ميديا وفنون

الكاتبة نادين جابر لـ “أحوال”: أكتب لأهرب من هذا الواقع الأسود

داهم أسمها الجميع فبحثنا عنها في كل ملامح شخصياتها الناجحة. من تكون هذه المبدعة التي استنفرت لها قلوب الناس ومشاعرهم والهمتهم وشغلتهم. نادين جابر كاتبة “للموت” وعشرين عشرين” و”غزل البنات” و”بلحظة ” وقريباً “صالون زهرة “. تتحدث  ل “أحوال” عن تجربتها وأبطالها واعمالها القادمة.

– هل أخذت نادين جابر حقها ومكانتها بعد الاعمال التي كتبتها مؤخراً،” عشرين عشرين” و”للموت”؟
• نعم أخذت حقي. وهذه أول مرة يأخذ الكاتب حقه إلى هذا الحد. عادة يكون الوهج للممثل الذي يظهر على الشاشة بينما فريق الإنتاج والكاتب والمخرج وكل من يعمل خلف الكاميرا يكون مهمشاً ولا يحظى بأي وهج. لكن هذه المرة نحن الذين في الخفاء صرنا حديث الناس، ولمست ذلك من تفاعل الناس عبر السوشال ميديا وكيف يعبرون عن محبتهم وتقديرهم.

– أي عبء تركه هذا التقدير ؟
* المحبة والتقدير مسؤولية . وأنا خائفة من الخطوة القادمة. خلال عرض أعمالي في رمضان كنت أعيش حالة قلق وتوتر وخوف ولم أكن أنام بشكل سليم لأن النجاح القوي يولد خوفاً أقوى، وعلي أن أكون على قدر التطلعات في الأعمال القادمة.

– هل تقولين أن لمستك ككاتبة لا تضاهى ؟
* كل كاتب له روحه ولمسته الخاصة والتميز موجود عند كل كاتب. لا أقدر أن أصف ما يميزني وما يميز سواي. هذا الفرق يحدده المشاهد الذي يتابع وهو بات يعرف روحي من خلال المسلسل الذي أكتبه. أنا من الاشخاص الذين يحبون كسر المألوف وأحكي الأمور كما هي وأحب أن أكسر المحظورات وأبتعد عن التقليدي واعمل على حبكة غير متوقعة . لدي تركيبة خاصة نتيجة متابعتي لمسلسلات أجنبية لا سيما الاسبانية منها وأحاول أن أستفيد منهم وأخرج بحوارات مميزة.

– في السابق حاول أن يصنف الكتابة وفق جنس الكاتب. هل هذا يندرج على الكتابة الدرامية؟
• الكاتب كاتب بغض النظر عن جنسه. الاحساس هو الذي يميز كلاهما سواء كان رجلاً أو امرأة. فليس بالضرورة أن المرأة تشعر أكثر أو الرجل أقل أو العكس. الخبرة والنضوج والاحساس هو الذي يعطي العمل سمته ومكانته. لكن أنا كامرأة أحب أن تكون المرأة في أعمالي قوية.

– وهل تصنفين نفسك امرأة قوية أو أن قوتك تتفجر فقط على الورق؟
• أنا اشتغلت على نفسي وقويت شخصيتي ومع خبرة الحياة والعمر ومعرفة الناس بت أقوى، وكل يوم يمر أتعلم منه إلى أن أصبحت امرأة متماسكة.

– ما زال مجتمعنا ينصف الرجل أكثر من المرأة باعتباره رقم واحد والمرأة تأتي من بعده، حتى القوانين تنصفه أكثر.  ما هي نظرتك لهذه المسألة؟
• في ظل الحياة التي نعيشها أجد أن الاثنين متساويان. لا شك هناك بيئات معينة تقول الرجل أولاً ولكن أنا لا اؤمن بهذه الأولوية لا للرجل ولا للمرأة. فهم شركاء ومتساويين وفي حياتي الشخصية أتبع هذا المبدأ.

– اشتركت مع كاتب أخر في كتابة مسلسل “عشرين عشرين “وفي “لا حكم عليه” و”عروس بيروت” و”لو”. ما الفرق بين الكتابة المنفردة والمشتركة؟ أليست الكتابة المنفردة تعطي هامش حرية أكثر وتفرد أكثر؟
• كل نهج له حسناته وانا لا اشارك الكتابة إلا مع بلال شحادات، لأن هناك تخاطر وحب بيننا ولا أحد يريد أن يلغي الأخر أو يتخطاه . فأنا لا أٌقوم بما لا يوافق عليه وهو أيضا. دوما هناك تشاور بيننا. والكتابة المشتركة رائجة جداً في الخارج فهناك كاتب متخصص في الحوارات وأخر للحبكة وأخر للحوارات الكوميدية.
هذا الديو مع بلال مفيد جداً فهو يغني المسلسل لأن هناك رأسان: رأس رجل ورأس امرأة فما أفكر فيه كامرأة لا يقدر هو كرجل أن يفكر فيه والعكس صحيح.

– انت كاتبة لك اسلوبك كيف قادرة أن تجتمعي مع اسلوب بلال شحادات؟
• لكل منا روحه المختلفة لكن نفكر معاً ونجمع روحنا معاً حتى نتجانس وتلائم الشخصيات والاحداث. ومن ثم كل واحد منا يكتب مشاهده ثم نجمع الحلقة لتخرج كاملة.

– “للموت” عمل لا يشبه سواه. بأي مزاج وما هي الحوافز التي دفعتك لكتابته؟
• هذا العمل له خصوصية عندي فشخصياته رافقتني لوقت طويل بعد كتابته. ريم قلبي وسحر عقلي. كنت أريد ديو مختلفا عما نعرفه، فهناك دوماً في المسلسلات ديو رجل وامرأة واحببت أن اخرج عن المألوف على كافة المستويات سواء في الحبكة أو الحوار أو القصة. ودخلت في موضوع النّصب وهي فكرة ليست بجديدة إلا أني طورتها وعشت في ثنايا الشخصيات لماذا ينصبون ولماذا وصلوا الى هذا الحد ودخلت في خلفياتهم ورحت إلى طفولة الانسان وكم قادرة هذه الطفولة على التغيير في حياة المرء لتجعل منه شخصاً أخر.
لطالما لفتني منظر الأطفال المتسولين على الطرقات وكنت دوماً اتساءل أين يعيشون وكيف يأكلون وينامون وهل هناك احد يشغلهم أو يستغلهم. انهم عالم بحد ذاته غريب. دخلت هذا العالم وخرجت منه بطفلتين كانتا تعيشان في الميتم ثم هربتا الى الشوارع ،واحدة لقيطة واخرى اغتصبت من والدها الذي قتل على يد الأم وبدأت معاناتهما وزادت مشاكلهما على الطرقات وظلمتهما الحياة وتركتهما للقدر بوحشة ووحدة. فمشتا في الطريق الغلط من أجل أن تعيشا وكلما كبرتا كان يكبر اسلوب النصب عندهما.

– ما هي الخلاصة التي أردت ايصالها من خلال ريم وسحر؟
• أن لا نحكم على المظاهر وما نراه من الشخص. فأحيانا خلف هذه الاناقة والجمال يوجد وجع كبير وطفولة مريرة وصراعات مدهشة.

– هل القصة هي السبب خلف نجاح “للموت”؟
• السبب هو كيف استطعت شد الجمهور من الحلقة الأولى وبات هذا الجمهور يحلل معي. فأنا هنا لعبت على المشاهد وليس معه. وهذا عادة لا يحصل في الاعمال الدرامية. كذلك جرأة الموضوع وطريقة الاخراج والممثلين وأماكن التصوير والانتاج. كلها عوامل تضافرت من أجل النجاح. فأي سقطة من هذه العناصر كان بالإمكان أن تفشل العمل.

– شخصية سحر ساحرة. بدت قادرة على كل شيء. هل اتعبتك هذه الشخصية؟
• هي امرأة فيها كل النساء وكثر قلن لي ليتني امتلك شيئاً من ذكاء وحنكة سحر. اتعبتني هذه الشخصية لأنها خليط من وجع وقوة وضعف فهي ليست قوية بالمطلق لكنها قادرة على التحكم بمشاعرها وتلعب على قلبها وعندها خبرة في الحياة. وماغي بو غصن جسدت الدور بما لا يقاس. كانت كتلة مشاعر واحاسيس حتى في صمتها كانت تتكلم. ماغي اعطت النص قوة وجرأة فزادت من عندها تعابير زقاقية.

– من أقرب لمزاجك “عشرين عشرين” أو “للموت”؟
• الأثنان أولادي. لا أقدر أن أميز بينهما. علماً كل عمل مختلف عن الاخر.

– هل لأن هذه الاعمال نجحت أردتم تقديم جزء أخر؟
• منذ البداية كنا نفكر بأن يكون هناك جزء أخر ولكن ليس من 30 حلقة بل من 8 أو عشر حلقات كحد أقصى. وهذان العملين يتحملان جزءا أخر لأن النهاية مفتوحة. لكن انا الآن لست في وارد كتابتهما لأني مشغولة بصالون زهرة لشركة الصباح من بطولة نادين نجيم ومعتصم النهار واخراج جو بوعيد.

واقعنا صعب ومأزوم وتأتي الاعمال الدرامية تعج بالقتامة والكأبة. ما رأيك بأعمال خفيفة مضحكة تبعد المشاهد عن سواد الواقع؟
• “صالون زهرة فيه هذه الروح. هو ليس كوميدياً بالكامل لكنه يجمع الدراما الى جانب الكوميديا .

– هل الكتابة عندك تأتي من مخاض أو تكتبين كمحترفة بكل هدوء؟
• الكتابة تحتاج مزاج وأبحاث. وانا قبل أن اكتب حرفاً واحداً لأي سيناريو ،أبقى حوالي 3 اسابيع اخلق فكرة المسلسل ثم أفكر في الشخصيات وتاريخها وخلفياتها وكيف عاشت وماذا فعلت وما تريد من الحياة. ومن ثم أبدأ بتحضير نفسي لدخول هذا العالم الجديد واتعرف على شخصياته واجعلهم أصحابي. ويبدأ مشواري معهم فيأكلون معي ويشربون معي وينامون معي واتماهى فيهم حد التعب والأرق واتعذب منهم ومعهم .

– هل أنت بخير؟ تكتبين بأريحية وسط كل ما يحيط بنا؟
• علينا أن نكمل رغم كل هذه الظروف الصعبة والسوداء. الكتابة أفضل هروب من هذا الواقع وهذه الاجواء. لا اريد أن افكر بالبلد وأوضاعه والسياسيين وافعالهم ولا ماذا حدث لنا في 4 أب ولا بكل ما يحدث .احاول أن افصل نفسي عن الواقع واعيش في عالم أخر حتى انسى كل هذه البشاعة التي نحن فيها.

كمال طنوس

كاتبة وصحافية لبنانية لاكثر من 25 عاماً في العديد من الصحف العربية كمجلة اليقظة الكويتية وجريدة الاهرام وجريدة الاتحاد وزهرة الخليج .كما تعد برامج تلفزيونية وتحمل دبلوما في الاعلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى