منوعات

عون يُعِدّ مفاجآت رداً على تعنت الحريري

لم تصمد مبادرة رئيس مجلس النواب لأكثر من 48 ساعة أمام رياح البيانات النارية والشروط المتقابلة على ضفتي بعبدا البياضة – بيت الوسط، رغم أنّ مساعي برّي لم تتوقف، وبالتالي مبادرته قائمة بحسب ما أكدت أوساط عين التينة لـ”أحوال”. فهل تنجح مساعي ربع الساعة الأخير بإنعاش مبادرة عين التينة؟ وما هي البدائل في حال موتها؟

أشّرت وقائع مفاوضات اليومين الماضيين وحتى الساعة، بحسب معلومات “أحوال”، إلى أنّ “الأجواء سلبية وقد ارتفع منسوب التوتر إلى حد تجميد الاتصالات، ريثما يتمكن “خليلا” أمل وحزب الله من احتواء التوتر تمهيداً لاستكمال المشاورات واللقاءات مع كل من النائب جبران باسيل والرئيس المكلّف سعد الحريري”.

وشدّدت مصادر ثنائي أمل وحزب الله لموقعنا على أنّ “قرار القيادتين هو الإصرار على استئناف الاتصالات لإنجاح مبادرة رئيس المجلس لأنّها الفرصة الأخيرة للخروج من المأزق الحكومي، وإلا فالإرتطام الكبير”.

وبحسب المطلعين على مسار المشاورات الأخيرة، فإنّ الخلاف تركز على عقدة تسمية الوزيرين المسيحيين. فالحريري أصرّ خلال لقائه بري على تسميتهما، فيما أبلغ باسيل الخليلين في لقاء البياضة الأخير رفضه ذلك، مقترحاً طرح مرشحين مستقلين. فرفض الحريري وأقفلت المفاوضات عند هذا الحد قبل أن تندلع حرب البيانات.

أبو زيد: على الحريري أن يقرأ المتغيّرات في المنطقة

يكشف مستشار رئيس الجمهورية النائب السابق أمل أبو زيد لموقعنا أنّ “رئيس الجمهورية ينتظر أن يبادر الرئيس المكلّف لتقديم تشكيلة حكومية كاملة، لكنه لن ينتظر طويلاً، وهو يعد مفاجأت عدة سيفصح عنها في الوقت المناسب”. وتساءل أبو زيد: كيف يحق للرئيس المكلّف تسمية وزراء مسيحيين فيما ينكر على رئيس الجمهورية حق تسمية وزراء مسلمين سنة؟ وما علاقته السيئة بالسعودية بتأليف الحكومة؟ فإذا كانت أولويته إرضاء المملكة، فعليه أن يقرأ المتغيّرات في المنطقة لا سيّما لجهة المفاوضات الأميركية – الإيرانية حول الملف النووي والإنفتاح السعودي على طهران ودمشق”.

وحذّر أبو زيد الحريري من أنّه لن يكون جزءاً من المعادلة الإقليمية الجديدة الناتجة عن الإنفتاحات والحوارات في المنطقة، والتي قد تتطلّب رئيس حكومة مؤهلاً للإنفتاح على سوريا. فهل يستطيع الحريري لعب هذا الدور وهل تقبل سورية أصلاً؟”

مصادر مطلعة على موقف بعبدا تشير لـ”أحوال” إلى أنّ “عون لن يوقّع على مرسوم حكومة يرأسها الحريري مهما صال الأخير وجال واستهدف موقع رئاسة الجمهورية، إلا إذا تأكد عون من أنها تراعي المعايير الموحّدة والتوازنات السياسية والطائفية والأصول الدستورية”؛ متسائلة كيف سيوقّع عون على حكومة رئيسها يستهدفه بعبارات نابية ويماطل لحرق ما تبقى من عهده؟” وترى المصادر بأن “الجرة كُسرت بين عون والحريري وبالتالي حتى لو تشكلت الحكومة فالتساكن والتعايش بينهما مستحيل”.

الحجار: الحريري مستمر بالتكليف ولن يعتذر   

في المقابل، يتهم عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار باسيل بـ”السطو على قرار رئيس الجمهورية بهدف تحقيق مصالحه السياسية، وذلك بتعطيل تأليف الحكومة حتى تحقيق أهدافه وفرض معادلته”. ويلفت الحجار لـ”أحوال” إلى أنّ “المحاولات الرئاسية والباسيلية لتهشيل الحريري لن تنجح. فالرئيس المكلّف مستمر بعملية التأليف ولن يعتذر. وفي حال اعتذاره سيعقب ذلك إستقالة كتلة المستقبل من المجلس النيابي”. ويبدي الحجار استهجانه من رفض عون أن يسمي الحريري وزراء مسيحيين وهذا ما يجعله رئيساً للمسيحيين وليس للبنانيين”.

الخيارات البديلة لحكومة برئاسة الحريري

مع انسداد باب الحل الحكومي، بدأ الحديث في الكواليس عن حلول بديلة قبيل الانهيار الاقتصادي والمالي الكبير والانفجار الاجتماعي في الشارع، ومنها طرح البطريرك الراعي تأليف حكومة أقطاب الذي قوبل برفض سريع من أمل وحزب الله ورئيس الجمهورية؛

في هذا السياق، أشارت مصادر مطلعة على مسار الأحداث في لبنان لـ “أحوال” إلى أنّ استقالة نواب المستقبل أو العونيين من البرلمان تمهيداً للإنتخابات المبكرة، هو غير واقعي ويأتي من باب المناورة والضغط. ويبقى الحل الأكثر واقعية هو اعتذار الحريري وتأليف حكومة برئاسة شخصية سياسية مستقلة ووزراء مستقلين يتعهدون بعدم الترشح للإنتخابات النيابية، ومهمتها الحد من الإنهيار وإجراء الإنتخابات في أيار المقبل. لكن هذا الخيار قد لا يمنع الإنهيار، وبالتالي الوضع الصعب يحتاج إلى حكومة إنقاذ اقتصادي عاجل من شخصيات سياسية واقتصادية وأصحاب إختصاص لوقف الإنهيار، لا سيّما وأن المجتمع المالي الدولي قد لا يتعاطى مع حكومة إنتخابات لا تستطيع مفاوضة المؤسسات الدولية والإلتزام بمتطلباته.

و بحسب المصادر، يبقى الخيار الذي تحدث عنه باسيل بأن يبادر عون إلى سحب مسار التأليف من الحريري إلى بعبدا عبر طاولة حوار للأقطاب السياسية الأساسية، وبقاء الوضع على حاله واستمرار حكومة تصريف الأعمال بدورها المقيّد بالدستور حتى إنجلاء المشهد الأقليمي.

وفي هذا السياق، تعتبر المصادر أنّ “الإنسداد الحاصل للحلول في لبنان ناتج عن أن خطة وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بوبيو الذي وضعها خلال زيارته للمنطقة في صيف الـ2019 بتعميم الفراع السياسي والحكومي، لا زالت سارية المفعول في ظل غياب الملف اللبناني عن أولويات  الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته؛ وبالتالي الفريق الأميركي في لبنان المتمثل بالحريري وجعجع وغيرهم ملتزمون هذه السياسية”.

ويرى المصدر لـ”أحوال” أن “مفعول خطة بومبيو ستبقى قائمة حتى مطلع تموز المقبل، حيث ستتبلور سياسة أميركية جديدة بعد الإنتهاء من الملفات ذات الأولوية كالملف النووي الإيراني وتبلور المشهد السوري والحل في اليمن”.

محمّد حميّة

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى