انتخابات

خمس قصص صغيرة ومحاكاة انتخابية مع سمير جعجع

  • هل قلت إنّ هناك طفلاً من دون حليب؟
  • نعم، يبلغ عدد أفراد الأسرة ثمانية، وينتخبون في المتن الشمالي.
  • جيد جيد جيد؛ هذه ثمانية أصوات ثمينة ربحناها أيضاً؛ تأكدوا من عدم تأمينهم للحليب ودسّوا من يحرّضهم بالشكل الذكيّ المعتاد.

***

  • هل قلت إنّ الطابور تجاوز مئة سيارة أمام كل محطة في كسروان؟
  • نعم نعم.
  • رائع رائع رائع؛ إفتحوا الشمبانيا إذاً واجعلوها حفلة أو عرساً ما بعده عرس، لكن حذاري أن تأخذكم السكرة فتوقفوا الدسّ والتحريض بالشكل الذكيّ المعتاد.

***

– هل انفجرت بيروت؟

– نعم، وهناك آلاف المشردين ومئات الجرحى وعشرات الشهداء ودمار هائل.

– رائع رائع رائع؛ يا له من يوم عظيم، يا له من حظ سعيد. هذا أكثر من اللوتو بكثير؛ ابتسم لنا الحظ كله؛ ابتسمت لنا الحياة. تعالوا نرقص. لا لا، أنا أحب الدبكة، تعالوا ندبك؛ نادي على زوجتي وإدي ووهبة وشوقي وجورج وتعالوا ندبك. لكن إياكم وإيقاف الدسّ والتحريض بالاتجاه نفسه.

***

  • هل انقطعت الكهرباء بالكامل؟
  • بالكامل بالكامل، ولا مازوت لدى أصحاب المولدات. ستتوقف المستشفيات عن العمل والبرادات وينقطع الإنترنت خلال ساعات.
  • يا الله يا الله ما هذا الخير كلّه! ما هذا الحب كلّه! ما هذا الرزق كلّه. أصوات فوق أصوات فوق أصوات. احرصوا على عدم توزيع ليتر مازوت واحد أو بنزين مهما كانت الحاجة طارئة، وإياكم التراخي في الدسّ والتحريض.

***

  • دعوتكم إلى هذا الاجتماع الليلة لأقول لكم إنّها ستكون أياماً صعبة على جماعتنا أيضاً، أهلكم سيُحرمون من أموالهم أيضاً، وسوف لن يجدون حليباً لأطفالهم أو دواء، وسيُذلون ويُهانون ويُقهرون؛ لكننا قدمنا تضحيات جسام في السابق، ولا بدّ أن نقدم المزيد في سبيل أن نقهر خصمنا وننتصر عليه في الانتخابات المقبلة. المهم أن يوجه الغضب كلّه والنقمة بالاتجاه الذي تعرفونه.
  • “بأمرك معلم”، التلفزيونات والإذاعات والمواقع الالكترونية ومن جعلناهم ناشطين مدنيين والفنانات وجيوشنا الالكترونية؛ جميعهم يعملون بأقسى طاقتهم دون انقطاع للحظة واحدة من أجل تحقيق الهدف. المهم الآن هو تسجيل حالات وفاة بسبب انقطاع الأموال أو الكهرباء أو البنزين أو الدواء.
  • نعم نعم نعم؛ هذا مهم جداً، من جماعتنا أو جماعتهم لا يهم، المهم أن نوفّر الذرائع لمضاعفة اللوم وتعزيز الدسّ والتحريض.

الناس يتألمون، يئنون، يتوجّعون، ويتعذبون، فيما يسهب رئيس حزب القوات اللبنانية في حواره مع موقع المدن الاكتروني بالحديث عن الانتخابات النيابية. تمثل المقابلة اختصاراً لكل إطلالات جعجع منذ بداية الأزمة، وتجمّع في نص صغيرة كمية هائلة من النقاط التي لا يمكن تصديقها صراحة. وفي تفوّق على نظريتيه بشأن “نشأة الكون” و”اللبن الأبيض”، يقول جعجع إنّ الانتخابات النيابية هي مفتاح الحل للأزمة الاقتصادية، لأنّه “بمجرد الحديث عن الانتخابات وتحديد موعد لإجرائها سيُدخل إلى لبنان عشرات ملايين الدولارات”!

لا بدّ من التمهل في إعادة قراءة العبارة السابقة أكثر من مرة، حيث يقول صديق المجتمع المدني و”المجتمع الدولي” بوضوح إنّ الانتخابات ستؤمن ضخ مال سياسي لرشوة الناخبين، وهذا المال (عشرة دولارات لكل ناخب مثلاً) سيسمح بحل الأزمة الاقتصادية. أولئك الذين كانوا يسألون القوات عن خطتها الاقتصادية؛ هذه هي الخطة، تحديد موعد الانتخابات، فمال سياسي، فنهوض اقتصادي.

وها هو يكمل المقابلة ليتضح، أنه فيما الناس يفكرون بالدواء والمياه والكهرباء وتعليم أبنائهم والوضع الأمني، ينصب تفكير رئيس حزب القوات اللبنانية على الانتخابات، حيث يسرح ويمرح في المقابلة بالحديث عن “حتمية خروج القوات من الاستحقاق النيابي المقبل” بأكبر كتلة مسيحية نيابية، حيث ستكرّس الانتخابات القوات كأكبر حزب مسيحي.

القصص الصغيرة الخمس في الجزء الأول من هذا المقال هي من وحي الخيال وغير حقيقية طبعاً، لكنها تعكس البرنامج الانتخابي الحقيقي وغير المتخيّل للقوات اللبنانية. فحال القوات من حال عدة أفرقاء آخرين، لا يجدون أنفسهم معنيين من قريب أو من بعيد بإنقاذ ما يمكن إنقاذه، إنّما الهم والطموح هو تسريع الانهيار وتعميمه وإلحاق أكبر ضرر ممكن بالناس، بموازاة العمل الجاد لتحميل الرئيس ميشال عون وحزب الله والتيار الوطني الحر المسؤولية عن هذا كلّه.

وسواء صدّق البعض نظرية الحصار أو لم يصدّقها، ليس هنا الموضوع؛ الموضوع أنّ هناك انهياراً أسبابه كثيرة مثل الفساد والحصار والتدخلات الخارجية وأزمة الثقة الداخلية، وهناك من يهلّل لهذا الانهيار ويفرح به ويعمل كل ما بوسعه لتعزيز أسبابه وتأجيجها بدل إخمادها، مفترضاً أنه يلحق ضرراً هائلاً بخصمه.

في انتخابات 2018، رشّحت القوات اللبنانية 17 حزبيّاً فاز منهم 12، ورشّحت 25 غير حزبي أو حليف لتستفيد من أصواتهم التفضيلية فاز منهم 3. وفي المقابل رشّح التيار الوطني الحر 29 حزبياً فاز منهم 18، و31 حليفاً فاز منهم 6. ليكون المجموع 15 نائباً للقوات مقابل 24 للتيار الوطني الحر (غير الطشناق والحزب الديمقراطي وحركة الاستقلال).

لكن المهم هنا هو كيف توزّع نواب القوات وكم حصدت اللائحة وكم كان الحاصل الانتخابي، ليتضح ما إذا كانت القوات قادرة على مضاعفة عدد نوابها أو لا:

  • في دائرة بيروت الأولى، بلغ عدد الناخبين نحو 134 ألف ناخب، اقترع منهم نحو 44 ألفاً، وكان الحاصل الانتخابي الذي يسمح للائحة بالحصول على مقعد نيابي، 5248 صوت. أما مرشح القوات اللبناية الأساسي في هذه الدائرة عماد واكيم، فحصل على 3936 صوت، مقابل 428 صوت للمرشح الثانوي رياض عقل. وهنا تشير الأرقام – لا شيء آخر – إلى أنّ مجموعاً من أصوات القوات يبلغ 4364 ناخب، فيما الحاصل الانتخابي الذي يسمح للقوات بالحصول على مقعد نيابي هو 5248 صوت. وبالتالي، لو لم تكن القوات متحالفة مع النائب السابق ميشال فرعون والكتائب وأنطون الصحناوي وغيرهم ممن رفدوا اللائحة بالأصوات، لما كانت قادرة على تأمين الحاصل الانتخابي لوحدها للفوز بمقعد نيابي.

مع العلم أن القوات لا تنافس التيار فقط في هذه الدائرة، التنافس مع التيار ثانوي جداً؛ فيما هي تنافس بكل حدّية كل من أنطون الصحناوي والكتائب والنائبة بولا يعقوبيان والمجتمع المدني. فهل يمكن لأحد القول إنّها وسط كل المزاحمة مع هؤلاء ضاعفت حجمها مرتين؟ مستحيل طبعاً. ومع ذلك، فإنّ مضاعفتها لحجمها مرتين لا يسمح لها بالفوز بمقعدين نيابيين إنما تضمن الفوز بقعدها الحالي.

  • في جبيل كسروان، بلغ عدد الناخبين نحو 176 ألف، اقترع نحو 117 ألف منهم وكان الحاصل الانتخابي النهائي للفوز بمقعد نيابي 12510 صوتاً، فيما حصلت لائحة القوات بكل من فيها على 26980 صوتاً، حيث فاز مرشح القوات الأوحد في جبيل زياد حواط بـ14424 صوتاً في جبيل مقابل 17511 صوتاً لمرشحَي التيار في جبيل (سيمون أبي رميا ووليد خوري، وقد تقاسما الأصوات). وفي النتيجة هل يمكن القول إن حجم القوات اللبنانية قد نما في كسروان – جبيل خلال هذه السنوات الأربعة بمقدار نموه خلال السنوات الأربعين الماضية، فتضاعف مرتين؟ هل هذا منطقيّ مثلاً، خصوصاً أنها لا تزاحم التيار الوطني الحر فقط هنا، إنما تزاحم التيار ونعمة افرام وفارس سعيد والكتائب ومنصور البون وفريد هيكل الخازن. هل يمكن تخيلها تقتطع من شعبية كل هؤلاء عشرة أو عشرين ألف صوت؟ علمياً وانتخابياً وسياسياً وحزبياً هذا أكثر من مستحيل. هي قادرة على الحفاظ على مقعديها النيابيين بأفضل الأحوال، ولا يمكن لأي خبير إنتخابي أن يقول غير ذلك. وبالتالي كان لديها هنا مقعدان نيابيان ويمكن بأفضل أفضل الأحوال أن تحافظ عليهما.
  • في المتن الشمالي، بلغ عدد الناخبين نحو 180 ألفاً، انتخب منهم نحو 92 ألفاً، وكان الحاصل الانتخابي للفوز بمقعد نيابي 10602 صوتاً، فيما حصلت لائحة القوات المتحالفة مع شخصيات مالية وإعلامية ومدنية على 13 ألف صوت، بينهم 8922 لمرشح القوات إدي أبي اللمع. وعليه، فإنّ ترشح القوات دون مجتمع مدني ومالي، كان سيحول دون تأمينها للحاصل الانتخابي. واليوم بعد شبهات تحويل الأموال بحق ميشال مكتف، وزواج جيسيكا، وإمكانية تعاون رازي الحاج مع المجتمع المدني، وتقدم سامي الجميل في معركة المصداقية مقارنة مع سامي الجميل؛ هل ستتمكّن القوات من تأمين حاصل انتخابي في المتن؟ التحدي كبير جداً وصعب حيث يمكن القوات بأفضل أفضل الأحوال الحفاظ على مقعدها، لكن يستحيل تخيلها تأخذ من درب الكتائب والتيار والطشناق وآل المر والمجتمع المدني، أكثر من عشرة آلاف صوت إضافي لتفوز بمقعد نيابي ثاني. كان لديها مقعد متني ويمكن في أفضل الأحوال أن تحافظ عليه.
  • في بعبدا، بلغ عدد الناخبين نحو 166 ألفاً، اقترع منهم ثمانين ألفاً وكان الحاصل الانتخابي النهائي للفوز بمقعد نيابي 11195 صوتاً. وهنا كانت القوات متحالفة مع الحزب التقدمي الاشتراكي، وهو أمر غير محسوم في الانتخابات المقبلة بحكم التموضع الجديد لرئيسه وليد جنبلاط. ومع ذلك، فإنّ مرشح القوات الأوحد بيار بو عاصي حصد 13498 صوتاً، مقابل 17544 صوتاً للتيار الوطني الحر الذي قسم أصواته على مرشحيه الثلاثة (آلان عون، حكمت ديب، ناجي غاريوس). وهنا، هل يمكن القوات بمعزل عن التحالفات تأمين الحاصل الانتخابي للفوز بمقعد نيابي؟ من حركة نائبها في القضاء وحضورها ورقمها الانتخابي السابق يمكن الجزم طبعاً، نعم أكيد. هي في بعبدا أكثر ارتياحاً واطمئناناً منها في كسروان والمتن والأشرفية؛ يمكنها الحفاظ على مقعدها النيابي، لكن هل يمكن القول إنّها ضاعفت حجمها مرتين أو مرة ونصف المرة للفوز بمقعد ثاني؟ طبعاً لا. مرة أخرى يمكنها في أفضل وأسوأ الأحوال أن تحافظ على مقعدها النيابي، لكن ليس الفوز بمقعد نيابي ثاني.
  • في الشوف – عاليه بلغ عدد الناخبين نحو 330 ألفاً، اقترع نحو 173 ألف منهم، وكان الحاصل الانتخابي النهائي 10615 صوتاً. وبمعزل عن التحالفات، حصل مرشح القوات الأوحد في الشوف على 9956 صوتاً، إضافة إلى 7872 صوتأً لمرشحها الأوحد في عاليه النائب أنيس نصار، ليكون المجموع 17828 صوتاً. وبالتالي، فإنّ القوات وفي حال تقدمها الشعبي الكبير، ستكون قادرة على تأمين حاصلين انتخابيين لتضمن الفوز بمقعديها النيابيين مجدداً، لكن الحديث عن حاصل انتخابي ثالث مستحيل.
  • في عكار، تبرز الفضيحة الحقيقية حيث كان الحاصل الانتخابي اللازم للفوز بمقعد نيابي واحد 19 ألف صوت، فيما حصل مرشح القوات الأوحد عن المقعد الأرثوذكسي وهبة قاطيشا على 7911 صوت، بينهم 3156 صوت سني و1932 صوت أرثوذكسي و2126 صوت ماروني. وبالتالي، فإنّ هذا المقعد النيابي هو هدية مئة بالمئة من تيار المستقبل للقوات اللبنانية.

في وقت يؤكّد رئيس حزب القوات سمير جعجع في مقابلته أنّه “ينظر باهتمام بالغ إلى الساحة السنّية، في ظل توتّر العلاقة مع الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل”؛ ويشير إلى أنّه “غير معروف كيف ستسير العلاقة مع الحريري”. وعليه، فإنّ حفاظ القوات على مقعدها العكاري رهن قرار الحريري، حيث أن تأمينها للحاصل لوحدها أكثر من أكثر من مستحيل؛ هذه هي “سابع المستحيلات” التي سمعتم بها.

  • في دائرة البترون – بشري – زغرتا – الكورة بلغ عدد الناخبين نحو 250 ألف، اقترع منهم نحو 118 ألف، وكان الحاصل الانتخابي للفوز بمقعد نيابي 11151 صوتاً. وقد حصلت لائحة القوات المتحالفة مع الكتائب على 376 صوت، وبموجب العملية الحسابية البسيطة (37376 / 11151) حصلت القوات اللبنانية على ثلاثة مقاعد. مع العلم أنها كانت متحالفة مع الكتائب، وهو ما يصعب تكراره. ولا تنافس القوات التيار الوطني الحر لوحده هنا، إنّما تنافس كل من التيار والمردة والقومي والكتائب ووليم طوق وميشال معوض وبطرس حرب والمجتمع المدني؛ وهي تحتاج هنا إلى عشرة آلاف صوت لتضيف إلى مقاعدها الثلاثة مقعداً آخر. هل هذا ممكن؟ مرة جديدة، علمياً وانتخابياً وحزبياً، هذا مستحيل، فالمردة مستنفرين وكذلك البيوتات السياسية الأخرى والأحزاب والمجتمع المدني ورجال الأعمال وكل من سبق تعداده لديه أمبراطورية مالية وإعلام وخدمات وسفارات بتصرفه.
  • في زحلة، بلغ عدد الناخبين نحو 176 ألف، اقترع منهم نحو 94 ألف، وكان الحاصل الانتخابيّ للفوز بمقعد نيابي 11234 صوتاً، أي أنّ القوات اللبنانية كانت تحتاج إلى أكثر من 18 ألف صوت للفوز بمقعدين، لكن مرشحها الأول جورج عقيص حصل على 11363 صوتاً، إضافة إلى 552 صوت حصدها مرشحها الثاني ميشال فتوش و3554 صوت حصدها حليفها سيزار المعلوف، ليكون المجموع 15469 صوتاً، وهو ما يسمح لها بمقعد نيابي واحد، لكن تحالفها مع حزب الكتائب سمح للائحتها بالحصول على المزيد من الأصوات، لتحصل القوات بفضل أصوات الكتائبيين على مقعدين، لا مقعد واحد.

وفي النتيجة، لا تنافس القوات هنا التيار الوطني الحر فقط، إنما تنافس التيار وميريم سكاف وآل فتوش والمستقبل واسعد نكد والكتائب والمجتمع المدني والطشناق وحزب الله؛ فهل بوسع قواتيّ زحليّ واحد أن يقول إنّ القوات قادرة على تأمين حاصلين انتخابيين دون الكتائب، وتتطلّع إلى الفوز بمقعد ثالث؟ يمكن أكثر القوات حماسة الحديث عن حاصلين في حال التحالف مجدداً مع سيزار المعلوف، دون الكتائب. أما الحواصل الثلاثة فتعني هلوسة حقيقية حيث لا يمكن مرة جديدة لأي حزب في العالم أن يربح في دورة انتخابية عشرة آلاف صوت إضافيين في قضاء واحد. وعليه، فإنّ التحدي في زحلة ليس الفوز بمقعد ثالث إنّما الحفاظ على المقعدين؛ وهو تحدٍ رهن موقف سيزار المعلوف لا أحد آخر.

  • في البقاع الغربي – راشيا بلغ عدد الناخبين نحو 144 ألف، اقترع منهم نحو 68 ألف، وكان الحاصل الانتخابيّ النهائي 10733 صوتاً، أما المرشح المدعوم من القوات اللبنانية هنري شديد فحصل على 1584 صوت فقط. وبالتالي، فإنّ هذا المقعد هو هدية إضافية من تيار المستقبل والحزب التقدمي، ولا يمكن القوات التفكير بالحصول عليه مجدداً إلا كهبة من تيار المستقبل.
  • في بعلبك – الهرمل، بلغ عدد الناخبين نحو 316 ألف، اقترع منهم نحو 190 ألف، وبلغ الحاصل الانتخابي الضروري للفوز بمقعد نيابي واحد 17635 صوتاً. أما مرشح القوات اللبنانية النائب أنطوان حبشي، فلم يحصل سوى على 14858 صوتاً. وبالتالي، فإنّ فوز القوات بالمقعد النيابي في هذه الدائرة كان نتيجة تحالفها مع تيار المستقبل ومع المرشح يحيى شمص. وعليه، فإنّ القفز من مقعد إلى مقعد آخر مستحيل، فيما الحفاظ على المقعد النيابي الواحد في هذه الدائرة رهن التحالف مع “المستقبل” وشمص.

وعليه، كعادته يخترع جعجع أخباراً كثيرة، مستفيداً من طبل وزمر مراكز الدراسات التي يفترض أن تعرض الأرقام للناس لا “الخبريات”. في وقت تؤكد الأرقام، لا شيء آخر المعادلة التالية:

يمكن القوات أن تحافظ على مقاعدها النيابية في كل من الأشرفية (1)، جبيل (1)، كسروان (1)، بعبدا (1)، الشوف (1)، دائرة الشمال الثالثة (3) وتضمن في زحلة مقعداً واحداً (1)، ليكون مجموع المقاعد المضمونة تسعة. أما مقعد زحلة الثاني ومقعدها في المتن ومقعدها في عاليه، فهم رهن التحالفات مع رجال الأعمال والحلفاء والأصدقاء. أما مقعدها في عكار ومقعدها في بعلبك ومقعدها في البقاع الغربي، فرهن علاقتها مع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري. وبالتالي، فإنّ ما يشيعه سمير جعجع شيئاً، والوقائع على الأرض شيء آخر؛ المعركة في الدوائر المسيحية ليست مع التيار الوطني الحر فقط، إنّما مع أفرقاء كثر يملكون كل في قضائه حيثيات مختلفة وقدرات وعلاقات. عملياً، لا يوجد دائرة واحدة يمكن لسمير جعجع أن يقول إنّ تمثيله فيها سيرتفع من نائب إلى نائبين، فيما هناك أكثر من دائرة يمكن سمير جعجع أن يخسر تمثيله فيها سواء إذا قرر تيار المستقبل ذلك أو إذا لم يجد الحلفاء المناسبين. حتى ذلك الحين، يمكنه مواصلة الشماتة بمصاب اللبنانيين والفرح والسعادة بكل ما يصيبهم، على اعتبار أن الأزمة وكل ما يصيب الناس، إنّما يخدمه انتخابياً ويضرّ بخصمه، متوهماً أن خصمه هو التيار الوطني الحر فقط.

غسان سعود

 

غسان سعود

كاتب وصحافي لبناني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى