذا العمل هي الشخصيات المساندة التي تفتقر إلى العفوية. فقد استعانت زوليما بزميلة السجن “غويا”، وهي شخصية لم تكن تحظى بأي تعاطف ولا كاريزما، ووجودها في موسم خامس بدا مستغرباً، على ماذا راهن صنّاع العمل؟ ولماذا أقصيت ألبا فلورس التي شاهدناها بدور نيروبي في La casa de papel وكانت إحدى أهم شخصيات الموسم الرابع؟ بدا حضور ألبا طاغياً في المشهد الوحيد الذي حضرت فيه كضيفة شرف في الحلقة الأخيرة، عدا ذلك بدت العصابة التي شكّلتها زوليما غير متجانسة، علاقتها بماكارينا أصلاً لم تشكّل يوماً ثنائياً ناجحاً، كانتا أشبه بتوم وجيري، لا تنفصلان ولا تتعايشان، تتواجدان قسراً داخل السجن ما كان يرغمهما على التّواصل، أما خارجه فليس ثمّة ما يرغمهما على ذلك سوى سيناريو مفتعل لا يقنع حتى طفل صغير.

اقتحام حفل زفاف أخطر مجرمي المخدرات دون تخطيط بهدف سرقة مجوهرات لا تجهد السارقات على الحفاظ عليها لن يمر على خير، أراد العمل نهاية مهيبة لزوليما، نهاية عبرت إليها من خلال حقل ألغام نجحت في اجتيازه، هي نجوى نمري الممثلة المذهلة التي أجادت تجسيد دور زوليما المجرمة الظريفة الذكية المجرّدة من كل عاطفة، ورغم ذلك يتعاطف معها المشاهدون.

“واحة” vis a vis هي واحدة من الخيبات الناجمة عن تعاقب أجزاء لمسلسلات بدأت ناجحة، وحلّقت بمنحىً تصاعدي، ثم بدأت تنحدر نحو فشلٍ ذريع، تصبح معه النصيحة شاهدوا المواسم الأربعة من المسلسل أما الموسم الخامس فاعتبروه كأنّه استراحة محارب أو زلّة مجتهد… اجتهد ولم يُصب.

زينة برجاوي

زينة برجاوي

صحافية لبنانية تعمل في مجال الصحافة المكتوبة وإعداد البرامج. تحمل الإجازة في الإعلام من الجامعة اللبنانية الأميركية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى