ميديا وفنون

ميريام فارس على “نتفليكس”… عمل دون مستوى التوقّعات هذه أبرز نقاط ضعفه

أرادت ميريام فارس من خلال الوثائقي الذي انطلق عرضه عبر “نتفليكس” مساء أمس الخميس، عودة قويّة إلى الأضواء بعد مرحلة ركود، عانت فيها المرض لأكثر من سنة، ثم جاءت الجائحة لتجمّد الأعمال الفنية، وكان لها ما أرادت.
أثار الوثائقي موجة تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، تساءل البعض ما شأننا نحن حتّى نشاهد معاناة فنانة مرفّهة داخل فيلتها في فترة الحجر؟ وأجاب البعض لم يرغمكم أحد الوثائقي هو لهواة النوع فحسب؟ لكن هل أرضى الوثاقي كما عُرض حتى هواة النوع؟
وهل نجحت ميريام في العودة بطريقة مدروسة أم أنّها عادت فحسب؟


الوثائقي يعرض تحت اسم “غدارة يا دنيا”، وهو عنوان أغنية تطلقها ميريام في ختام العمل، يتساءل المشاهد أين غدرت الدنيا بالفنانة المدللة؟ وكيف غدرت بها مقارنة بما يعانيه؟
كان بإمكانها أن تجعل الكفّة تميل لصالحها، أن تتحدث عن مرضها الذي لا تزال تحمل تبعاته، عندها كانت كل معاناة لتبدو ضئيلة أمام مرض لا يزال ماثلاً في حياتها وصوتها وذكرياتها منذ ثلاث سنوات.


في الإعلان عن الوثائقي لم تذكر ميريام كلمة “معاناة” في حديثها عن الحجر والحمل، إلا أنّ انتقاد العمل قبل مشاهدته انطلق من فكرة مسبقة أن الوثائقي سيرصد معاناة فنانة محجورة في فيلا، محاطة بحديقة وسط جيش من الخدم، تشكو لمشاهد حالها، وهو ليس ثمّة من يشكو له. من هنا كانت نقطة الضعف القاتلة للعمل.
فمع عرض الوثائقي، تبيّن أنّ الاتهامات لم تأتِ من فراغ، فقد كانت ميريام تتحدّث بنبرة حزينة، وصوت مكسور، وعينين دامعتين عن فترة الحجر، أما كيف قضت فترة الحجر فهي على الشكل التالي:


-في الفيلا حيث تقيم، خصّصت صالة ألعاب لابنها جايدن، كانت حزينة لأنّ جايدن لا يخرج من المنزل فقررت التعويض عليه، لعبت معه في الصالة، وشاهدت معه التلفزيون، وقرأت له قصصاً وسبحت معه في حوض السباحة خارج المنزل.
-لتقتل ساعات الملل الطويلة جراء الحجر المنزلي، كانت ميريام تخرج يومياً إلى حديقة منزلها، تقطف الفاكهة والخضار لتعد السلطة طازجة. قالت إنّها لم تكن تحبّ الطبخ لكن شهيتها المفتوحة خلال فترة الحمل، جعلتها تعيد النّظر وتدخل إلى المطبخ لتصبح طباخة ماهرة، تعاونها مساعدتان فيلبينيتان.
أما في الحديقة، فقالت إنّها كانت تهوى الاهتمام بالأرض والمزروعات لكنّ انشغالها بالفن خطفها من هذا الاهتمام، فعادت لتهتم بحديقتها، تقطف الورود والخضار والفاكهة الطازجة، وتلهو مع طفلها في الفسحة أمام الفيلا.


-ولأن الحمل يعني وزناً زائداً، وإنهاكاً جسدياً، ولأنّ ساعات الحجر طويلة، كانت ميريام تقضي وقتها في صالة رياضة داخل الفيلا، تمارس الرياضة حيناً والرقص أحياناً. كما كانت تسبح في البيسين مع ابنها، وأحياناً وحدها في ساعات الغروب، حيث المشهد خلاّب، بين الشمس البرتقاليّة، والجبال والوديان الخضراء المحيطة بمنزلها.
-زاد وزن ميريام ولم تعد خزانة ملابسها التي قالت إنّها كانت مكانها المفضّل في المنزل تلبّيها. أخرجت ماكينة الخياطة، وبدأت تخيط ملابس الحمل في حديقتها. هواية جميلة تذكّرنا أنّ ميريام في بداياتها، كانت تصمّم مع والدتها فساتينها، عندما لم تكن تملك ثمن فساتين جاهزة.
-في غرفة الملابس أيضاً، تخرج ميريام كل أحذيتها، مئات الأحذية من ماركات عالمية، تشكو أنّ قدميها تضخّمتا جرّاء الحمل، ولم تعد تجد حذاءً على مقاسهما.
-تنقل ميريام أجواء منزلها على طريقة الباباراتزي، لكن من يتجسّس على ميريام؟ هاتفها الخاص الذي التقطت فيه معظم الفيديوهات، مقاطع Low Quality تعرض على “نتفليكس”، تخفّف من مستوى العمل ككل. مقاطع تصلح ستوريز على انستغرام فحسب، أما تصوير عمل على طريقة تلفزيون الواقع، فلا يبرر هذه النوعية الرديئة للفيديوهات، برنامج الشقيقات كرداشيان مثال.


-أرادت ميريام نقل يومياتها مع ابنها وزوجها، لكنّها حرصت على إخفاء وجهيهما، في مفارقة غريبة، فإما أنّ تشرك الجمهور بيومياتها، وإمّا أن تخفي أمورها الخاصّة، أما أن تخفي وجه ابنها وزوجها بطريقة غير محترفة، فالأمر بدا كوميدياً، أعاد إلى الأذهان تعليق الراحلة أمل حمادة “مين ماخدة”، إذ أنّ الفيلم انتهى ولم يعرف الجمهور مين ماخدة.
-رافقت الكاميرا ميريام منذ اكتشافها خبر حملها في شباط 2020، إلى لحظة ولادتها. كانت لحظة الولادة داخل غرفة العمليات مؤثرة، هي اللقطة الأصدق في الفيديو والتي تستحق أن تؤرّخ في أرشيف الفنانة.
-جلسات تصوير لبطن ميريام الذي كبر أمام الكاميرا، كل شيء كان متوقعاً، لا عنصر دهشة ولا فضول. دارت المشاهد في دائرة مغلقة فأصاب المشاهدين الملل.
-أمام الكاميرا، تابعت ميريام تحضير ألبومها الجديد، كان القسم الأجمل في الوثائقي، حيث ظهرت ميريام نجمة متألقة، تتحدّى كل الظروف الصعبة التي قيّدت الفن في زمن الجائحة لتصوير كليب وتسجّل أغنية.


-غالت ميريام في الظّهور بصورة المرأة المغلوب على أمرها، تحدّث بحزن شديد عن إجهاضها طفلها الثاني، وإصابتها باكتئاب حاد، قالت إنّه فقدت الرغبة بالحياة سنوات، لكنّها في المقابل لم تتحدّث عن المرض الخطير الذي أصيبت به قبل سنوات، يومها غابت عن الأضواء وظلت شهوراً تعاني بصمت، وبعد عودتها كانت قد فقدت صوتها، ولم يعد هذا الأخير كما كان، إلا أنّه منحها بحّة جميلة في أغانيها، ما يطمئن محبيها إلى أنّها لم تفقد أهم أدواتها كفنانة، وهنا كان أهم عناصر الفيلم، وكان على ميريام التركيز عليه، ليستحق الفيلم تسمية “غدارة يا دنيا” عنوان الأغنية التي أطلقتها في نهايته.
-أصيب ميريام بالرشح فظنّت أنه كورونا، ظلّت أياماً محجورة في غرفتها منهارة، ابنها يقرع الباب ولا تفتح له، إلى أن قررت الخضوع لفحص PCR والاحتفال معه بالنتيجة السلبية. مقطع أثار سخرية البعض، لكنّه في العمق إن دلّ على شيء، دلّ على عمق الأزمة التي تعيشها الفنانة القلقة على صحّتها وصحّة المحيطين بها، بعد أن جرّبت المرض بأقسى أنواعه فلم تعد تتحمّل حتى الرّشح.


-كتبت شقيقة ميريام رولا السكريبت وقامت ميريام نفسها بإخراجه، من أتى بميريام إلى عالم الإخراج؟ ومن نصحها بهذه الخطوة غير المحسوبة العواقب؟ الخلل الحقيقي في الوثائقي هو طريقة إعداده وتنفيذه، إذ يبدأ وينتهي ولا يعرف الجمهور ما الهدف منه؟ ما الرسالة التي أرادت ميريام إيصالها؟ مجرد سرد يوميات؟ أو الحديث عن الحجر؟ وأي حجر يثير فضول جمهور خارج لتوّه من حجر ويريد حذف هذه المرحلة من حياته؟

نجحت ميريام اليوم في خطف الأضواء، لكنّها أخفقت في الاستفادة من هذه الفرصة، فكانت هي المنتجة والكاتبة والبطلة والمخرجة في عملٍ كان بحاجة إلى فريق متخصّص، ليكون لائقاً بمنصّة تعرض أهم الإنتاجات العالميّة.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى