منوعات
أخر الأخبار

بعد فشل فرنسا في ترويضها… السعودية ترفض كلّ الحلول

يتكرر السيناريو نفسه في ملف تكليف رئاسة الحكومة المقبلة، فما إن يتمظهر اسم أحد المرشحين حتى يُطاح به تحت ضغط المقاطعة والإحجام عنه ليُعاد خلط الأوراق من جديد، وكأنّ هناك من أشهر الفيتو على أي تسوية قد تلوح في الأفق.

وفي حين نجحت فرنسا في استخلاص موقفًا مرنًا من واشنطن تفشل حتى الساعة في ترويض موقف الرياض المعادي والرافض لمشاركة حزب الله في الحكومة. ورغم أنّ السياسة الأميركية تجاه لبنان خاضعة لتجاذب تيارَين، متشدّد ومتشدّد جدًّا، وهذا ما يفسّر التأرجح في المواقف الأميركية بين الشخصيات الدبلوماسية والسياسية المعنيّة بالملف اللّبناني، اختارت السعودية المزايدة على التيار المتشدد جدًا في السياسة الأميركية.

وفي ترجمة السلوك السعودي، طُرِح اسم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري كحلٍّ أرساه الاتفاق بين الفرنسيين والداخل اللّبناني بمباركة الأميركيين إلّا أنّ التصدّي جاء من مسقط رأس الحريري، فالاتفاق لم يرفض مشاركة حزب الله في الحكومة وهذا ما تعتبره السعودية من أبغض الحرام.

وما ان تبلّغ الحريري الرفض السعودي لطرحه حتى طلب سحب اسمه من التداول، وهو خير العالمين عمّا قد يولّده غضب المملكة، فالرجل سبق وخرج عن الطاعة لينتهي به الأمر مستقيلًا في أروقة “الريتز”. وعليه قال رئيس تيار المستقبل في بيان: “إنني غير مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة وأتمنى من الجميع سحب اسمي من التداول في هذا الصدد”.

سيناريو الحريري تكرّر مع رئيس الحكومة الأسبق تمّام سلام، فما إن مالت الكفّة لجهته سارع إلى الاعتراض. وأكدت مصادر خاصة بـ “أحوال” أن سلام رفض تزكيته لهذا الموقع باعتبار أن هذا الأمر يجب أن يحصل بمباركة المملكة العربية السعودية، وهو الأمر الذي لم يحصل، ما يمنع سلام من قبول أن يكون اسمه مطروحًا بين المرشحين لتولي رئاسة الحكومة الجديدة.

وذهبت السعودية إلى أبعد من ذلك، فهي استَبَقت أي تسمية أخرى قد تؤول إلى حل معضلة التكليف، وكشفت معلومات خاصة لـ “أحوال” أنّ السعودية وإلى جانب الحريري وسلام، أبلغت رئيسي الحكومة السابقين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي أنّه ممنوع عليهما ترؤس حكومة، تحت طائلة العقاب السياسي الشديد، وما ينطبق على الرؤساء الأربعة ينطبق على من يسمّونه.

أمام هذا الواقع يبدو الكاتب والمحلّل السياسي فيصل عبد الساتر أكثر إيجابية معتبرًا أنّه ورغم الضغط السعودي على الحريري ولاحقًا على سلام “لكن هذا لا يعني انه سينسحب على كل من سيكون في دائرة الترشيح”.

وإذ يرى في اتصال مع “أحوال” أنّ العقبة في الأساس داخلية تأخذ غطاءً إقليميًا يلفت إلى “أننا أمام تطورين؛ خطاب السيد نصرالله اليوم وخطاب العماد ميشال عون اللّيلة ربما يتبدل المعطى الدولي وربما يكون هناك اتصالات فرنسية عالية المستوى مع السعودية وأميركا وإيران”.

إلى ذلك، وقبل حسم الحريري قراره والإجهار بالاسم المقترح يتداول الإعلام أسماء أربعة وجوه سنيّة سيتم ترشيح واحد منهم، وهي وزير الشؤون الاجتماعية السابق رشيد درباس، والنائب والوزير السابق سمير الجسر والوزير السابق خالد قباني ووزير الداخلية في حكومة الحريري الأخيرة ريا الحسن”.

تعقيبًا يقول عبد الساتر: “الأمور لم تُحسم حتى الساعة ولكن المؤكد أنّ هناك طاقمًا سياسيًا أحاط نفسه بالكثير من المشكلات مع الطرف الآخر، سواء السنيورة أو ميقاتي أو غيرهما من النادي السياسي المنادى بتسميتهم عادة”، مشيرًا إلى أنّ هؤلاء رفعوا السقوف عاليًا، لذلك البحث سيكون عن أسماء من طينة أخرى لكن بتزكية الحريري.

إلى ذلك، يجد اللّاعبون أنفسَهم أمام حلّين أحلاهما غير قابل للتنفيذ، فإمّا المضي بتسمية مرشّح لا يحظى بالغطاء السنّي، وهذا ما يبدو مستبعدًا حتى اللّحظة، فتجربة رئيس الحكومة المستقيل حسّان دياب لم تكن مُشجِّعة، وإمّا الذهاب إلى حكومة لا تشمل حزب الله في صفوفها وهذا ما يبدو محالًا في ألطف الأحوال.
أمّام التعجيز الذي فرضه التعنّت السعودي، والذي يصيب أزلامها قبل الخصوم، تبقى الأمور معلّقة، فهل يذهب البلد إلى استشارات نيابية لا يتخللها اتفاق على اسم أو تنافس بين اسمين وهذا ما يُعدّ سابقة في لبنان؟ وتبقى بذلك المراوحة عنوان ملف تشكيل الحكومة إلى ما شاء الله.

نُهاد غنّام

نُهاد غنّام

صحافية تمارس المهنة منذ العام 2007، حائزة على الماستر في الصحافة الاقتصادية من الجامعة اللّبنانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى