منوعات

المهندسون يرسمون بناء التغيير… النقابة تنتفض فتنتصر

النقابة تنتفض فتنتصر وتُغيّر وجه العمل النقابي في لبنان وتُشيّد البناء الأول بعيداً عن الجسم السلطوي. المهندسون في كافة قطاعاتهم، بنوا تحالفاً صلباً من المجموعات المدنية وحققوا فوزًا ساحقًا، في انتخابات نقابة المهندسين، على مرشحي الأحزاب في ستة فروع ما عدا فرع واحد تحتله السلطة ضمن دائرة موظفي الدولة، وهو حصان طروادة الذي ثبتّت فيه السلطة وجودها كما كل الإدارات والمؤسسات والنقابات التي تراهن عليها للفوز.

لكن رهانات السلطة بدأت تهتز، وهي رغم اقتتالها في كافة الميادين وفي ملف تشكيل الحكومة مثلاً استطاعت أن تشد عزم رباطها. فالقوات اللبنانية التي ترددت في إعلان اتفاقها مع الأحزاب الأخرى، تحالفت مع الأحرار وبهاء الحريري من جهة ومع التيّار الوطني الحر المتحالف مع غريمه تيّار المستقبل من جهة أخرى. وانضم إليهم الشقيقان حركة أمل وحزب الله وأيضاً الحزب التقدمي الاشتراكي. الكل اتحد في هندسات عجيبة غريبة بمواجهة القوى المدنية التي تمكنت من حشد الناخبين في مشهد هو الأول في تاريخ الانتخابات النقابية.

من أجل التغيير وإصلاح آثار الانهيار التام حرّر المهندسون نقابتهم موحدين الصفوف على أمل أن ينسحب هذا التحرير على كافة مؤسسات الوطن في انتخابات نيابية تُقصي رموز الفساد التي قادت لبنان إلى هذه الأحوال الجهنمية.

في يومها الانتخابي الطويل، خاضت نقابة المهندسين معركة كسر عضم بين لائحة الاحزاب من جهة ولائحة المعارضة من جهة أخرى. النقابة تنتفض نقابة ولدت من رحم ثورة ١٧تشرين من أجل التغيير، في بلد أبادته السلطة السياسية وأحزابها، ودمرت موارده الطبيعية والبنى التحتية فيه.

وبحسب النتائج الصادرة انتصرت قوى منبثقة عن حراك ١٧ تشرين المتمثلة بـ”النقابة تنتفض” في المرحلة الأولى من انتخابات نقابة المهندسين في بيروت في الفروع وهيئة المندوبين. وتبقى المعركة الأكبر والأهم في انتخابات النقيب و١٠ من أعضاء مجلس النقابة في ١٨ تموز.

وسارت العملية الانتخابية وسط إقبال كثيف خصوصًا من الفئات الشبابية وبلغ عدد المقترعين 8008، فيما كانت تقتصر في السنوات الماضية على ما لا يتجاوز الـ3000 مقترع.

الارتباك والغموض كان لافتاً قبيل ساعات من بدء النزال الانتخابي، ونشطت مفاوضات اللحظة الأخيرة لتبادل الأصوات بين المكونات الرئيسية المرشحة، وبرزت اتهامات متبادلة بوجود مرشحين حزبيين ضمن مجموعات مستقلة وعملية تشويش طيلة اليوم الانتخابي.

لكن محاولات شق الصفوف لم تنجح في كسر هدوء العملية الانتخابية وانسيابيتها، وفاز تحالف “النقابة تنتفض” في رئاسة الفروع الثلاثة (الأول والثاني والسابع)، من أصل أربعة في انتخابات نقابة المهندسين في بيروت، فيما حقّق التحالف الذي يضم تيار المستقبل وحزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، فوزاً في الفرع السادس.

والفروع هي: الفرع الأول: المدنيون الاستشاريون، الفرع الثاني: المعماريون الاستشاريون، الفرع الثالث: مهندسو الكهرباء، الفرع الرابع: مهندسو الميكانيك، الفرع الخامس: المتعهدون والشركات، الفرع السابع: الزراعيون وباقي الاختصاصات. أما في الفرع السادس: فرع المهندسين الموظفين والمتعاقدين في القطاع العام فقد فاز تحالف تيار المستقبل وحركة أمل وحزب الله والقوات والإشتراكي والتيار الوطني الحر.

وأعلنت هيئة شؤون الإعلام في “تيار المستقبل”، فوز مرشح التيار محمد علي الحجار في انتخابات نقابة المهندسين لرئاسة الفرع السادس، وقد حل أولا”. وكان “المستقبل” أعلن منذ أسبوع ترشيحه المهندس باسم عويني لمنصب نقيب المهندسين للانتخابات المقرّرة في 18 تموز. ولاحقاً، أعلنت هيئة شؤون الإعلام في تيار المستقبل أن “مرشحي “المستقبل” فازوا في انتخابات هيئة المندوبين في الفروع الرابع والخامس والسادس في نقابة المهندسين – بيروت.

أما انتخابات هيئة المندوبين التي أجريت في الفروع السبعة، فتصدّرت كذلك “النقابة تنتفض” انتخابات الفرع الأول والرابع بفوز كامل، والفرع الثالث بأكثر من ضعف عدد الأصوات، والفرع السابع بضعفي عدد الأصوات. وتمّ اختيار 283 مندوباً. وسيتم انتخاب نقيب المهندسين وأعضاء مجلس النقابة العشرة، في 18 تموز المقبل.

وكانت أعلنت “النقابة تنتفض”، عن مرشحيها للمرحلة الأولى، بتقديمها 231 مرشحاً على الفروع السبعة في مجلس المندوبين، بالإضافة إلى عشرين مرشحاً لرئاسة الفرع الأول والثاني والسادس والسابع.

وتحالف “النقابة تنتفض” مع “جبهة المعارضة اللبنانية” يضم: حزب الكتائب، حركة الاستقلال، خط أحمر، حزب تقدّم، لقاء تشرين، عامية 17 تشرين، نبض الجنوب، رابلز، تجمع مواكبة الثورة، مجموعة ثوار عكار واتحاد ثوار الشمال. وكانت رفضت ترشيح أي حزبي ضمن لائحتها من أجل “تثبيت مبدأ الشفافية وإحداث تغيير ديمقراطي سلمي داخل النقابة”.

الخريطة الانتخابية التي رسم خطوطها المهندسون كانت استقرّت على لوائح ثلاث متنافسة في معركة الانتخابات، حيث خاض المستقلون الانتخابات في لائحتين مستقلتين، واحدة تحت مسمى “النقابة تنتفض”، مدعومة من الحزب الشيوعي وحزب الكتائب ومواطنون ومواطنات في دولة ومجموعات من 17 تشرين، وأخرى تحت اسم “المهندس أولا – الثورة النقابية المستقلة”، وذلك إلى جانب اللائحة المدعومة من أحزاب “السلطة”.

الفائز في انتخابات الفرع الأول في “النقابة تنتفض” المهندس جوزف مشيلح رأى أن الانتصار هو رسالة أمل للتغيير في لبنان. ولفت إلى أنّ أهمّ ميزات الائتلاف الفائز هو عمله الجدي تحضيراً للانتخابات منذ شباط 2020، قبل تأجيل انعقادها في آذار 2020، لذلك فإنّ “النقابة تنتفض” ليست وليدة ظرف انتخابيّ. واعتبر مشيلح “ائتلاف “النقابة تنتفض” بمثابة “نقابة رديفة” تدرس كلّ الاختصاصات، وتضع أوراق عمل في المجالات الانتخابية النقابية، وكذلك الوطنية، في ملفات المياه والطاقة والموارد، لأنّ هدفنا استعادة دور نقابة المهندسين في الإطارين المهني والوطني”.

من مميزات لائحة “النقابة تنتفض” حرصها على ضمّ أكبر عدد من السيّدات ذوات الكفاءة لإعطائهن الصوت النقابيّ الفعّال، الذي يعكس دور المرأة في مجال مهنيّ له أفكار نمطية، فيما تعكس الأعداد والكفاءات حجماً ودوراً للمرأة المهندسة. ورأت المهندسة الفائزة ألين فليحان أنّ الائتلاف وضع ثقته بالمهندسات السيّدات لأنه يستمدّ روحيته من انتفاضة 17 تشرين، التي صنعها النساء والشباب وأن هذا التغيير سيعم لبنان عاجلاً أم آجلاً. معتبرةً أن “استعادة النقابة من المافيات الحاكمة واجب”.

وما ميّز انتخابات اليوم هو فوز المهندس بول نجار والد الطفلة ألكسندرا التي قضت في انفجار مرفأ بيروت، الذي اختار الترشح على لائحة المعارضة التي تتهم السلطة بمختلف مكوناتها

بالوقوف وراء الانهيار الذي يعيشه لبنان. بول الذي يريد لهذا الاستحقاق أن يكون بداية محاسبة قتلة الكساندرا وأكثر من 200 لبنانية ولبناني.

الرهان على توحيد صفوف المعارضة بوجه المنظومة الحاكمة والانتصار اليوم هو نبذة صغيرة عمّا يمكن لقوى التغيير أن تفعل في تبديل سيطرة الأحزاب السلطوية على العمل النقابي في لبنان. فهل ينسحب السقوط على الانتخابات النيابية وعلى وجه الحكم في لبنان أم أنه لا يمكن تكبير الحجر؟

انتخابات نقابة المهندسين يعوّل عليها لاستشراف مسار البلد. لكن هل يكفي ذلك للانقضاض على المنظومة الحاكمة؟ ربما لا ولكنها تبقى دلالة على هدم أعمدة التسلّط السياسي الذي قاد لبنان إلى الانهيار.

للإطلاع على النتائج كاملة.. إضغط هنا

 

 

 

 

رانيا برو

صحافية وكاتبة لبنانية. عملت في مؤسسات اعلامية لبنانية وعربية مكتوبة ومرئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى