منوعات

مؤتمر “لاهور” لأسلمة لبنان.. ورقة بلا سند

تتداخل السياسة والطائفية في لبنان، إذ يعتبر البعض أن لا وجود للأولى دون الثانية والعكس، مع العلم أن فشلنا في فصلهما سيعني استمرار غياب الدولة التي تنظر للمواطن كإنسان له حقوق وعليه واجبات.
هذه المرة هناك من ربط أزمة تشكيل الحكومة الحالية بالطائفية، إذ اعتبر المخرج شربل خليل في تغريدة أن “كل ما يقوم به سعد الحريري اليوم هو لتنفيذ مقررات مؤتمر لاهور للدول الإسلامية الذي عقد عام 1979 وتقرّر فيه يومها “أسلمة الحكم في لبنان”.
نشر خليل ورقة يقول بأنها من مقررات ما أسماه مؤتمر “لاهور” وفيها القرارين اللذين يتحدثان عن “تحطيم المسيحيين والشعوب الأخرى غير المسلمة، في الشرق الأدنى، وتحويلهم إلى الإسلام قبل نهاية القرن الماضي”، كما الإشارة إلى طريقة تحطيمهم في لبنان عبر “شراء أراضي المسيحيين لإجبارهم على الهجرة”.

لا وجود لمؤتمر لاهور عام 1979
عندما تبحث عن “مؤتمر لاهور” تجد أن “قرار لاهور، والمعروف أيضا باسم “قرار باكستان”، هو بيان رسمي سياسي اعتمدته رابطة مسلمي عموم الهند أثناء دورة الثلاثة أيام في لاهور ما بين 22 و24 آذار من عام 1940، والذي دعا لإنشاء “دولة مستقلة” للمسلمين في شمال غرب وشرق الهند البريطانية، كما فُسر لاحقاً بأنها طلب إقامة دولة إسلامية منفصلة واحدة، تدعى باكستان، ما يعني حكماً أن ليس “لاهور” هذا هو المقصود بما أورده خليل.
خلال البحث عن “لاهور” أيضاً يتبيّن أنها مدينة باكستانية، احتضنت القمّة الثانية لمنظمة المؤتمر الإسلامي ما بين 22 و24 شباط عام 1974، وربما هذا التاريخ الذي يقصده خليل وأخطأ به، كون لا وجود لمؤتمر عام 1979، وما أشار إليه خليل، سبق أن ألمح له أنطوان نجم في “رسالة إلى المسيحيين”، عندما قال ما حرفيته بشأن مؤتمر “لاهور” هذا: “هل في هذا (التخلص من الوجود المسيحي) تأكيد وتنفيذ لقرار قيل إنه أتخذ في المؤتمر الإسلامي المنعقد في 22 – 24 – شباط 1974 في لاهور، الباكستان، يقضي بـ “أسلمة لبنان قبل العام 2000”.
كلمة “قيل” هنا تقول كل شيء، ففي العودة إلى التاريخ وإلى جلسة لاهور 1974، والتي حضرها ملوك ورؤساء وممثلو 37 دولة حول العالم، وبطريرك انطاكيا وسائر المشرق (لم يُذكر لأي طائفة) بصفة مراقب وكان له كلمة خلال القمة، وقراءة كل المقررات الختامية الصادرة عن القمة يتبين أن لا وجود لما ورد في الورقة المنشورة، ولأن “حسن النية” يُفترض أن يسيّرنا، فإننا ننتظر من الناشر تأكيد صحة ما نشره، وتقديم الدليل على أن الورقة هي فعلاً ورقة رسمية، خاصة أن النظر إليها لا يدل على شيء رسمي من حيث الشكل.
في المقررات التي صدرت عن القمة، وفي الشق المتعلق بالشرق الأوسط، وفي النقطة رقم 7، نوه المجتمعون بالجهود البناءة التي تبذلها الكنائس المسيحية في العالم كله وفي البلاد العربية وبصفة خاصة في لبنان، مصر، والأردن وسوريا، لتوضيح قضية فلسطين أمام الرأي العام العالمي وفي المؤتمرات الدينية العالمية، والعمل على كسب تأييدها للسيادة العربية على القدس والاماكن المقدسة الاخرى في فلسطين.
نحن لا نتبنى نفي الورقة أو تأكيدها، إنما لم نجد في التاريخ المكتوب سنداً لها، وأوردنا بعض المعطيات التاريخية ليُبنى على الشيء مقتضاه، أما بحال كانت الورقة صادرة عن اجتماع سرّي مخفيّ فتلك مسألة أخرى، وعلى من يملك الدليل بشأنها تقديمه للرأي العام

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى