منوعات

هل يُقحِم “رياض سلامة” لبنان في المجهول؟

إنّها “الفوضى الخلّاقة”، التوصيف الأقرب إلى ما يُحاول حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، إقحام لبنان به من خلال قراراته “المتخبّطة”.

يعيش لبنان اليوم حالة من الفوضى المالية، بين مصرف لبنان و”معشوقيه” السابقين المصارف؛ كانت الحلقة مُقفلة وكان معهم منظومة سياسية موزّعة على المصارف بنسبٍ مئوية متعدّدة، وباتت الحلقة اليوم مفتوحة وفيها المتناحرين يتسابقون للخروج نحو حافة الخلاص التي أصبحت مكشوفة أمام المجتمع الدولي، فتوجّهت القوى السياسية من مبدأ التخفّي في الحلقة المقفلة إلى مبدأ “إذا لم تستحِ فإفعل ما شئت”.

اليوم لم يستحِ حاكم مصرف لبنان، فتجرّأ وتحدّث عن تسعيرة جديدة للدولار وهي تسعيرة رسمية ثالثة بقيمة 12 ألف ليرة لبنانية، تُضاف إلى الـ 1500 ليرة لبنانية والـ 3900 ليرة لبنانية. فماذا يفعل بذلك حاكم مصرف لبنان؟

ببساطة، لقد أعلن حاكم مصرف لبنان رفع الدعم كليًا وفرض تسعيرته الجديدة ليصبح الدولار الواحد يساوي 12 ألف ليرة، ثمّ أراد تلميع صورة قراره فوعد بفتح باب السحب من العملة الأجنبية شهريًا بقيمة 400 دولار أميركي، ما يعني أنّه يحاول تثبيت قراره على أن يساوي الدولار الواحد 12 ألف ليرة من خلال زيادة العرض من الدولار مقابل الطلب المحدود والمتمثل بما تطلبه السوق اللبنانية.

في هذه التوليفة الجديدة، سيكون أمام المصارف اللبنانية أن تتعامل مع المودعين على الشكل الآتي:

أولًا: مودع يسحب 400 دولار من المصرف مع بداية كل شهر، ويأخذها من السوق السوداء بقيمة ستتراوح بين الـ 15 والـ 20 ألف ليرة لبنانية.

ثانيًا: مودع يسحب 400 دولار ولكن بالليرة اللبنانية على سعر 3900 ليرة لبنانية.

ثالثًا: مودع يملك القدرة على تقديم طلب له على المنصة سيأتي بـ 12 ألف ليرة إلى البنك ليأخذ مقابلها دولار أمريكي ويستبدله في السوق السوداء بقيمة أعلى، وربما يتقاسم الأرباح مع أطراف تسهّل عمله على المنصة.

هذه التوليفة الجديدة هي آخر “خرطوشة” لحاكم مصرف لبنان لكي يستطيع من خلالها تنفيذ أجندته المالية الإقليمية، والتي يسعى من خلالها إلى تحسين شروط جهات إقليمية على طاولة المفاوضات بين 7 و11 الشهر الحالي، من خلال تحويل الساحة اللبنانية إلى ساحة “فوضى خلّاقة”.

زكريا حمودان

زكريا حمودان

كاتب وباحث لبناني. يحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة الصناعية من جامعة بلفور مونبليار للتكنولوجيا في فرنسا. مدير المؤسسة الوطنية للدراسات والإحصاء. رئيس التجمع الوطني للتنمية ونشر الديمقراطية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى