منوعات

المثالثة السياسية تلوح في الأفق

تاريخ ما بعد البيانات والبيانات المضادة ليس كما قبله، فانفجار السقف السياسي بين الأفرقاء السياسيين سيكون له تبعات قريبة، متوسطة وبعيدة المدى.

في القريب، لا حكومة في الأفق والأخطر أن منزلقًا خطيرًا يتحضّر له لبنان خلال الأيام القادمة، سيكون له أثر أكيد على مختلف التطورات والتبدلات. هذا القريب ظهر ظلّه فأظلنا بظلّه، وسيبدأ يغطي سماء الوطن بسحابة سوداء ستتمدّد حيث لم يجرؤ أحد، أو بمعنى آخر حيث يسعى البعض من خلال تعنّته أن يوصلنا.

هذا القريب هو عبارة عن غرفة مجهّزة بمجموعة من أجهزة الإنعاش التي تمّ وضع الوطن تحت رحمتها، والغرفة هي حيث يرقد الوطن بعد موت فرص تشكيل الحكومة.

المدى المتوسط هو مرحلة تكليف ما بعد سعد الحريري، وبمعنى آخر المرحلة السياسية التي ستأتي بعد اعتذار سعد الحريري وانتهاء الفوضى، والتي قد تنجم عن ارتفاع أسعار البنزين والدواء وكل ما سيطاله رفع الدعم المرتقب في المرحلة القادمة. هذا المدى سيكون قاسٍ جدًا على المواطن، لكن المتعنّتين لا يبالون بما سيحدث، فسيكون المدى الأصعب حيث سيأتي من بعد تشكيل حكومة انتخابات قد يرأسها طرف غير سياسي برضى الأطراف السياسية، ومن ثم ندخل مرحلة المال السياسي الذي سيجتاح الوطن، ليكون لبنان دخل بحبوحة المعارك المرتقبة في مرحلته الأخيرة.

المدى البعيد هو ما بعد الإنتخابات النيابية التي ستعطي مجلس نيابي منقسم على نفسه وفريد من نوعه في الحياة السياسية، ويمكن القول إن مثالثة مرتقبة تلوح في الأفق، هذه المثالثة ستكون سياسية وليست طائفية لأن البرلمان سينقسم إلى ثلاثة أقسام على الشكل التالي:

القسم الأول: القوى السياسية التي تدور في فلك محور المقاومة، وهذه القوى لا شك أنها ستشهد تحالفات جديدة قد يكون خارجها “التيار الوطني الحر” الذي سيستفيد من المعركة الإنتخابية، ليخوض معركة فك التفاهم مع “حزب الله” من أجل استعادة العصب العوني.

القسم الثاني: تحالف ما تبقى من “ثورة الأرز” مع حلفاء جدد من الشارع المسيحي الذي سيحقّق خرقًا لشخصيات مستقلّة أو متحالفة فيما بينها، كـ”نعمة فرام” و”شامل روكز” و”ميشال معوض”.

القسم الثالث: فريق “التيار الوطني الحر” الذي سيُستحدث بخطاب يعطيه موقع متجدد بعد زوال الخطاب السابق، وذلك لدواعٍ سياسية.

هنا يتساءل البعض عن الدور السني في المرحلة القادمة، ولكن الواضح أن قسم من السياسيين السنة سيلعبون لعبة الحكومة، وبالتالي قد نرى سعد الحريري يتموضع حيث يأخذ رئاسة حكومة مقابل تقدّمه بتعهدات لمعركة رئاسة الجمهورية. كل ذلك دون أن ننسى أن جزء من الشارع السني سيكون ضمن القسم الأول حيث موقعه الطبيعي في الخط الوطني المقاوم للإحتلال الإسرائيلي.

لقد تحدّث البعض عن مثالثة طائفية في مرحلة سابقة من أجل اتهام السنة والشيعة بتقسيم البلد، لكن حقيقة الأمر أن المثالثة السياسية هي التي بدأت تتشكل في المدى المنظور؛ إنه المدى البعيد بعد عام ولكنه قريب مع تسارع الزمن. فلننتظر المثالثة السياسية ونتائجها على الوطن.

زكريا حمودان

زكريا حمودان

كاتب وباحث لبناني. يحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة الصناعية من جامعة بلفور مونبليار للتكنولوجيا في فرنسا. مدير المؤسسة الوطنية للدراسات والإحصاء. رئيس التجمع الوطني للتنمية ونشر الديمقراطية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى