منوعات

هكذا تُسعّر صفيحة البنزين في لبنان ولهذا السبب ارتفع السعر إلى 70 ألف

أصدرت وزارة الطاقة والمياه جدول تسعير المحروقات نهار الثلاثاء الماضي بعد بدء سريان رفع الدعم الجزئي عن المحروقات واعتماد الدعم على أساس سعر صرف 3900 ليرة للدولار الواحد، فأصبح سعر صفيحة البنزين 61 ألف ليرة، وسعر صفيحة المازوت 46 ألف ليرة، ولكنها عادت وأصدرت جدولاً مختلفاً اليوم صباحاً جعلت بموجبه سعر صفيحة البنزين 70 ألف ليرة، أي بزيادة 9 آلاف ليرة، وسعر صفيحة المازوت 54400 ليرة لبنانية، أي بزيادة بلغت أيضاً حوالي 9 آلاف ليرة، فأين مكمن الخطأ؟

أخطاء بالجملة تقوم بها وزارة الطاقة، والحجة هي أنها تعرضت للضغوطات لإصدار جدول الأسعار الثلاثاء الماضي، رغم أن مديرية النفط ردّت في لبنان الثلاثاء أكدت فيه عدم وجود خطأ في التسعير، ولكن يبدو أن الكلمة الفصل كانت للشركات لا للدولة.
تُشير مصادر مطّلعة على القضية إلى أن الخطأ برز من خلال عدم الإلتفات لبعض المصاريف التي تتكبدها الشركات المستوردة للنفط بالدولار النقدي، ومنها مصاريف تتعلق بعلاقتها بالمصارف بالخارج، وتكاليف انتظار البواخر في الموانىء، فتم احتساب الأسعار الجديدة دون احتساب هذه التكاليف التي كانت تُشكّل جزءاً من سعر المحروقات بالسابق.
زار وفد من أصحاب وممثلي الشركات المستوردة للنفط مديرية النفط نهار الثلاثاء، وعُقدت اجتماعات مكّثفة يوم أمس مع المعنيين بوزارة الطاقة لوضع التسعيرة الجديدة، وفي الفترة الفاصلة بين الثلاثاء والخميس كانت المحروقات تُوزّع بالقطّارة على المحطات.

طريقة التسعير
إن هذا الواقع يقودنا نحو سؤال وجودي: كيف تُسعّر المحروقات في لبنان؟
لا يظهر جواب هذا السؤال من خلال موقع وزارة الطاقة، فهي تكتفي بعرض السعر النهائي لكل نوع من أنواع المحروقات، إنما بعد البحث نعرض أمامكم طريقة التسعير والأرقام التي كانت سارية منذ أيام عندما كان سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 43500.
في البداية تكلفة الصفيحة (ثمن البضاعة التي تبيعها الشركات المستوردة) هو 16590 ليرة، الرسوم على كل صفيحة (وهو ما سنتحدث عنه قليلاً) 5060، وكان هناك عمولة إضافية مؤقتة هي 10 بالمئة غير مدعومة من المصرف المركزي، 12000 ليرة (أي 0.75 سنت عندما كان دولار السوق السوداء 16 ألف ليرة، وبالتالي تكلفة الصفيحة بالدولار هي 15.04، تُباع الصفيحة إلى الموزع بمبلغ 33650 ليرة، يُضاف إليها اجرة نقل هي 1540 ليرة لكل صفيحة، فتُباع الصفيحة للمحطة بمبلغ 35190، يُضاف إليها جعالة صاحب المحطة وهي 4000 ليرة للصفيحة، فتصبح 39190، واخيراً تُضاف الضريبة على القيمة المضافة 11 بالمئة، فيصبح المجموع 43500 ليرة.
أما اليوم فيجب ضرب مبلغ 15.04 دولار للصفيحة بـ 3900 للدولار، ويُضاف إليها كل الإضافات الأخرى، فتكون النتيجة 71250 ليرة للصفيحة، والفارق يكون قد نتج عن السعر الأساسي للصفيحة والذي يتغير بحسب الأسعار العالمية.

ندفع ضريبة غير موجودة
يكشف مدير عام الإستثمار السابق في وزارة الطاقة غسان بيضون، في حديث لـ”أحوال” عن وجود ثغرات في التسعير تجعل المواطن يدفع ثمن “ضريبة” لم تدفعها الشركات المستوردة للنفط، فتصبح أرباحها أكبر، وكل ذلك بعلم مديرية النفط ووزارة الطاقة والمياه. ويستند بيضون إلى تقرير صادر عن ديوان المحاسبة يطلب فيه منذ العام 2015 أن تلتفت وزارة الطاقة لحصول شركات مستوردة للنفط على أرباح غير مشروعة بسبب تضمين الضرائب الجمركية على السعر في لبنان، والشركات لم تدفع أصلاً الضرائب لوجود اتفاقات بين لبنان والدول التي يُستورد النفط منها، طالبة ان تعود الأموال لصالح الإدارة.
كذلك يكشف عن كتاب من المجلس الأعلى للجمارك عام 2017 لنفس الغاية، وأيضاً لم يتم التعامل معه كما ينبغي. ويشدد بيضون على أن واجب الدولة في هذه الظروف أن تُعفي المواطنين من الرسوم على المحروقات في هذه الأزمة، ولكن ما تفعله الوزارة هو العكس تماماً إذ لا تزال تحصّن طريقة التسعير بسرية تامة.

 

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى