منوعات

لهذا السبب طلب ماكرون زيارة فيروز أولاً

بين فرنسا ولبنان صداقة تاريخية وعلاقة مميزة، رغم  الاحتلال (الانتداب) قبل تأسيس الكيان. واستطاعت فرنسا المحافظة على دور مميّز في الشؤون اللبنانية على مرّ السنين، حتى أنّ دورها لم يكن مزعجاً للقوى الوطنية ومناهضي الاستعمار رغم ميلها في البداية إلى فئة من اللبنانيين، المسيحيين أكثر من غيرهم. إلا أنّ هذه الميول تطوّرت لتشمل اللبنانيين بشكل عام، تحديداً مع وصول الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى سدّة الحكم في لبنان بعد اتفاق الطائف، حتى قيل إنّ الحريري كان رئيساً في لبنان وفرنسا بنفس الوقت، مع وصول صديقه جاك شيراك إلى مقعد الرئاسة الفرنسية.

ماكرون قرّر أنّ أول لقاء له في بيروت، في زيارته الثانية، سيكون مع السيدة فيروز، الأمر الذي أثار ضجة في الرأي العام اللبناني، فما خفايا الزيارة وهذا القرار؟

لفت الخبير في الشؤون الفرنسية، تمام نور الدين، في اتصال مع “أحوال” أنّ السيدة فيروز تتمتّع  بإجماع لبناني وعربي، ورسالة الإجماع هذه هي بالتحديد ما يريد إيصاله ماكرون الى القوى السياسية اللبنانية، حيث إقترح عليهم حكومة جامعة في الزيارة عقب انفجار مرفأ بيروت. ورأى نور الدين أنّ فرنسا تتخوّف من أن تستعين الولايات المتحدة الأمريكية بحلفائها في المنطقة، تركيا واسرائيل، لمعالجة الملف اللبناني “حيث سيكون  هذا الأمر مدمراً للبنان”. ولفت نور الدين أنّ ماكرون انتزع ضوءاً أمريكياً أخضر لتتسلم فرنسا  الملف اللبناني، “ومن هنا ينبغي على اللبنانيين تلقف هذه الفرصة، وإلاّ ستكون العواقب وخيمة”. ولفت الخبير في الشؤون الأوروبية أنّ فرنسا تدفع بالقوى السياسية اللبنانية لاختيار شخصية لرئاسة الحكومة عليها “إجماع”، والإجماع هنا أشمل من حكومة وحدة وطنية، حيث أنّ فرنسا تريد شخصية تحظى بثقة محلية والأهم دولية. وكشف نور الدين أنّ السعودية لن توافق على حكومة يتواجد فيها حزب الله ولا بأيّ شكل، وبالتالي الحريري لن يترأس حكومة غير مرضى عنها سعودياً.

الدعم الفرنسي للبنان تاريخي

تجدر الإشارة أنّ فرنسا لطالما وقفت إلى جانب لبنان في كل الاستحقاقات، داخلياً أو في المحافل الدولية، ولم توفّر جهداً في مساعدته، وما انفجار مرفأ بيروت إلاّ صفحة في كتاب تاريخ علاقات البلدين المميزة. اللافت أنّ فرنسا لم ترسل وزير خارجيتها أو سفيرها أو أي مسؤول أخر بل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنفسه، للوقوف الى جانب لبنان ومساعدته في محنة لبنان الكارثية، هذا البلد شبه المعزول إقليمياً ودولياً، والذي يعاني من أزمة إقتصادية خانقة وأزمة سياسية دائمة. لبنان رأى بصيص أمل في زيارة ماكرون، الذي جال على اللبنانيين في الشارع لطمأنتهم قائلاً: ” فرنسا لن تترك لبنان وحيدا “، واجتمع بعدها بالقادة السياسيين واقترح عليهم ورقة حلول بالطريقة اللبنانية التقليدية ولكن بنكهة جديدة اصلاحية، أعطاهم  من خلالها مهلة حتى عودته في الأول من أيلول للمباشرة بالتطبيق.

واستباقا لزيارة ماكرون القادمة، أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون، بدء الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل الحكومة بنفس يوم عودته، متخطياً مطب “التأليف قبل التكليف”، في خطوة  يصفها محلّلون كإشارات إيجابية يطلقها السياسيون اللبنانيون بإتجاه ماكرون، وكان ذلك واضحاً عبر اجتماع رؤساء الحكومة السابقين وعدم إصدارهم أي بيان بعد الاجتماع كما جرت العادة.

لبنان يظهر اليوم مجدداً، أنّه غير قادر على حكم نفسه، ربما يحتاج إلى (س.س) جديدة ، ولكن “سين” سوريا مشغولة بأزمتها الداخلية، و”سين” السعودية غير راضية عن لبنان بشكل عام، والإقليم كلّه مشتعل، تحديداً مع تأزم المشكلة التركية – الفرنسية والمصرية-التركية. فماذا يحتاج القادة السياسيون اللبنانيون للتوقف عن شد الحبال ومحاولة تحقيق مكاسب وإضاعة الوقت، كي لا يصبح لبنان أطلانتس القرن الـ ٢١ ويغرق إقتصاديا بين تلاطم موجات الاقليم ؟

محمد شمس الدين

محمد شمس الدين

كاتب وناشر على مواقع التواصل الإجتماعي ومعد برامج وتقارير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى